المكتبات الجامعية العربية وتجارب استخدام نظم المعلومات المحوسبة

د. اروى عيسى الياسري ; كلية المنصور الجامعة ; قسم الحاسبات ونظم المعلومات ; Arwa_alyasiri2005@yahoo.com ; ;

الصفحات: 27 - 30

 

حرصت أغلب المكتبات الجامعية العربية على مواكبة التطورات في مجالات الحوسبة ونظم المعلومات وذلك لتقديم افضل الخدمات للمستفيدين منها الذين يتمتعون بخصائص وميزات تتطلب من تلك المكتبات الاهتمام بها والعمل على الارتقاء بمستوى تلك الخدمات ، ويحاول هذا المقال تسليط الضوء على تجارب ومحاولات بعض المكتبات الجامعية العربية في استخدام نظم معلومات محوسبة تمكنها من تحقيق أهدافها المتمثلة في تقديم أفضل الخدمات والحفاظ على موقعها واستمراريتها في ظل تحديات المجتمع الرقمي التي تواجهها المكتبات بأنواعها كافة .

1- تجربة مكتبة جامعة القاهرة (1 )

تعد جامعة القاهرة من الجامعات العريقة في مصر والوطن العربي إذ يرجع تأسيسها الى سنة (1908)  ، أما مكتبتها المركزية فقد تم افتتاحها في سنة (1932) ، وتضم هذه المكتبـــة مجموعات قيمة من المواد المكتبية باللغات العربية والأجنبية  . وبهدف الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في تطوير العمليات المكتبية قام فريق عمل من كلية الهندسة في الجامعة بالتعاون مع فريق عمل من المكتبة بدراسات جدوى لمشروع حوسبة المكتبة المركزية ، بدأت الدراسات التمهيدية للمشروع وصدر التقرير المبدئي سنة (1990) ، وفي سنة (1992) صدر التقرير النهائي الذي اهتم بصورة اكثر تفصيلا بتصميم النظام المحوسب .

تم التعاقد مع شركة الجيزة للأنظمة لتصميم وتركيب النظام وتوفير الأجهزة المطلوبة وتوزيع وربط الطرفيات في إدارة الفهارس وادارة الإعارة وموقع الفهرس وقاعة الرسائل الجامعية وفي قسم الحاسوب . وطلبت المكتبة من الشركة أن يكون النظام متكاملا ويغطي انشطة المكتبة كافة وسهل الاستخدام فضلا عن قدرته على اتاحة الاتصال وتبادل المعلومات محليا ودوليا .وبعد ان تم تنصيب النظام الذي تكون من خمسة نظم فرعية (نظام الفهرسة ونظام الاعارة ونظام الاستعلام من قواعد البيانات المحلية والاجنبية عبر شبكة الجامعات المصرية ونظام الرسائل الجامعية ونظام ضبط المسلسلات )  ظهرت العديد من المشكلات والمعوقات الادارية التي تمثلت بعدم كفاية مدة تدريب العاملين وعدم تحديد جدول زمني يفيد عمليات التقييم والمتابعة  وهناك مشكلات اخرى ظهرت اثناء الاختبار ولكن اهمها عدم وجود اتفاق مع الجهة المنفذة للنظام على صيانته ومتابعة تشغيله . اما المعوقات الفنية فتمثلت في ضعف تصميم شاشات ادخال البيانات والحقول فضلا عن وجود مشكلات في الترتيب الهجائي وعدم وجود نظام الاحالات ونظام الخدمات الطباعية .

2- تجربة مكتبة جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية (2)

تأسست جامعة  الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (1346هـ ـ1925م) في مدينــــة الرياض ، وفي سنة (1395هـ – 1974م) تم افتتاح عمادة شؤون المكتبات في الجامعة لتقوم بجميع شؤون المكتبة المركزية والمكتبات الفرعية التابعة لها ،وبدأت العمادة تخطط لحوسبة العمليات المكتبية منذ بداية الثمانينيات ، وفي سنة (1984) تم تصميم نظام محوسب محلي خاص بالفهرسة ويتفق مع الصفات الخاصة التي تتصف بها مجموعة المكتبة المتمثلة بكتب التراث العربي والإسلامي .

حقق هذا النظام في وقته الهدف الذي صمم من اجله ، ولكن مع التطورات التي طرأت على الجامعة ومكتباتها والتطورات التي حدثت في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات اصبح لا يلبي متطلبات المكتبة الحديثة وظهرت الحاجة الى استخدام نظام جديد ، وكان على إدارة المكتبة ان تختار نظاما من النظم الأربعة التي رشحت لها وهي :

نظام مينايسز MINISIS ونظام دوبس/لوبسDOBIS/LIBIS ونظام مكتبة فرجينيا  VTLS ونظام الأفق  HORIZON .

استغرقت مدة دراسة وتقويم النظم المرشحة سنة واحدة وكان من نتائج هذه الدراسة استبعاد النظم الثلاث الأولى لظهور مشكلات ومعوقات فيها لدى المكتبات التي استخدمتها والموافقة على استخدام نظام الأفق للصفات التي ارتأت إدارة المكتبة بأنها توافق متطلباتها من حيث سهولة الاستخدام وكونه نظام متكامل يغطي انشطة المكتبة كافة ويسمح بالاتصال  بشبكات محلية ويمكن اتاحته على الانترنيت.

تم الاتفاق مع المؤسسة الموردة (النظم العربية المتطورة) للنظام وبدأ التشغيل في الربع الأول من عام 1997 ، وكان الاتفاق يتضمن إبرام عقد صيانة لمدة ثلاث سنوات يتم بموجبه تحديث النظام كلما ظهرت إصدارات محسنة منه ، فضلا عن تكليف موظف متخصص بالحواسيب من طرفها يعمل في المكتبة طيلة مدة العقد وتقديم العون للمكتبة في جميع الأمور الفنية المتعلقة بالنظام وعقد دورات لموظفي المكتبة تعلمهم كيفية استخدام النظام .

لم يكن نظام الأفق مثاليا وخاليا من العيوب شأنه شأن أي نظام اخر والا لما ظهرت الاصدارات المحسنة من تلك النظم ، إذ ظهرت بعض المعوقات عند الاسترجاع باللغة العربية وهذا أمر طبيعي لأن النظام مصمم أصلا باللغة الإنكليزية .  وترجع المؤسسة الموردة للنظام هذه المعوقات الى تشغيل النظام تحت بيئة التشغيل OS/2 وسيتم تجاوزها عندما يتم تنصيب النظام تحت بيئة التشغيل Windows .

3- تجربة  المكتبة المركزية في جامعة بغداد (3)

         تأسست جامعة بغداد في سنة 1958 وفي سنة 1959 تأسست مكتبتها المركزية  في منطقة الوزيرية قرب كلياتها التي كانت مفتوحة آنذاك وفي السنة الدراسية 1987 ـ 1988 أكتمل بناء مجمع الجادرية الذي ضم رئاسة الجامعة وكليات (الهندسة الأولى والثانية والعلوم وكلية العلوم السياسية وكلية التربية للبنات وكلية التربية الرياضية ) والموقع الجديد للمكتبة المركزية ضم مصادر المعلومات الخاصة بالعلوم البحتة والتطبيقية في حين اختص موقع الوزيرية بمصادر المعلومات الخاصة بالعلوم الانسانية .

موقع الوزيرية

كان بدء استخدام الحواسيب في هذه المكتبة يرجع الى السنة الدراسية  1986 عندما جهزت المكتبة بحاسوب ( (NEC 1 تم تصميم قاعدة بيانات داخلية للكتب وفق برنامج مكتوب بلغة بيسك Basic ، ولافتقار هذا النوع من الحواسيب الى القرص الصلب (Hard Disk)  كانت تعتمد على الاقراص المرنة (Floppy Disk ) في الخزن اذ بلغت سعتها التخزنية حوالي (250) تسجيلة . ونظرا لبطئ المعالجة وقلة السعة الخزنية ورداءة الإخراج الطباعي للحروف ترك العمل في النظام والحاسوب معا .(4) ومن ثم تحولت المكتبة في بداية التسعينيات من القرن العشرين الى استخدام نظام Fox pro  واستمر العمل بهذا النظام حتى سنة 1997 عندما تحولت المكتبة الى استخدام نظام MICRO CDS /ISIS والقاعدة الموحدة UNION .(5)

موقع الجادرية

أما استخدام الحواسيب في موقع الجادرية فقد كان متزامنا مع بدء افتتاحه إذ نقلت اليه حواسيب (NEC 1) من موقع الوزيرية ، ثم استخدمت حواسيب اكثر تطورا من السابقة وهي من نوع (486 ,386  ) ، وفي منتصف سنة 1991 تم الاتفاق مع مؤسسة الفارابي للبرمجيات على تصميم نظام للمكتبة وفق نظام (DB 3+ ) وبالفعل تم تصميم نظام الفهرس العام للمكتبة وتم خزن (5000) تسجيلة فيه وتوقف العمل في هذا النظام في منتصف التسعينيات لظهور مشاكل في استخدامه والتعامل معه  ، وفي سنة 1997 استخدمت المكتبة نظام MICRO CDS / ISIS  بعد ان أصبحت واحدة من الجهات المسؤولة عن تزويد المكتبات بهذا النظام  وتشاركها هذه المسؤولية الجمعية العراقية للمعلومات والمكتبات وأعتمدت القاعدة الموحدة UNION . قامت ادارة المكتبة بربط موقعيها بشبكة محلية اذ يتم تصدير البيانات التي تم خزنها في موقع الوزيرية الى موقع الجادرية  وكذلك تصدير البيانات التي تخزن في قسم الرسائل الجامعية والاجراءات الفنية والدوريات ، ومن ثم تحولت المكتبة الى استخدام الاصدارة الجديدة من نظام CDS / ISIS  والتي تعمل تحت بيئة النوافذ WINISIS وتم تحويل التسجيلات التي كانت مخزنة في قواعد بيانات CDS/ISIS الى الاصدارة الجديدة . ومن الجدير بالذكر ان هذا النظام لايغطي انشطة المكتبة كافة بل هو يمثل فهرسا اليا يبين محتويات المكتبة من مصادر المعلومات المتنوعة الموجودة فيها .

4-  تجربة مكتبة جامعة السلطان قابوس  (6)

تعد جامعة السلطان قابوس من الجامعات الحديثة نوعا ما في الخليج العربي والتي افتتحت في بداية الثمانينيات من القرن العشرين ، وتأسست مكتبتها المركزية سنة (1986) ، وكشأن جميع المكتبات التي تسعى الى رفع مستوى خدماتها قررت ادارة المكتبة استخدام نظام محوسب واختارت نظام DOBIS/LIBIS ، ويعد هذا النظام من النظم المتكاملة التي تيسر القيام بالعديد من الوظائف مثل التزويد والفهرسة والإعارة وضبط المسلسلات والفهرس العام المباشر OPAC .

تم تنصيب النظام في المكتبة بداية سنة (1990) وظل تحت التجربة حتى سنة (1996) وانشيء قسم خاص سمي ( قسم النظم الآلية وخدماتها ) ليشرف على تشغيل النظام ومتابعته ومراجعة ملفات النظام بشكل دوري لاكتشاف الأخطاء ومعالجتها .ومن العيوب التي ظهرت عند تطبيق النظام :

1- لا يتمكن النظام الفرعي الخاص بالتزويد من استخراج بيانات بكافة المصاريف والنفقات

2- يعاني نظام الفهرسة من :

2-1- التشتت في عملية إدخال البيانات بالنسبة للكتب العربية إذ إن بعضها يدخل في الملف الإنكليزي والآخر يدخل في الملف العربي .

2-2- بعض المصطلحات الواردة بالعربية غير مفهومة نتيجة الترجمة غير الدقيقة  .

3- يعاني النظام الفرعي للإعارة من :

3-1- قصور النظام في بعض الأعمال الفنية مثل عدم قدرته على منع القارئ المطلوب منه دفع غرامة أو بذمته كتب متأخرة بشكل آلي .

3-2- بعض المشكلات الخاصة بتجاوز المدة المسموح بها للإعارة.

3-3- بعض مشكلات الكتب المطبوعة باللغة العربية.

ولم ترتبط المكتبة بعقد لصيانة النظام مع المؤسسة الموردة واعتمدت على جهود منتسبيها في قسم النظم الآلية لتلافي هذه العيوب .

بعض النقاط التي تؤخذ على التجارب العربية في الحوسبة

        يمكن ومن خلال عرض تلك التجارب ،ان نكون صورة او فكرة عن سير مكتباتنا ومؤسساتنا المعلوماتية في هذا الميدان حتى لو كانت تلك المكتبات قد تلافت مشكلات انظمتها او استبدلتها في الوقت الحاضر، وفيما يأتي بعض النقاط التي يمكن ان تؤخذ على تجارب استخدام المكتبات العربية للنظم المحوسبة :

1- ان اهم نقطة يمكن ملاحظتها في تجارب المكتبات التي تم عرضها عدم توفر عامل الاستمرارية عند اعتماد نظام معين ونلاحظ تنقلها من نظام الى اخر ومع كل نظام جديد يتم البدء بالعمل من جديد وهكذا تظل المكتبة تدور في حلقة لا تعرف متى الخروج منها وكل هذا على حساب نوعية الخدمات التي تقدمها للمستفيدين فضلا عن الجهود والتكاليف التي تتحملها دون مردود .وهذا راجع الى افتقار تلك التجارب الى التخطيط الدقيق والمسبق.

2- عدم وجود نظام يلبي متطلبات المكتبة العربية لأن النظم المستخدمة مصممة بما يلائم خصائص اللغة الإنكليزية وترجمتها تؤدي الى حدوث الكثير من الاشكالات لخصوصية واختلاف اللغة العربية عن غيرها من اللغات .

2- لازالت تجارب المكتبات العربية غير واضحة المعالم وغير مكتملة ، فعلى الرغم من ظهور بعض المعوقات في نظام الأفق إلا إن ادارة المكتبة ترجع السبب الى نظام التشغيل والمؤسسة الموردة للنظام ملزمة بتلافي هذه المعوقات لارتباطها بعقد صيانة مع المكتبة فضلا عن كونها من المؤسسات التي حققت انجازات في تطوير العديد من النظم المحوسبة واصبحت من المؤسسات الرصينة في هذا المجال ، ولكن مكتبة جامعة السلطان قابوس تبنت نظاما ظهرت فيه العديد من المعوقات أثناء التنفيذ وهي غير ملتزمة بعقد صيانة مع المؤسسة الموردة للنظام والذي توقفت الشركة المنتجه له عن إصدار الطبعات المحسنة منه ، كما ان هناك سؤالا يطرح نفسه لماذا لم تكتشف هذه المكتبات تلك العيوب خلال فترة التجربة التي امتدت في بعضها الى ست سنوات ؟ .

3 ـ حاولت جامعة القاهرة استخدام نظام مصمم خصيصا للمكتبة العربية لتتلافى المعوقات التي رافقت استخدام النظم الاجنبية ولكن النتيجة كانت مشابهة لما حصل مع المكتبات التي اعتمدت تلك النظم ، فبعد خمس سنوات من الدراسة والتعاون بين خبراء الحاسوب والمكتبات وشركة الجيزة للأنظمة ظهرت العديد  من المشكلات الإدارية والفنية في النظام ومن غير المعروف كيف ستتعامل المكتبة معها لعدم التزامها بعقد صيانة مع الشركة المصممة للنظام.

4 ـ اختارت مكتبة جامعة بغداد الطريق السهل وذلك بتبنيها حزمة برمجية جاهزة تدعمها منظمة اليونسكو ولكنها لم تكن ذلك النظام المتكامل الذي يغطي انشطة واعمال المكتبة كافة  .

5- أنفقت تلك المكتبات وقتا طويلا في دراسة النظم المرشحة كان يمكن استغلاله في إنجاز الكثير من الأعمال في المكتبات رافق هذا الوقت المصروف جهودا وأموالا أنفقت لا تمام دراسة تلك المشاريع إلا إن النتيجة كانت غير مرضية وكأن قرار الحوسبة كان ارتجاليا ويفتقر الى التخطيط السليم.

  

المصادر

1- فيدان عمر مسلم . مشروع تحسيب مكتبة جامعة القاهرة . المؤتمر العربي الثامن للمعلومات (تكنولوجيا المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات العربية بين الواقع والمستقبل /1 ـ4 تشرين الثاني ـ 1997) . ـ القاهرة : الدار المصرية اللبنانية ، 1999. ص 188 ـ 1999

2- محمد بن صالح الحنفي .” التشغيل الآلي للمكتبات مع بيان تجربة المكتبة المركزية لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ” مجلة مكتبة الملك فهد ، مج 4 ، ع 1 ، 1998 . ص 109 ـ 132 .

3- مقابلة مع الأستاذ محمد حسن الخفاجي الامين العام للمكتبة المركزية / موقع الجادرية ـ جامعة بغداد  للسنوات (1990 ـ 1991) والذي شغل منصب مسؤول وحدة الحاسبة في موقع الوزيرية ـ جامعة بغداد من (1986ـ1989) ومسؤول وحدة الحاسبة في موقع الجادرية من (1989ـ1991). وتمت المقابلة بتاريخ 24/ 4/2002 .

4- مقابلة مع الست إيمان شاكر مسؤولة وحدة الحاسبة في موقع الوزيرية ـ جامعة بغداد  بتاريخ 12/1/2002 .

5- مقابلة مع الدكتورة ميسون العبيدي الأمين العام للمكتبة المركزية في الجادرية ـ جامعة بغداد بتاريخ 24/4/2002 .

6- محمد مجاهد الهلالي و إبراهيم سعيد الحسني . الاستخدام الآلي في مكتبة جامعة السلطان قابوس . المؤتمر العربي الثامن للمعلومات (تكنولوجيا المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات العربية بين الواقع والمستقبل /1 ـ4 تشرين الثاني ـ 1997) . ـ القاهرة : الدار المصرية اللبنانية ، 1999.ص 139 ـ153

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى