في عصر المعلوماتية… ماذا حدث؟ … وماذا نريد نحن التربويون؟

د. عبد الحافظ محمد سلامة ; أستاذ تكنولوجيا التعليم المشارك ; كلية المعلمين بالرياض ; ;

الصفحات: 13 - 14

لم يبدأ عصر المعلوماتية مع بداية القرن الحادي والعشرين الميلادي، بل يمكن الإدعاء بأنه بدأ منذ اختراع الطباعة، وتدرج في انتشاره بتطور وسائل الاتصال، حيث بلغ ذروته مع بدايات هذا القرن، ويمكن ربط انتشار المعلوماتية بإدخال الحاسوب في التعليم والذي بدأ في الدول المتقدمة من بداية الستينات من القرن العشرين خاصة في أمريكا حيث بدأت بنظام بلاتو (Plato) الذي طورته وساهمت فيه جامعة إيلينوي وشركة (CDC)*. وفي نهاية السبعينات توجت صناعة أجهزة الحاسوب اختراعها الجديد وهو الحاسوب الشخصي الذي وجد طريقه بسرعة هائلة داخل المدارس والصفوف، إلا أن بعض أولياء الأمور طرحوا بعض التساؤلات حول نوعية وكيفية استخدام الحاسوب في تدريس مواضيع دراسية مختلفة بسبب عدم توفر برمجيات تعليمية جيدة مرتبطة بالمناهج الدراسية. وقد أجريت بعض البحوث حول هذا الموضوع في العالمين العربي والغربي للوصول إلى طريقة أفضل وأنجع لتوظيف الحاسوب في العملية التعليمية.

         وفي بداية القرن الحادي والعشرين شهد الميدان التربوي بعض التحولات الملموسة التي عجلت بدورها بضرورة دمج التقنية في التعليم، والاعتماد عليه كموجه معاصر عند تصميم وتطوير البرامج التدريبية للمعلمين قبل الخدمة وأثنائها بقصد تحسين أدائهم وتطوير نموهم التربوي بما يواكب مستجدات العصر في مجال المعلوماتية ومن هذه التحولات ما يلي:

(وزارة التربية والتعليم، حقيبة تدريبية في مجال دمج التقنية في التعليم، 1426هـ، ص ص 50-51)

 

 

 

* CDC: Control Data Corporation

 

التحولات التربوية التي عجلت بدمج التقنية في التعليم واعتمادها في البرامج التدريبية للمعلمين أثناء الخدمة
التحول من التحول إلى
1 التعلم من الكتاب والمعلم كمصادر رئيسة التعلم المعتمد على تعددية المصادر (Multi Resources)
2 التعلم الأصم (Rote Learning) للحقائق والمفاهيم القائم على الحفظ والتلقين تعلم مهارات الاستقصاء والتفكير وطرح الأسئلة والحوار تحت إشراف وتوجيهات المعلم
3 التعلم في بيئات مغلقة محكمة التعلم في بيئات مفتوحة، مرنة، متوافقة، مستجيبة لاحتياجات المتعلم
4 تعليم صفي جماعي تعليم تعاوني في مجموعات صغيرة
5 دور سلبي للمتعلم دور إيجابي نشط
6 التدريس التقليدي السائد التعليم الذاتي والدراسة المستقلة
7 التعليم والتعلم محددان بزمان ومكان محددين تعليم وتعلم عن بعد (تزامني، وغير تزامني) في أي وقت ومكان
8 تعلم مقنن في مراحل وسنوات محددة (سلم تعليمي) تعلم متنوع ومستمر مدى الحياة (شجرة تعليمية)
9 تعلم معتمد على الاتصال أحادي الاتجاه تعلم قائم على الاتصال التفاعلي متعدد الاتجاهات
10 التعليم المجزأ للمهارات والخبرات التعليم المتكامل للمهارات
11 اعتبار التعليم نمط تدريسي اعتبار التعليم نمط تدريبي
12 الجمود في النظام التربوي المرونة في هذا النظام
13 تخريج متعلمين متشابهين (نسخ مكررة) تخريج متعلمين متنوعين (نسخ متباينة)
14 الحد الأدنى من الثقافة الجودة والإتقان في التعليم والتدريب
15 الانبهار بالتكنولوجيا والمعلوماتية ونواتجهما المشاركة في التصميم والتطوير المعلوماتي والتكنولوجي
16 السلبية والتواكل الإيجابية والتفاعل
17 تقويم نظري معتمد على الذاكرة تقويم حقيقي من خلال مواقف واقعية

ماذا نريد؟

هذا ما حدث وغيره الكثير و في ضوء ما تقدم، فإن التحولات آنفة الذكر تحتاج بالضرورة إلى إعادة النظر في منظومة التعليم العام والجامعي بجميع عناصرهما، إضافة إلى تغيير جذري في أهداف التعليم واستراتيجياته، وبشكل أكثر تحديداً فإن ما نريده في المجال التربوي ما يلي:

  1. جعل التعليم أكثر سرعة وتكيفاً.
  2. تحويل التعليم إلى عملية إنتاج وإضافة.
  3. جعل التعليم أكثر واقعية ومتاح لجميع الأفراد.
  4. إثراء التعليم بمصادر ووسائط متعددة متكاملة ومتنوعة.
  5. تحسين نوعية التعليم بكليات المعلمين والتربية من خلال التغلب على ظاهرة اللفظية وتشجيع التعلم والنشاط الذاتي للمتعلمين، مما ينعكس إيجاباً على مستواهم العلمي.
  6. زيادة المشاركة الإيجابية للمتعلمين في عملية التعليم.
  7. مراعاة الفروق الفردية للمتعلمين.
  8. توفير أنماط غير تقليدية من التعليم مثل: التعلم الإلكتروني، التعلم التعاوني.
  9. اقتصادية التعليم الجامعي من خلال زيادة نسبة التعلم الفعّال مقابل تكلفته المادية، لأن الهدف الرئيس لتوظيف تقنيات التعليم تحقيق أهداف قابلة للتحقق والقياس والملاحظة بمستويات عالية الجودة.
  10. التعامل الجيد مع الأعداد المتزايدة من المتعلمين في القاعات التدريسية.
  11. توفير معلومات متعددة داخل القاعات أو مراكز مصادر التعلم.
  12. إتاحة الفرصة لتنمية مهارات التفكير لدى المتعلمين.
  13. تخفيض العبء عن عضو هيئة التدريس الجامعي وإتاحة الفرصة له كي يقوم بأدوار مهمة أخرى كالتصميم والتوجيه.
  14. تقديم مخرجات تعليمية متميزة من المتعلمين على درجة عالية من الجودة والكفاءة والإتقان والثقة.

الصالح، بدر (1999م): ندوة تكنولوجيا التعليم والمعلومات، تربية الملك سعود، الرياض.

 

 

كيف نحقق ما نريد؟

            حتى يتم تحقيق ما نصبو إليه من توظيف مستحدثات تكنولوجيا المعلومات في مجال التعليم لا بد من اعتماد فلسفة تربوية واضحة تثبت صحتها من خلال التجريب في المجال التربوي، وهذا يؤدي إلى حرية التفكير وسلامته، وبالتالي عدم التخبط والعشوائية في التنفيذ، وتوفير في الوقت والجهد والمال.

         كما أن الاستخدام لتقنية المعلومات يجب أن يكون امتداداً طبيعياً للممارسة التربوية الحاضرة؛ وهذا يعني أن الاستخدام سيكون مبرراً تربوياً وليس مجرد إضافة دون مناسب.

         ويجب أن نراعي أن يكون تفكير المتعلم عند تفاعله مع هذه التقنيات منصباً على حل المشكلات وليس تحصيل المعرفة وعرض الحقائق والاكتفاء بالمجال المعرفي للأهداف، كما أن إعداد المعلم قبل الخدمة وفي أثنائها أمر ضروري حتى لا نعتمد بالكامل على البرمجيات المعدة تجارياً وتشجيع المتعلمين المستخدمين لهذه التقنيات على تسخيرها لخدمة مجتمعهم ورقيّه، لا أن يكونوا عبيداً تابعين لها ولهذا الأمر أهميته الاجتماعية والسياسية والخلقية.

      ولضمان تحقيق الأهداف المتوخاة لا بد من توفير الإمكانات الفنية وبيئة تعليمية فيزيقية مناسبة.

كلمة أخيرة…

         نحن مجتمع عربي إسلامي متحضر ومتطور ولا بد من مراعاة هذا البعد الاجتماعي الديني عند توظيف تقنيات المعلومات بكل أشكالها؛ لأن لها إيجابياتها وسلبياتها فهي كمشرط الجراح يمكن أن تقتل ويمكن أن تشفي، ولا تنقصنا العقول المخططة والمنفذة إذا توفر الانتماء والإخلاص لهذه الأمة العظيمة.

 

 

 

 

 

 

المراجع

  • سلامة، عبد الحافظ محمد (2005): تطبيقات الحاسوب في التعليم، دار الخريجي للنشر والتوزيع، الرياض.
  • وزارة التربية والتعليم، (2006): حقيبة تدريبية في مجال دمج التقنية في التعليم، عمادة البرامج التدريبية وخدمة المجتمع، الرياض.
  • الصالح، بدر (1999م): تطوير تقنية التعليم في المملكة العربية السعودية في ضوء الاتجاهات المعاصرة في المجال، ندوة تكنولوجيا التعليم والمعلومات، كلية التربية- جامعة الملك سعود، الرياض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى