تطوير المكتبات يمر بحالة سبات

; أ/ إعتماد محمد مؤمنة ; جامعة الإمام محمد بن سعود ; libomdah@hotmail.com ; ;

الصفحات: 18 - 20

 

من متابعتي لبعض التقارير والأبحاث والدراسات التي أجريت عن المكتبات في المملكة وجدت ما يؤكد عدم وجود حصر دقيق يستند إليه كافة الباحثين عن عدد المكتبات وتخصصاتها وحجم مقتنياتها بالمملكة. إضافة إلى ذلك تجاز في كل عام العديد من الرسائل الجامعية تقوم بعضها بالتطرق لأنواع المكتبات أو أعدادها ويقوم الباحث بعمل الحصر بطريقته أو يستند على مرجع قد لا يرجع له آخر وقد تتكرر الأخطاء وتتعدد المصادر ولازلنا ندور في نفس الحلقة. هذا يثر تساؤلات عدة ونحن نعتبر مجتمعا واحدا, فكيف بوضع المكتبات بصفة عامة بمنطقة الخليج أو المنطقة العربية. هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الطريق أمامنا شاقة ووعرة في ضبط المرجعية العلمية وتنظيم الحصول على المعلومات وتسهيل الوصول لها. من وجهة نظر خاصة جدا, إذا ما استمر المسئولون الأكاديميون والمسئولون في وزارة الثقافة والإعلام على هذا المعدل فسنجد أننا في الجامعات والمراكز العلمية العليا وكأننا في داخل الشبكة العنكبوتية التي أصبحت مليئة بالغث والسمين وما لا فائدة فيه أو منه. كما وأننا سنواجه قرارات من قطاعات مختلفة لا علاقة لها بالمعلومات تقرر أمورا تتعلق بالمكتبات وشئونها. وبما أنها لا تعتمد على أسس قوية ومعلومات دقيقة أو مكتملة أو  مستندة إلى مرجع واحد أو مصدر موثوق فقد تنذر بتهاوي هيبة هذا التخصص أكاديميا واجتماعيا وعندها يتحقق العزوف وتضعف الإدارة ويمكن إن يلجا إلى قانون الأزمات الذي يعتمد على مبدأ “إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

من جانب آخر, لا يبدوا أن للقاءات والندوات والمؤتمرات صدى مسموع. حيث تعقد المؤتمرات والندوات الخاصة بمناقشة محاور هامة وجادة في علم المكتبات بغية التطوير والقفز بها شامخة في سماء المعلومات إلا أن الحضور أول دليل على ضعف أهمية المعلومات والمعرفة, والمواضيع اكبر دليل على التأخر بتكرارها, وصعوبة تنفيذ التوصيات اكبر دليل على عدم ملاءمتها وجدواها. وكمثل فقد أقيمت مؤخرا ندوة المكتبات العامة:تحديات الواقع وتطلعات المستقبل بالرياض على شرف معالي وزير الثقافة وقد حفلت بزخم كبير من الأبحاث والمناقشات التي أتمنى ويتمنى الجميع أن تعود على مستقبل المكتبات العامة خاصة ووضع المكتبات الأخرى عامة بالتطوير المستمر. جانب من هذه الندوة أثار الحس البحثي فجعلني أتساءل عما إذا كان هناك خلل في خطة الإعداد للندوة أو أنها كسابقاتها من المناسبات دائما ما تكون مشكلتها “التنفيذ”. فمن البداية كان الحضور للرجال والنساء ضعيفا جدا إذا ما نظرنا إلى إن الندوة عن المكتبات العامة ومستقبلها. لقد وجدت في الشوارع المؤدية للندوة والحركة المرورية ما يجيب على أهم التساؤلات. لم يعرف أي رجل مرور أصلا أن هناك ندوة في هذا المبنى أو ذاك. لم تكن هناك لوحة او حتى قطعة قماش تشير الى وجود حدث علمي هام هنا او هناك, مما يؤكد ضعف التغطية الإعلامية عنها. ومما يزيد الوضع غرابة انه بسؤال بعض المختصين والمختصات وأمناء/إمينات المكتبات في القطاعات المختلفة فقد أكدوا عدم معرفتهم بإقامة الندوة الا من خلال الصحف قبل 24 ساعة من الندوة او عندما قمت بالاتصال بهم.

 

ولو انتقلنا الى قراءة مواضيع الندوة وما بحث فيها, لوجدنا جهودا كبيرة بذلت ولا يمكن التقليل من شانها, الا ان على سبيل المثال:

  • احدها ركز على مساحة المكتبة واضاءتها الذي لا شك انه مهم ولكن نحن في عصر تسارع فيه تطوير المكتبات ووجه الباحثون تركيزهم نحو التقنية واتمتة العمل ونشر الكتب رقميا. كما اصبح البحث عن كيفية الوصول للمستفيد, في مكتبه ومنزله واينما بحث عن المكتبة تقنيا وليس مكانيا. قد يكون هذا مؤسفا ولكن هذا ديدن التطوير في عصرنا الحاضر, فما ان تجد جهازا او وسيلة تحقق مطالبك ورغباتك يكون قد اعلن عن ولادة اخر اكثر ملاءمة وافضل ميزة.
  • اما التكرار في المواضيع وان اختلفت في عناوينها فقد يوحي بقلة او عدم تواصل الباحثين وارباب المهنة لاجراء بحوث معتمدة على بعضها البعض ومتوالية بشكل تسلسلي مثلما يتم في البحوث العلمية التطبيقية. وقد تكون هذه دعوة على حث التواصل واستخدام البريد الالكتروني رسميا على الاقل في قطاع التعليم العالي قبل تعميمه.
  • بعض المواضيع تناولت الوضع القائم او الواقع الفعلي ولكن حلولها تحتاج الى ابحاث اخرى بحد ذاتها واشراف متواصل ومتخصص لتنفيذها بالاسلوب النموذجي.
  • أما توصيات الندوة فإلى الآن لا نعرف ماذا سيتم لحل معضلة المكتبة العامة ماليا وإداريا ومعلوماتيا, فقد التزم نشر التوصيات جانب الحذر وأسلوب (Play it safe ) ولم يكن هناك آلية تفصيلية للتنفيذ وتحديد جهات بالمسئولية وتحديد ازمان وفترات إلزامية للانتهاء من هذا المشروع او ذاك.
  • بعض الأبحاث كما اعتدناها خالية من الإثارة والتشويق وأساليب التسويق أيضا مع انها جيدة الفكرة وتوقيت العرض. فنجد ان الشرق والغرب فكروا ويفكرون في كيفية التواصل مع المستفيد عبر الوسائل التقنية المختلفة لتكون المكتبة متاحة له على مدار الـ 24 ساعة متخطين في ذلك فرق التوقيت وجاذبين اكبر عدد ممكن من العامة للقراءة ونهل العلم ويناضلون في استمالة رضاه, في حين نستخدم نحن المنهج الوصفي لايصال الرسالة.

قد أجد العذر للجنة إقرار البحوث لهذه المؤتمرات أو الندوات بأنهم تحت ضغط الزمن وضغط النوعية وضغط التنويع وضغوط أخرى قد لا يسع المجال لذكرها ولكن الفجوة في اتساع بين المكتبة والمستفيد وبالذات المكتبات العامة, خصوصا بعد دخول الانترنت للمملكة ولم تستعد بعد المكتبات واداراتها لهذا الحدث.

قد أكون منظرة فيما أسلفت من الحديث وقد يختلف معي الكثير وأتقبل هذا برحابة صدر, ولكن لأكون واقعية ومنطقية فهاأنذا أضع أمامك عزيزي القارئ مايجول في المخيلة من محاور تستحق المناقشة والدراسة في عصرنا الحالي: 

  • المكتبة المتنقلة (Mobile library) فكرة, و تأثيرا, وجدوى نوقشت ولكن لم تستثمر بحثيا أو اقتصاديا بتوسع وهو الأهم!
  • لم يكن هناك أبحاث تطويرية لخدمات المكتبات العامة والوطنية عن طريق باحثين من خارج دائرة تخصص علم المكتبات والمختصين بشئون المكتبات العامة مثل التخصصات العلمية الأخرى اواشراكهم في هذه الأبحاث لما يعود على أسلوب تقديم المكتبة بتوجهات ونظريات جديدة في عصر أصبحت المكتبة تشتكي من العزوف.
  • تمكن المكتبي من علمه والخدمة المقدمة وسعة الصدر ورحابته في معاملة المستفيدين وجذب غيرهم عن طريق تسويق المكتبة وما تكنزه داخلها.
  • البحث في معرفة أفضل الأوعية و نوعية المعلومات التي يسعى لها المستفيد من كافة الفئات والتخصصات وآلية البحث في عصرنا الحالي حيث اعتمد المستفيد على الجلوس في المنزل أو المقهى ليطالع هذا الكتاب أو تلك الصحيفة.
  • البحث في تباين رغبة وتوجه المجتمع نحو المكتبات بأنواعها في مناطق المملكة المختلفة
  • ما هو تأثير البدائل للكتاب أو النشرات المطبوعة في الإعلانات و المعلومات التجارية والتوعوية الثقافية منها والصحية.

     هذه بعض محاور أبحاث أتوقع أن تناقش في المستقبل القريب وبكل صراحة حتى نستطيع القول بأننا على الطريق الصحيح وان ما جمعناه من خبرات لن يضيع هباء ونفقد بذلك اعز ما لدينا وهو “المستفيد”.

لا بد أن هناك خطأ ما حدث في وقت ما أو مكان ما, ولكن يمكن تخطي ذلك بتحفيز جمهور المستفيدين  بالحضور و التواصل مع اظهار النية الصادقة  في تقديم كافة التسهيلات التي تشجعهم على حفظ الترابط مع المكتبة. ولأن المعلومات أصبحت متوفرة ولم تعد حكرا على أحد فلا بد من تنظيم الجهود المتناثرة ودفع عجلة الأداء والتطوير سويا حتى لا ندخل في سبات قد يكلفنا كثيرا جدا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى