هل طال القص واللصق إعداد الأبحاث الجامعيــة؟!.

; أ/ إعتماد محمد صالح مؤمنة ; جامعـة الامام محمد بن سعود الاسلاميـة ; كليــة العلــوم الاجتماعيــة ; قسم المكتبات والمعلومات ; ;

الصفحات: 19 - 22

هل طال القص واللصق إعداد الأبحاث الجامعيــة؟!.

كل ناظر للصروح الجامعية بالمملكة تنتابه نشوة بوقوفها شامخة في ابنيتها وبوجود جهابذة لم يتوانوا عن خدمتها, فبرعوا ونشروا العلم وكانوا نبراسا للتابعين يهتدون بهم. واذا ما قيست الايام والسنين التي مرت عليهم وهم يبحثون ويسهرون جادين في الحصول على معلومة موثقة تضيف جديدا لهم ويمكن الاستفادة منه على المستوى الجامعي والوطني, فاننا نجد ان بكل المعايير كانت ولازالت بصماتهم تدل على الثقل المعلوماتي والمعرفة العريضة فيما تخصصوا فيه من العلوم. وهذا في حد ذاته دعم لقواعد راسخة تساعد الصاعدين على اكمال المسيرة بنفس النهج مستفيدين من توفر التقنيات ليكافحوا كما كافح الاوائل. ولكن .. هل فعلا يمكن للتابعين ان يكونوا امتدادا لظلال السابقين مستفيدين من وجودهم بيننا ويراقبونا بل ويشرفوا على اعمالنا؟. ان القارئ او الباحث اليوم ليس مثل القارئ او الباحث بالامس, فقد يلجا باحث اليوم بسبب تسارع صدور المعلومات الى اقتصار بحثه على مراجع معينة ومن ثم يحتطب فيها ولا يخرج عن مداها, ويسارع في اكمال بحثه لانه يريد ان يجلس بجوار استاذه ويحظى باللقب, او يتمتع بمميزاتٍ ظناً منه أنها نهاية المطاف. باحث آخر قد يلجأ إلى قطف الفواكه بدلا من الإحتطاب فهو اكثر لهفة للوصول للهدف عن الباحث السابق, وبالتالي يكون قد لجأ لقص ولصق الكلمات والجمل والسطور والعبارات ليركِّب بحثا يمكّنه من الوصول لهدفه بشكل اسرع من زميله الآخر. هنا يمكن ان نقول اننا على مشارف المنحدر العلمي الخطير.
ان وجود الحاسب الآلي جعل الباحث يستسهل عملية الكتابة والقراءة بما توفر من أنظمة وبرامج تساعد في الوصول للاهداف المختلفة, وبظهور الإنترنت كوسيلة مفيدة في البحث عن مصادر المعلومات بمختلف انواعها, سهل في مسالة القص واللصق صعودنا للهاوية. لقد تمادت فئة من الباحثين في هذا الزمان فتمكنوا من ان ينسبوا لانفسهم اعمال غيرهم, كما انهم لايفصحون ولايوثقون اصلا مرجعية ما نقل وكتب حتى ولو كان المصدر معروفا. في الواقع لا يعرف حجم المشكلة بالضبط, ولكن يمكن عمل مسح سطحي مبسط يدلل على الاقل للمعنيين والمسئولين ومن يؤرقه الموضوع حجم ما جميعنا بصدد التصدي له ورفضه. فمن واقع ما وقع بيدي من ابحاث ومقالات علمية وغير علمية (عربية) وجدت ان جملا وعبارات كاملة تقتطع من منشور سابق (كتابا كان ام رسالة جامعية او مجلة علمية) لتكون وكانه انتاج فكري جديد. ولقد تكرر ذلك بمعدل يزيد عن 3 حالالت لكل عشرة وثائق تقريبا في تخصصات عدة في العلوم الانسانية. وبما ان الرقم يزداد سنويا بعد ان لاحظت ذلك على مدى 3 اعوام بناء على زيادة اعداد الباحثين واعداد الجامعات بين حكومية واهلية وزيادة حجم النشر, فقدرت (شخصياً) ان يكون حجم المشكلة نظريا 30%, اي بزيادة سنوية قدرها 10% تقريبا. اذا قدر لنا ان نعمم هذه الحالة فهذا يعني ان اكثر من 95% من ابحاثنا بعد10 سنوات تقريبا, ستصبح المشكلة عبارة عن أبحاث “قص ولصق” مما ينذر بمستقبل يحتاج الى حماية فكرية وبشكل اكثر ضبط مما هو عليه الان خصوصا بعد ان اصبحت الانترنت تعج بالغث والسمين ولم يصدر بعد نظام حماية المعلومات والحقوق الفكرية. ولذلك اتساءل في هذا الصدد عن:
من المسئول عن ذلك؟,..هل هو الصرح العلمي ام المشرف على البحث ام الباحث نفسه؟, وهل للانظمة القائمة غير المتوافقة مع التطور السريع في نظم المعلومات دور في تفشي الظاهرة؟, وهل يمكن ادراك ما هو المستوى العلمي او الفكري الذي ننتظره لاجيالنا القادمة؟, وما هو المستقبل المنتظر للوطن والامة الاسلامية تنمويا؟. وهل هناك خطة محكمة لوقف هذه الممارسات بطريقة ما او باخرى؟. لقد اصبح لهذه الظاهرة مصطلح وتعريف ودراسات علينا ان نبدا في الابحار فيها لمحاولة وقف هذا التوجه الفكري الخطير وحبذا لو حددنا فترة زمنية لعلاجها وتصحيح اوضاعنا خلالها لنتيقن من اننا على الطريق الصحيح.
لقد اطلق على عملية السرقة الادبية مصطلح (Plagiarism) الذي يعني: اعتبار عمل آخر كانه عملك, سواء كلمة بكلمة او جملة بجملة او كفكرة بشكل عام. وبالطبع اذا لم يكن مسبوقا بتصريح لنشره من صاحبه فهو تعدِّ على الحقوق الفكرية وحقوق الطبع وحقوق النشر. اما اذا سبق بتصريح للنشر ولكن لم يوثق باسم صاحب الحق فهو تعدِّ على اخلاقيات المهنة وفن الكتابة وادب الكلمة في المجتمع الادبي والفني والسياسي والاجتماعي(1).

لقد صدر نظام حماية حقوق المؤلف الصادر من مجلس الوزراء، وبدأ تطبيقه فعلياً 15 مارس (آذار) 2004، كما صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على إنشاء لجنة دائمة لحقوق الملكية الفكرية مكونة من وزارات الداخلية والخارجية والعدل والثقافة والإعلام والتجارة والصناعة والمالية والبترول والثروة المعدنية ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، بالإضافة إلى ديوان المظالم باعتباره الهيئة القضائية المختصة بالنظر في الدعاوى المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، ومقرها وزارة التجارة والصناعة، فهل تسري انظمتها على الجامعات ووزارة التعليم العالي.

نتطلع الان الى اعادة صياغة الانظمة المتعلقة بحفظ حقوق المؤلفين والكتاب والباحثين الفكرية والادبية سواء على المستوى الجامعي او النشر على مستوى المملكة, او نشر القائم منها والاهتمام بصرامة تنفيذها عن طريق توحيد جهة التنفيذ وآلية التنفيذ. وبما ان الرقابة والمتابعة هي اساس ضبط العملية فليت تشكيل اللجان يكون متعددا وحسب التخصصات, وتتبع مرجعية محددة سواء في وزارة التعليم العالي او على مستوى المملكة. ولا ننسى ان يندرج تحت عمل هذه اللجان متابعة الابحاث التي مازالت تحت الاجراء والكتب المعدة للنشر والايداع والبيع لضمان تعديل الدفة قبل فوات الاوان وتصحيح الوضع مع اقرار عقوبات متدرجة لا متعسفة لان الهدف هو وقف التطاول مع العلم بالمقدرة على الابداع.

من وجهة نظري فهذا هو “التضليل الادبي” او “التضليل الأكاديمي”, ولكن من سيتصدى له لريثما يحجم موضوع السرقات الادبية في المؤسسات الاكاديمية؟. في البداية من المفترض ان تكون هناك استراتيجبات مدروسة تنفذ من خلال خطط تفصيلية تنفيذية من شانها رفع معنويات الطلاب وتعزز الروح التعليمية لديهم, وجعلهم يتبنون الامانة العلمية والصدق في المعاملة على الاقل على مستوى المعلومة العلمية(7). ثم من بعد ذلك من المفترض توفير المعلومات ومصادرها بشكل متوازن بين جميع الطلاب والطالبات وبدون تمييز. من المهم جدا بعد ذلك مواجهة السرقة الادبية مباشرة واخراجها للسطح حتى يعتبر الاخرون خصوصا وقد انتموا لأرقى الصروح في المجتمع واصبحوا من ارقى شرائحه. في المقابل, على الادارة المختصة بالجامعة او بالكلية او القسم وحسب النظم المتبعة القيام بخطوات توجيهية مثل:

  • اشعار الطالب بمعايير الدراسة في مثل هذه الصروح العلمية

المصادرالعربية والاجنبية

  1. http://www.nolo.com/glossary.cfm
  2. Merriam Webster’s Collegiate Dictionary, 10th edition, 1994.
  3. Aiken, L. R. “Detecting, Understanding, and Controlling for Cheating on Tests.” Research in Higher Education, 1991, 32(6), 725-736.
  4. Davis, S. F., Grover, C. A., Becker, A. H., and McGregor, L. N. “Academic Dishonesty: Prevalence, Determinants, Techniques, and Punishments.” Teaching of Psychology, 1992, 19(l), 16-20.
  5. Barnett, D. C., and Dalton, J. C. “Why College Students Cheat.” Journal of College Student Personnel, 1981, 22(6), 545-551.
  6. Roberts, D., and Rabinowitz, W. “An Investigation of Student Perceptions of Cheating in Academic Situations.” Review of Higher Education, 1992, 15(2), 179-190.
  7. Preventing Academic Dishonesty http://teaching.berkeley.edu/bgd/prevent.html.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى