الانترنت كمركز لمصادر التعلم

د. أحمد جاسم الساعي ; أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك ; كلية التربية – جامعة قطر ; ;

ألقت الثورة العلمية والتكنولوجية بظلالها على مجالات الحياة المختلفة مما أدى إلى انتشار الآلة التكنولوجية، وظهور الكمبيوتر وبرامجه التطبيقية، وشبكاته المحلية والعالمية (الإنترانت والإنترنت)، والتي بدورها أتاحت فرصا ذهبية لتداول وتبادل المعلومات بشكل سريع وفوري، ومعالجتها من خلال أجهزة الحاسوب  (استقبالا، ومعالجة، وتحزينا، واسترجاعا)، والتي بدورها تبلور مفهوم المعلوماتية، نسبة إلى المعلومات وتداولها، ومعالجتها إلكترونيا (Dillon, 1998، والنعيمي 2001)، الأمر الذي أدى إلى اتساع دوائر الاتصال بين الأفراد على مستوى العالم.

وقد أدى ذلك إلى بزوغ فجر الثقافة الإلكترونية وظهور صبح العالم الرقمي المليء بالمستحدثات التكنولوجية والإلكترونية المتداولة حاليا في جميع قطاعات الحياة بما فيها قطاع التربية والتعليم، وعلم المعلومات والمكتبات مثل تكنولوجيا الوسائل المتعددة، والإنترنت، والمكتبات الإلكترونية، ومراكز مصادر التعلم، والتي جاءت مكملة لمراحل نمو وتطور مفهوم المكتبات الشاملة التي أخذت على عاتقها مسؤولية تقديم خدمات كثيرة ومتنوعة وشاملة تتشابه مع خدمات مراكز تكنولوجيا التعليم، وإدارات التقنيات التربوية، وتتداخل معها في طرق تداولها وأوعية تخزينها، وكأن عملية تزاوج تمت بين المكتبات الشاملة ومراكز تكنولوجيا التعليم أدت بدورها إلى ولادة طبيعية لمراكز مصادر التعلم التي ورثت منهما الكثير من الصبغات الوراثية المتمثلة في طبيعة المهام الرئيسية والفرعية ونوعية الخدمات التي تقدمها مثل هذه المراكز، والمتعلقة بتسهيل وتيسير تداول المعلومات، ومصادرها المتنوعة.

ولذا، تتصف مراكز مصادر التعلم، وفقا لمفهومها المتداول في الأدبيات التربوية بأنها بيئات تعليمية تعلمية مواتية، تضمن حدوث التعلم، لما يتوافر فيها من مستلزمات التعلم، من وسائل تعليمية ومصادر تعلم متنوعة .. مطبوعة وغير مطبوعة، وإلكترونية وغير إلكترونية تتوافق في إعدادها وتهيئتها مع خصائص كل متعلم، وتلبي احتياجاته بغض النظر عن مستواه العلمي والثقافي، وعمره الزمني والعقلي. فهي بيئة تعليمية متوافقة مع خصائص كل أفراد المجتمع بكل شرائحه المختلفة، بما تسمح به من اتصال وتواصل، وبحث علمي منهجي، للوصول إلى المبتغى في أقصر فترة زمنية ممكنة، وفي ظل وجود كل الإمكانيات المادية وغير المادية (البشرية وغير البشرية) المسهلة لذلك.

 
وبناء عليه، فيشترط لهذه البيئة أن تتوفر فيها جميع مستلزمات الاتصال والتواصل بكل قنوات الاتصال السمعية والبصرية، وللمسية، وغيرها، وبكل لغاته اللفظية وغير اللفظية من كتب، ومجلات علمية، ودوريات، ومطبوعات ورقية وغير ورقية (إلكترونية)، ووسائل سمعية وبصرية، ووسائل تفاعلية أخرى فردية وجماعية مثل وحدات خاصة بخدمات الانترنت وما يرافقها من إمكانات مثل البريد الإليكتروني (EM)، وخدمة البحث العلمي من خلال المواقع العربية وغير العربية (العالمية)، مثل الياهو Yahoo، والــ  إم إس إن   MSN، وجوجل Google، والــ  هوت ميل Hotmail، وغيرها من المواقع والخدمات الإلكترونية. كما ينبغي أن توفر هذه البيئة خدمة الواقع الافتراضي Virtual Reality، والتعلم والإليكتروني E-Learning، سواء كان مبــاشـــرا من خلال أقراص الــ سي دي (CD) المدمجة، أو غير مباشر عبر شبكة الإنترنت.

وفي ضوء ما سبق، وبالنظر بدقة وتمعن في مكونات مراكز مصادر التعلم، وفيما يتعلق بالخدمات الإلكترونية المباشرة وغير المباشرة الآنفة الذكر، يلاحظ أن هذه المراكز تتضمن خدمة الانترنت الكفيلة بتحقيق مبدأ التفاعلية والتفاعل بين الفرد وما تقدمه هذه الشبكة من معلومات ومواد علمية تعليمية ترتبط بما لدى الفرد من معلومات لها صلة وثيقة بها كفيلة بضمان حدوث التعلم، وبالنظر بتمعن من جهة أخرى في خدمات شبكة الانترنت وإمكانياتها الواسعة، وما تقدمه من تسهيلات وتيسير لعملية التعلم في ضوء ما توفره من خدمات مثل التعليم أو التعلم الإلكتروني، والواقع الافتراضي، ووسائل الاتصال والتواصل البريدي إلكترونيا، والسرعة والفورية في الوصول إلى المبتغى، والتفاعل بين المستخدم والمادة العلمية المنشورة على هذه الشبكة، والتغذية الراجعة الفورية، وإمكانية الوصول إلى أي موقع إلكتروني مسجل، يلاحظ أن هذه الشبكة بكل فروعها وتفريعاتها، وارتباطها بالشبكات المحلية والإقليمية والدولية، وما تسهله من سبل للوصول إلى الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية الأخرى، وما يتبعها من مكتبات شاملة وإلكترونية، ومراكز مصادر تعلم، ومراكز تكنولوجيا التعليم، وإدارات التقنيات التربوية والوسائل التعليمية المختلفة تتضمن مواقع لمراكز مصادر تعلم إلكترونية عالمية تؤدي الخدمات التعليمية التي تقدمها مراكز مصادر التعلم الفعلية الموجودة فعليا على أرض الواقع في أي مؤسسة تعليمية. ونظرا لتعدد مصادر المعلومات على شبكة الإنترنت، وتنوعها من حيث الشكل والمضمون، ونتيجة لتوفر فرص التعلم الذاتي إلكترونيا عبر هذه الشبكة، فيمكن صبغ شبكة الإنترنت بكل خصائصها وطبيعتها بصبغة مراكز مصادر التعلم، واعتبارها مركزا إلكترونيا مفتوحا لمصادر التعلم. وبناء عليه، يلاحظ أن شبكة الإنترنت تحتوى على الكثير من مراكز مصادر التعلم، ويحتويها أي مركز من مراكز مصادر التعلم، ولا غنى لأي من هذه المراكز عنها، فهي حاملة محمولة، حاملة للكثير من مراكز مصادر التعلم, ومحمولة بها. ولذا، فهي مركزا إلكترونيا من مراكز مصادر التعلم.

المـــــــــراجــــع

نجاح محمد النعيمي (2001). أثر تقــــديم برامـج الكمبيوتر المتعددة الوسائط المصحوبة بإمكانية

الوصول إلى الإنترنت لدى الطلاب المعـلمين ذوي مصدر الضبط الخارجي والداخلي وتحصيلهم

في مجال تقنيات التعليم. المؤتمر العلمي الثــــــامن للجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم: المدرسة

الإلكترونية، القاهرة.

Dillon, Patrick. (1998). Teaching & Learning with Telematics: An Overview of the Literature. Journal of Information Technology & Teacher Education, (7), 1.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى