المعلومات متعددة الجوانب والتأثيرات

; أحمد حسين بكر المصري ; رئيس شبكة أخصائي المكتبات والمعلومات ; www.librariannet.com ; ahelmasry@librariannet.com ; ;

الصفحات: 37 - 37

 

لقد تعايش البعض منا في العصر البدائي التقليدي للمكتبات والمعلومات الذي لم يعرف أي شكل من أشكال التقنية الحالية التي نعايشها ونلمسها وندرك أثارها من حولنا في شتى مجالات المعرفة البشرية عامة والمكتبات والمعلومات خاصة. فلقد حدثت التطورات الكثيرة والكبيرة التي دفعت بركب المجال إلى الأعلى ثم الأعلى، وعند ظهور أحد التطورات التي كانت فيما مضى أحد الأحلام التي لا يدركها البشر، نجد أنه ما يلبس إلا وتظهر تطورات أخرى أكثر تأثيراً وأعلى دقة وأغرب مما سبقها، فذلك ولا فخر هو عالم التقنية السحري الذي ما يلبس إلا ويذهل الجميع بتطوراته وأفكاره وأحلامه التي سرعان ما تلبس وتكون حقيقة واقعة قد لا يدركها العقل ولكن دائما يسلم بها.

وكذلك جميعنا يعرف ويدرك مدى تأثير التقنية في المعلومات، وكم رفعت من جودة المعلومات وأهميتها وأضافت إليها المحاور العديدة التي جعلت منها مصدر من مصادر وخصائص مجتمع أطلق عليه دون تقيد “مجتمع المعلومات” وهو ذلك المجتمع الذي تكون البنية الأساسية له مبنية على تعاملات البشر مع المعلومات بشكل يجعل منها مصدر أساسي من كافة النواحي الاجتماعية والسياسية والعلمية والاقتصادية.

 

فأصبحت المعلومة سلعة اقتصادية عالية الكفاءة والجودة، يتعامل بها البشر للأرباح المادية والمعنوية على طرق مختلفة ومتوازية مع بعضها البعض، ولكن كان لسلعة المعلومات خصائصها التي ميزتها عن غيرها من السلع الأخرى المختلفة، وأهم هذه الخصائص هو التزايد وعدم النقصان،  بمعنى أنه عندما يتم أخذ معلومة من مصدر ما فإن الآخذ تزداد مصادره المعلوماتية بجانب أن المصدر المأخوذ منه لا ينقص بل يزيد لديه نمط من أنماط المعرفة التي تؤثر فيه بشكل واضح وكبير. فالآخذ يربح والمعطي يربح أيضاً. كما أن المعلومة تزداد أهمية بزيادة رواجها أحياناً وأحياناً أخرى من خلال اقتصار رواجها بين وسط محدد وضيق كالمعلومات العسكرية والسياسية… إلى أخر ذلك من معلومات تمتلك السرية في التداول.

 

ولقد ازدوجت جوانب المعلومات فأصبحت سلاح ذو حدين أحدهما نافع والآخر ضار، فقد تكون معلومة ما نافعة لمجتمع ما إذا تم تناولها بشكل محدد، وضارة لنفس المجتمع إذا تم تناولها بأشكال أخرى متغيرة، كما قد تكون نافعة لفئة محددة في الوقت نفسه التي تكون ضارة لفئة أخرى على الجانب الموازي.

 

ولكن ليس هذا فقط هو ما يجب لفت النظر إليه منا كأخصائي معلومات، حيث تواجدت الجوانب العديدة التي يجب النظر حولها ودراستها وتقيمها بالشكل الصحيح والسليم، ومن هذه الجوانب هو مدى تأثير المعلومات على التقنية..؟ فالعديد من التأثيرات التي صاحبت التقنية كانت نابعة من المعلومات نفسها، مثلاً عند امتلاك شخص ما لجهاز حاسب خالي من المعلومات (سواء معلومات تشغيلية أو تطبيقية) فماذا تكون فائدة هذا الحاسب ؟؟ لا شيء. حيث أن الحاسب وحده لا يملك القدرة على التواجد والتشغيل دون المعلومات، فبالمعلومات يمكننا أن نعطي التقنية المورد الرئيسي لها ولعملها ولتواجدها، فالمعلومات بمثابة الروح للتقنية، التي بدون تواجدها لا تتعامل التقنية ولا تتواجد.

 

فكيف يمكن للفرد أن يجلس على جهاز حاسب ويقوم بأعماله وتطبيقاته بدون تواجد معلومات يتم من خلالها تشغيل الحاسب وإتاحة تطبيقاته المختلفة لأعمال الفرد ؟؟؟ وهي ما تسمى بنظم تشغيل الحاسب PC Operation Systems مثل DOS و UNIX و MAC .

 

فهنا تتمركز نقطة في غاية الأهمية قد يغفل البعض عنها، ألا وهي تأثير المعلومات المتعاكس على التقنية عامة وتكنولوجيا الاتصالات خاصة. الجميع تحدث وبفرط عن تأثير التقنية على المعلومات، موضحين هذا التأثير في اتجاه مفرد نحو التقنية أولاً وأخيراً، ولم يتجه أحد أو البعض إلى الاتجاه المقابل لذلك التأثير الذي هو تأثير المعلومات نفسها على التقنية. وهذا ما سوف نتناوله معكم من خلال مجموعة من المقالات التي تلقي الضوء على اتجاه تأثير المعلومات نحو التقنية بجميع جوانبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وللبداية يجب أن نقف عند أسئلة في غاية الأهمية وهي:

 

  • من أتى ليكمل من؟
  • التقنية أولاً لتكمل المعلومات وتضيف إليها ؟
  • أم المعلومات أولاً لتؤثر في عالم جديد عليها هو عالم التقنية والاتصالات؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى