متى ننشر أدباً يحبه أطفالنا؟

د. حمد بن إبراهيم العمران ;

الصفحات: 50 - 50

منذ بدأت عملي في مجال المكتبات المدرسية ـ منذ ما يقرب من أربعة عشر عاماً ـ وأنا أتسأل ماذا قدمت دور النشر العربية للقارئ الصغير؟ وما واقع القراءة في مدارسنا؟

كانت هذه الأسئلة تقفز إلى ذهني كلما رأيت هذا الكم الكبير المهمل من الكتب في مكتبات مدارسنا!

هل هو خطأ في مجال النشر، أم خطأ في مجال الاختيار؟

لماذا لا ننشر أدباً يحبه الأطفال؟

ولماذا لا نختار ونقدم لهم ما يريدون؟

أعتقد أن مشكلة ضعف القراءة في العالم العربي لها جوانب متعددة، ولعل جانباً مهماً منها هو أننا لا نقدم كتباً للأطفال مبنية على معرفة علمية مسبقة بما يريدون، فنحن نتعمد أن نقدم لهم ما نريد من المعلومات والقيم والمبادئ بأسلوب نراه نحن مناسباً، متجاهلين الطرف الأساسي في هذه المعادلة وهم الأطفال.

نحن لا نبحث عن الموضوعات التي تثير اهتمامهم، ونسعى لعرض ما نريد بشكل يتناسب مع نظرتنا إلى الأمور، وعلى سبيل المثال عندما يحاول كاتب معين أن يوصل للطفل فضيلة الأمانة، فإنه سيكتب قصة بطلها حطاب (رغم أن هذه المهنة ليست منتشرة لدينا)، ويدور حوارها بلغة ذات ألفاظ ربما كثير من أطفالنا لا يفهمونها، وشخصياتها تقليدية تبعث بالملل، ومنذ بداية القصة والكاتب يتجه بها مباشرة إلى الهدف مبتعداً بذلك عن التشويق.

نحن نعلم أن كثير من أطفالنا يحبون التشويق والمغامرة، كما يحبون الخيال، فكم من أدبنا المكتوب والموجه إلى الأطفال نجد فيه هذه الصفات. وبعد ذلك نلوم أطفالنا إن شاهدوا برامج الكرتون على القنوات التلفزيونية والفضائية.

مكتبات المدارس في الولايات المتحدة الأمريكية يغلب على مجموعاتها القصص، حتى نجد أن التقسيم الرئيسي لها هو (fiction, non-fiction)، كما أن مكتباتهم العامة تخصص أقساماً كبيرة لهذا النوع من الأدب، وذلك لأنهم يعلمون أنهم يزرعون عادة لا يمكن أن تزرع إلا بوجود رغبة لدى من تزرع فيه.

 

وبالمقابل فهناك محاولات رائعة لتقديم أدب يستهوي الأطفال ، ومن ذلك تجربة سعودية رائدة جداً لنشر مجلة تخاطب أبناء العرب والمسلمين الناطقين باللغة الإنجليزية، فهي رغم القيم التي تزرعها والأهداف النبيلة التي تسعى لها إلا أنها اختارت لنفسها أن تكون مجلة مشوقة، هذه المجلة اسمها ((Qkids وموقعها على الإنترنت (http://www.qkidscomics.com) شاهد الرسومات المستخدمة، وأسلوب العرض، لاحظ أنها تعتمد على العرض القصصي الكرتوني المصور الذي يقدم المبادئ والعادات الإسلامية بأسلوب مقارب جداً لما يقدم في القنوات الفضائية، ورغم أنني أتحفظ على بعض الأمور إلا أنني أعتقد أنها بداية مميزة يمكن استثمارها لجذب انتباه أطفالنا وزرع عادة حب القراءة في نفوسهم. وهناك كذلك تجربة أخرى سترى النور، وقدر لي أن أشاهد أجزاء من خطتها المستقبلية، ألا وهي مجلة (باسم) في ثوبها الجديد الذي سيصدر قريباً.

أخيراً … قدموا لهم ما يريدون، يستجيبوا لحملاتكم الإعلانية.

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى