تحديات دمج التقنية في المنهج
لقد برزت في السنوات الأخيرة تحولات جذرية في النموذج التربوي بتأثير رياح التغيير التي حركتها وتحركها التطورات والثورات المتلاحقة في تقنية الاتصال والمعلومات، والتي كان لها تأثير على المجتمعات الإنسانية بجميع أبعادها السياسية والاقتصادية الاجتماعية والعلمية والتربوية، وظهرت على الساحة مفاهيم مستحدثة أملتها هذه التغييرات، كالحكومة الإلكترونية، والمجتمع المعلوماتي، واقتصاد المعرفة، والقرية الكونية، ودمج التقنية، والتعلم الإلكتروني، وغيرها.
وقد سارعت وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية إلى صياغة رؤية تربوية لدمج التقنية في التعليم، تتطلع إلى إعداد الفرد المتمكن تقنياً الذي يمتلك المهارات والخبرات التي تجعله قادراً على العيش بفاعلية في مجتمع المعلومات، والاستجابة بمرونة وكفاءة لمتطلبات سوق العمل التي أصبحت تتسم بالتغيير السريع، وذلك من خلال قدرته أو قدرتها على التعلم المستمر مدى الحياة.
إن التحدي الرئيس الذي يواجه النظم التربوية ليس في تخريج جيل قادر على استخدام التقنية والتعامل معها فحسب، بل جيل يتمتع بالمرونة العقلية الكافية التي تمكنه من التكيف مع بيئات العمل المتنوعة، وبذلك أصبح رأس المال العقلي أو الفكري هو رأس المال الرئيس الذي تسعى الأمم لحيازته ، وهو الذي تتسابق الشركات العابرة للقارات على اجتذابه والاستحواذ عليه.
ولهذا تركزت الجهود على تفعيل الإصلاحات التربوية المعتمدة على التقنية في محاولات جادة لدمج التقنية في التعليم، وإحداث تحول جوهري في النموذج التربوي من نموذج موجه بوساطة المعلم، ومعتمد على الكتاب بوصفه مصدراً وحيداً للمعرفة، إلى نموذج تربوي موجه بوساطة المتعلم، ومعتمد على مصادر متعددة.
وهذا يعني إحداث تغيير جذري في البنية الفكرية للمدرسة، وفي مناهج التعليم، وفي الكتب المدرسية، وطرق التدريس، والتعامل مع الطالب والمجتمع المحلي، بل أصبح هناك تبادل أدوار بين الطالب والمعلم، ومن الطبيعي أن تستجيب جميع مدخلات العلمية التعليمية لهذه التغيرات.
ولذا كانت عنايتنا في وزارة التربية والتعليم كبيرة بعملية دمج تقنية المعلومات والاتصال بالتعليم، وبالتعلم الإلكتروني، وفي إرساء البنية التحتية لتحقيق ذلك، وقد قطعنا بحمد الله شوطاً مهمًا في هذا الاتجاه، ولكن الطريق ما يزال طويلاً بحجم طموحاتنا الكبيرة والمتجددة دوماً.