ماركMARC والبيانات الخلفية (الميتاداتا) Metadata

علاقة نديه أم تكاملية

المؤلفون: informaticsjournal ; د. علي بن شويش الشويش ; ; ali@alshowaish.com ;

الصفحات: 34 - 36

 

خلال العقد الثاني من القرن الماضي وكنتيجة لاستخدام الحاسب ظهرت عدة أشكال مقنتة لتخزين تسجيلات للوصف الببليوجرافي ولعل اشهرها صيغة مارك. هذه الصيغة ولعده عقود كانت ولازالت الصيغة القياسية المفضلة لدى المكتبات ومراكز المعلومات. وتكمن أهمية هذه الصيغة في كونها أداة موحدة ومقننة تتيح تبادل التسجيلات الببليوجرافية بين المكتبات، وبذالك تتفادى تكرار الجهود في فهرسة وتصنيف المقتنيات.

هذه الصيغة صممت أصلا لتتوافق مع نوعية أوعية المعلومات المتوفرة في ذلك الوقت وهي في الأعم الأغلب مطبوعة، باستثناء بعض الأشكال المرئية والمسموعة. وقد لاقت هذه الصيغة قبولا واسعا في الأوساط المكتبية لدرجة ظهور أشكالا مختلفة منها حسب نوعيه الأوعية (كتب، مخطوطات، وغيرها) او حسب احتياجات بعض الدول مثل بريطانيا (UK MARC) و كندا (CAN MARC).

ومع ظهور الانترنت ظهرت نوعية جديدة من أوعيه المعلومات تتمثل في مواقع الانترنت والمصادر الأخرى المتاحة بها. إلا أن هذه المواقع والمصادر ظهرت بشكل عشوائي وغير منظم، فأصبح الباحث فيها كالباحث عن إبرة في كوم قش -كما يقال. ورغم ظهور محركات البحث ذات القدرات المتقدمة إلا أن المشكلة لازالت قائمة، وذلك أنها تستخدم اللغات الحرة غير المقيدة التي تعتمد على تكشيف الكلمات والمفردات آليا دون التحليل الموضوعي لمحتوى المادة والذي يتطلب عادة جهدا بشريا. وكحل جزئي لهذه المشكلة ظهر ما يعرف بالميتاداتا Metadata او البيانات الخلفية، وهى عبارة عن بيانات تأخذ الصيغة الببليوجرافية عن صفحات الانترنت ومصادرها الأخرى. وهى مخبأة ضمن ترميزات Codes الصفحة ولا تظهر للقارئ عند قراءة تلك الصفحة وهذا هو سبب تسميتها بالبيانات الخلفية كما درج بعض الكتاب على ترجمتها.

هذه البيانات الخلفية ظهرت بدون تقنين دقيق لها كما جرت بذلك عادة الأشياء في بداياتها. ومع التطور السريع للإنترنت برزت الحاجة إلى مزيد من التخصيص في تلك البيانات لتفي بمتطلبات الجهات التي تحتاج إلى المعالجة والتنظيم الدقيق لتلك المصادر. وبطبيعة الحال كان المتخصصون في المكتبات والمعلومات هم الأكثر تأهيلا للقيام بالمهمة. وفعلا عقد اجتماع بمدينة دبلن لتقنين هذه البيانات وتخصيصها بشكل أكثر. وقد كانت ثمره هذا المؤتمر ما يعرف الآن بدبلن كورDublin Core  والذي تبنته منظمة NISO المنظمة الوطنية لمواصفات المعلومات بالولايات المتحدة الأمريكية (www.niso.org). هذه المواصفة القياسية الجديدة قسمت تلك البيانات إلى خمسة عشر عنصرا هي:

العنوان، المنشئ، الموضوع، الوصف، الناشر، المساهم، التاريخ، النوع، الشكل، المعرف، المصدر، اللغة، العلاقة، التغطية، الحقوق. يوجد وصف مختصرا لتلك العناصر في المواصفة القياسية ويمكن الحصول نسخة منها على الرابط:

http://www.niso.org/standards/resources/Z39-85.pdf?CFID=402814&CFTOKEN=13448328

وقد ترجم الأستاذ سعيد المفلح الوصف المختصر لهذه العناصر ضمن مقال له نشر في مجلة دراسات عربية (مج 8، 2003)

هذه التقنين للبيانات الخلفية metadata حسن من وضعها بشكل كبير سواء في الجانب الو صفي او الموضوعي. ويتسم هذا التقنين بشكل عام بالبساطة وعدم التعقيد حيث أن الفئة المستهدفة من هذا التقنين هم عموم المشتغلين بتطوير صفحات ومواقع الانترنت، إضافة إلى المتخصصين في مجال تنظيم المعلومات بطبيعة الحال. هذه الفئة ليس لها معرفه بأساليب وطرق تنظيم المعلومات ولذلك حرص مقننو تلك البيانات على جعلها واضحة وبسيطة بقدر الإمكان مما يزيد من قبولها وانتشارها. ورغم ذلك لازال استخدامها مقصورا في غالبا الأحوال على المتخصصين في مجال تنظيم المعلومات ومن في حكمهم. وفى تقديري أن هذه التقنيات رغم مرور عدة سنوات على إصدارها تحتاج إلى مزيد من الوقت للانتشار.

عند مقارنه تقنيين Dublin Core  مع MARC يمكن القول انهما صيغتان تسيران في خطين متوازيين، بل إن صيغة MARC نفسها هي شكل من أشكال البيانات الخلفية. وعموما فهدف الصيغتين واحد وهو توفير البيانات الوصفية والموضوعية للوثائق بشكل يمكن لنظم الحاسب قراءته ومعالجته في عمليات البحث والاسترجاع. ويمكن الاختلاف في كون Metadata طورت في بيئة الانترنت تلبية للحاجة إلى معالجه المصادر المتاحة عليها وبشكل مبسط قدر الإمكان . إضافة إلى أن الفئة المستهدفة هي عامة مستخدمي الانترنت.

وعند التفصيل في المقارنة يمكن القول أن MARC نشأ في بيئة مكتبية بحتة بغرض تسهيل طباعة بطاقات الفهرسة في بداية الأمر تم تطور إلى أن أصبح هو في حد ذاته صيغة قياسية لحفظ البيانات لاستخدامها في عمليات البحث والاسترجاع وليس مجرد وسيلة لطباعة البطاقات. كما أن الفئة المستهدفة تحديدا المكتبيون وأخصائيو المعلومات.

أما أهم الاختلافات- في تقديري- فهو مستوى التفصيل والتعقيد، حيث يصل إلى حد بعيد في MARC والعكس في Metadata. نحن المكتبيون – وأرجو أن لا يغضب مني زملاء المهنة والمتخصصون- غالبا ما نزيد الأمور تعقيدا بدعوى الدقة والتخصيص. ولا أدل على ذلك من صيغه MARC سالفة الذكر، حيث تحتوى على عدد ضخم من الحقول والحقول الفرعية والمحددات وغيرها. وقبل ذلك البطاقة المطبوعة وإبعادها وعلامات التحرير …الخ. أضف إلى ذلك قواعد الفهرسة الانجلو امريكية التي يبلغ حجمها قرابة السبع مائة صفحة والتي تغرق في تفاصيل دقيقة لا حاجة لها غالبا. اعلم أن بعض الزملاء من ذوى الاهتمام بهذا المجال يخالفونني الرأي ولكن هذه هي الحقيقة.

القضية – في حقيقة- الأمر معادلة صعبة، طرفيها هما الدقة مقابل التعقيد. والعلاقة بينهما طردية، فكلما زادت الدقة زاد التعقيد والعكس. وهذا هو مالم يراعيه من قاموا بعمل تلك التقنيات السابقة (MARC, AACR2 وغيرها). على مدى عقود أغرقنا في تفاصيل ببليوجرافية وصفية لا طائل من وراءها، وتركنا ما هو أهم وبكثير؛ وهو التحليل الموضوعي. فالغالبية العظمى من المستفيدين تبحث عادة عن مصادر معلومات في موضوع معين دون تحديد مسبق لمصادر بعينها، وبالتالي لاتهمتم بالبيانات الوصفية غالبا. والتي تأخذ وقت المفهرس وجهده دون فائدة تذكر.

في آخر المطاف أدعو الله أن لا يدخل المكتبين بكامل ثقلهم في التطوير المستقبلي للبيانات الخلفية لان النتيجة معروفه مسبقا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى