تقييم الخدمات المرجعية المباشرة

د. هند علي لبان ; قسم دراسات المعلومات ; جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ; ;   ;

الصفحات: 38 - 39

 

قبل الحديث عن التقييم يجب التفريق بين مفهومين:

مفهوم البحث، ومفهوم التقييم فهما ليسوا نفس الشئ.

البحث يعني: ما نقوم به لجعل التقييم ممكناً.

أما التقييم: فهو أحد الإستخدامات الممكنة لنتائج البحث.

الهدف من البحث: معرفة المزيد عن موضوع معين.

أما الهدف من التقييم: الحكم على هذا الموضوع.

وعندما يكون هذا الموضوع هو خدمة المراجع المباشرة، فإن هناك العديد من الجوانب التي يمكن البحث فيها، ومن ثم الحكم عليها.

يعتبر التقييم عنصراً مهما وأساسياً في إدارة الخدمات بمختلف أنواعها وتعدد مستوياتها، وعلى مر العصور والأزمنة، فهو يثري صانعي القرار بمعلومات من شأنها الإرتقاء بمستوى الخدمات من جهة، وجذب المستفيدين لهذه الخدمات من جهة أخرى. وتزداد هذه الأهمية إذا ارتبطت بالمكتبة وخدماتها حيث المصادر كثيرة، والمستفيدون متنوعون ومتعددون، وهنا يصبح للتقييم معنى أدق وهو ماذا  تستطيع المكتبة أن تقدم لتستخدم خدماتها بكفاءة وفعالية؟

إن الجهود المبذولة على مستوى العالم لإجراءات التقييم تعتبر مهمة وضرورية من عدة أوجه وجوانب:

– فهي تمد إدارة المكتبة بالمعلومات المتعلقة بالخدمات ومدى مقابلتها للأهداف الموضوعة والمخرجات المرجوة.

– تشكل قاعدة أساسية لعمل التقارير الدورية، التي قد تستفيد منها المكتبات ومراكز المعلومات الأخرى.

– تعتبر البيانات الناتجة عن التقييم ضرورية لصانعي القرار في الإدارات المختلفة، والجهات الحكومية أو الخاصة الممولة للمكتبات ومراكز المعلومات.

وكما أن التقييم مهماً للمكتبات التي تقدم خدمات مرجعية تقليدية، فهو من الأهمية بمكان للمكتبات  فالإنتشار الواسع لشبكة الإنترنت online servicesالتي تقدم خدماتها بشكل مباشر

في الوقت الحاضر، دفع كثيراً من المكتبات للإعتماد عليها في تقديم خدماتها ، وذلك لضمان السرعة والجودة. كما أن تأسيس بيئة الخدمات المرجعية المباشرة في كل مكتبة، يدفعها لتتحمل مسؤولية توفير الوصول إلى عالم المعلومات، ويساندها في العمليات الإدارية والحفظية التي تحتاجها لإدارة وقياس خدماتها، وضمان الإستخدام المشروع لمجموعاتها.

ولكي يكون التقييم ناجحاً ومفيداً بشكليه التقليدي أو المباشر يجب بالدرجة الأولى تحديد الشريحة أو الجهه التي ستستفيد من الخدمات مما يسهل على المكتبة تحديد مهمتها وتوضيح توجهها.

وعلى ذلك فإن تقييم الخدمات المرجعية لابد أن يؤخذ من أحد منظورين أو كليهما:

1- منظور المكتبة.

2- منظور المستفيدين.

– فمن منظور المكتبة، نجد أن التركيز يكون عادةً على مدى فعالية الخدمات، كمعرفة سرعتها، حجم الأسئلة المتداولة في وقت ما، الموضوعات المطروحة.

ونظراً لصعوبة تقييم الخدمات المرجعية التقليدية، لعدم توفر إحصاءات وبيانات عن الخدمات، أو لضعف هذه الإحصاءات والبيانات في أحيان أخرى بسبب إعتماد التفاعل بين المستفيد والمسؤول عند تقديم الخدمات على الشكل الشفوي غير الموثق، نجد أن الأمر مختلف تماماً في الخدمات المرجعية المباشرة، حيث التفاعل يكون دائماً مبنياً على طرق مطبوعة وموثقة، والتي من شأنها تقديم بيانات واحصاءات تدل على تسجيل الدخول، الجهة التي أرسلت لها الخدمة، موضوع هذه الخدمة، السرعة في تقديمها، المستفيد من الخدمة، الدخول لأول مرة مقابل التكرار. وهذه كلها مقاييس مهمة لتقييم الخدمات ومعرفة نجاحها من فشلها.

كما أنها مهمة في إعطاء وصف تقريري عن الخدمات وتحديد إتجاهاتها وكيفية

يعمل في الخدمات المباشرة على تحليل البيانات التيLogاستخداماتها، فنجد مثلاًسجل الويب

يصعب تحليلها بنفس السرعة والفعالية في الخدمات المرجعية التقليدية.

لذلك تحرص كثير من المكتبات على حفظ هذه الوثائق لفترات زمنية من أجل إجراءات التقييم من جهة وللتعرف على المستفيد نفسه من الخدمات من جهة أخرى، حيث أن هذا الجانب من الجوانب المهمة التي يغفلها التقييم التقليدي، الذي تنحصر جل إهتماماتهه على مدى صحة المعلومة واكتمالها فقط دون إعتبار لمن هو المستفيد منها.

ومن الأمور المهمة أيضاً من وجهة نظر المكتبة في تقييم الخدمات المرجعية المباشرة مقدرة التقييم  على تقديم بيانات عن تحليل التكلفة، حيث تشكل هذه البيانات حججاً قوية إذا ماتم تقديمها إلى الجهات الممولة للخدمات، والتي تطالب دائماً بأدلة موثقة عن تكاليف المجموعة المرجعية، تكاليف الإشتراك في قواعد البيانات، نسبة تكلفة كل إجابة مرجعية منفردة. فهذه المقاييس لها أهميتها في تحديد القيمة الفعلية لكل خدمة، وبالتالي تساهم في تحديد المصروفات والتغلب على ضعف الميزانيات الذي تعاني منه المكتبات دائماً.

ورغم أهمية مقياس تحليل التكلفة إلا أنه حقيقية لايستطيع أن يقف بمفرده أمام الجهات الممولة، إذ لابد من أن تتضامر معه المقاييس الأخرى ذات العلاقة، التي من شانها الوقوف على مظاهر ضعف الخدمات من الوهلة الأولى.

وإذا انتقلنا إلى التقييم من وجهة نظر المستفيد، نجد أن هذا الجانب تحدده ثلاث مقاييس رئيسية هي:

1- رضا المستفيد.

2- تكرار العودة.

3- إكتمال الإجابة.

فبالنسبة للمقياس الأول وهو رضا المستفيد نجد أنه لايمكن بأي حال من الأحوال تقديم خدمات مرجعية بدون مستفيدون، فالمستفيدون وآرائهم وتصوراتهم أموراً مهمة وضرورية لإجراءات التقييم. وتعتمد المكتبات بأنواعها في تقييم خدماتها بالدرجة الأولى على رضا المستفيدين. ورغم اختلاف درجات وأنواع الرضا لدى المستفيدين،  وهل هي بسبب اكتمال الإجابة المطلوبة وصحتها، أو سرعتها أم بسبب صحة سلوكيات المسؤول عند تقديم الخدمات. ورغم وجود عدد كبير من القياسات التي تعتمد على رضا المستفيد واختلاف وجهات النظر فيها. ألا أن هذا الرضا يظل دائماً وبكل توجهاته مقياساً من المقاييس المهمة في تقييم الخدمات المرجعية سواء تم بالإعتماد على الإشارات والتعابير وعبارات الشكر التي تتم من خلال التقييم التقليدي بين المستفيد ومقدم الخدمة أو   الكترونياً عبر الخدمات المباشرة.

ورغم إنعدام الإيحاءات والإشارات والتعابير في التواصل المباشر الذي يحدث عبر الرسائل الفورية

إلا أن الكلمات المكتوبة لها المقدرة في أحيان كثيرة على ترجمة هذه Instant massage

الإيحاءات والتعابير والإشارات ومن ثم تحليلها للوصول إلى دلالات تشير إلى مدى رضا المستفيد

من الخدمات.

ويعتبر المقياس الثاني، وهو مقياس تكرار العودة أي عودة المستفيد إلى المسؤول عند تقديم الخدمات، وتكرار السؤال عليه أكثر من مرة، من المقاييس المهمة التي تشبع حاجة المستفيد، ويعتمد علية دائماً في تقييم الخدمات المرجعية التقليدية، غير أنه في الحقيقة لايمكن الإعتماد عليه في تقييم الخدمات المرجعية المباشرة، وذلك يسبب ماذكرنا سابقاً من إنعدام التواصل المباشر بين المستفيدمن الخدمة ومقدمها، وعليه فإنه لابد في الخدمات المباشرة من إيجاد تعريف لتكرار العودة وذلك بطرح أسئلة فرعية أخرى للنظام تتبع الأسئلة الرئيسية وتقدم لنفس الخدمة.

إن مقياس تكرار العودة يعتبر إجراء ضروري لقياس مدى نجاح الخدمة من فشلها. لذلك عندما تستطيع الخدمات المباشرة تحقيق ذلك المقياس عن طريق الإجابة على أكثر من سؤال وفي وقت واحد، عندها تستطيع أن تستحوز على ولاء المستفيدين منها ومن ثم رضاهم عن الخدمات.

ويشكل المقياس الثالث وهو مقياس إكتمال الإجابة عاملاً ضرورياً في القييم التقليدي، حيث السؤال الذي يطرحه المسؤول عن الخدمة على المستفيد دائماً هو:

هل هذه هي الإجابة الصحيحة على سؤالك؟

وفي الحقيقة نعم إن هذا المقياس مهماً في معرفة مدى نجاح الخدمة من فشلهاا؟ ولكن هذا الأمر لا يتحقق بهذه السرعة إلا في الموضوعات العرضية البسيطة، حيث أن الأمر يحتاج إلى تدقيق وبحث ومطابقة وقراءة ومراجعة في الموضوعات البحثية الكبيرة وبعدها يستطيع المستفيد الإقرار بأن هذه هي الإجابة الصحيحة على سؤاله أم لا.

لذلك لابد من الحذر في الإعتماد على هذا المقياس كعنصر أساسي للتقييم.

ويتحقق هذا المقياس في الخدمات المباشرة بشكل أفضل لأن النظام عادةً يسمح بإعطاء وقت للمستفيد للقراءة والفحص والتحليل والمقارنة ثم العودة مرة أخرى للتعامل مع النظام بشكل أو بآخر.

وبذلك نرى أن هناك العديد من المقاييس التي من الممكن الإعتماد عليها في تقييم الخدمات المرجعية المباشرة بشرط تحري الدقة والصدق عند تطبيقها من أجل الحصول على نتائج مرضية.

إقتراحات عند إجراء تقييم لخدماتك:

من الأهمية بمكان قبل إجراء أي تقييم عن الخدمات التحقق من عدد من الأمور التالية:

1- تحديد الأفراد والجماعات المستفيدون من الخدمات.

2- وضع المعايير المستخدمة لتحديد نجاح أو فشل الخدمات حيث أن معايير النجاح والفشل في الخدمات المباشرة تتطلب معرفة:

– حجم الأسئلةالمطروحة، التي تتطلب إجابة في وقت واحد.

– السرعة في تقديم الإجابات على الأسئلة المطروحة.

– رضا المستفيد من الخدمات.

– وصول الخدمات إلى أكبر عدد من المستفيدين سواء كانوا أفراداً أو جماعات.

وعند إغفال أحد هذه المقاييس أو كلها يندرج التقييم تحت مصطلح التقيــم التخميني.

وبالرغم من أن هذا الإجراء يوفر الوقت والجهد المبذولين لأنه أما أن يكون قد استخدم معاييراً ضعيفة أولم يستخدم معاييراً قط، وعليه تكون النتائج غير مرضية لأنها تمت بإستخدام طرقاً عشوائية غير مدروسة وبذلك تشكل كارثة على الخدمات والميزانية.

إن العمل المقيم يجب أن يحقق التوازن المطلوب في تطبيق المعايير، حتى يستطيع أن يخرج بتوصيات قيمة تحدد ماهية الخدمات وأهدافها، وتقدم الحلول الممكنة للتعامل مع مشاكل الخدمات، وتضع الإقتراحات والحلول حول الإتجاهات المستقبلية للخدمات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى