المعلومات ودورها في التنمية
إن الثورة الهائلة التي نعيشها اليوم، و التي تقوم أساساً على تزاوج وسائل الاتصال عن بعد مع شبكات المعلومات و الحواسيب بخاصة، قد أعطت إلى مجتمع المعلومات إنجازات و نجاحات أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع إنها ثورة معلوماتية في طريقها إلى تغيير روتين المجتمعات تغييرا جذريا، كما غيرته الثورة الصناعية خلال القرون الماضية , لأنها تحولات أعطت الصدارة للمعلومات، فأخذت تلعب أدوراً وكبيرة و حساسة في جميع المجالات : الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية لتولد بذلك عصرًا جديدا هو المواجهة الحضارية ، حيث لا يُقاس تقدم الأمم بما لديها من أسلحة و إنما بقدرتها على مواجهة هذه الثورة المعلوماتية – التكنولوجية الفائقة .
هذا وفي رأي أن ليست العبرة بوجود المعلومات، وإنما بتوافر مقومات استثمارها ، ولا تقتصر مقومات الاستثمار على الجوانب التنظيمية التي تضطلع بها مرافق المعلومات فقط، و إنما تشمل أيضاً المستفيد الواعي الحريص ، ولعل أهم ما تمتاز به الدول المتقدمة على الدول النامية هو التميز النوعي في الموارد البشرية على المستوى العام . ويرجع هذا التمييز النوعي إلى مجموعة من العوامل في مقدمتها توافر مقومات استثمار المعلومات ؛ ولهذا العامل انعكاساته المباشرة على غيرة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والصحية و التعليمية .
مفهوم مجتمع المعلومات
التعريف الذي تبناه مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات بجنيف[1]:
“مجتمع يستطيع كل فرد فيه استحداث المعلومات والمعارف والنفاذ إليها واستخدامها وتقاسمها بحيث يُمكّن الأفراد والمجتمعات والشعوب من تسخير كامل إمكاناتهم في النهوض بتنميتهم المستدامة وفي تحسين نوعية حياتهم“
التعريف الذي تبناه تقرير التنمية الإنسانية العربية : [2]
“المجتمع الذي يقوم أساساً على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعي من الاقتصاد والمجتمع المدني والسياسة والحياة الخاصة وصولاً للارتقاء بالحالة الإنسانية بإطراد أي إقامة التنمية الإنسانية“.
التعريف الذي تبناه د. محمد فتحي عبد الهادي: [3]
“المجتمع الذي يعتمد اعتماداً أساسياً على المعلومات الوفيرة كمورد استثماري وكسلعة استراتيجية وكخدمة وكمصدر للدخل القومي وكمجال للقوى العاملة مستغلاً في ذلك كافة إمكانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبما يبين استخدام المعلومات بشكل واضح في كافة أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بغرض تحقيق التنمية والرفاهية“
نشأة وتطور مجتمع المعلومات :
مراحل تطور المجتمع البشري
ويرجع سبب تسمية عصرنا الحاضر بأنــه عصر المعلومــات أو مجتمعــنا المعــاصر بأنـــه مجتـمـع المعلومات؛ أن البشرية قد مرت بعدة مراحل واضحة المعالم في تطورها:
(1) حيث تسمى المرحلة التي كان الإنسان يعتمد فيها على المواد الخام الأولية بالمجتمع ما قبل الصناعي
(2) ثم جاءت بعد ذلك مرحلة المجتمع الصناعي الذي نتج عن إحلال الأدوات الآلية محل الأدوات اليدوية، وما ترتب على ذلك من نمو الإنتاج الصناعي .
(3) أما المرحلة الثالثة و التي نعيشها الآن فهي المجتمع ما بعد الصناعي الذي يدور في فلك المعلومات .
ومن هنا نطلق على مجتمع ما بعد الصناعي أنه (مجتمع المعلومات ) إذا تميز بوسائل اتصال تفاعلية مع انتشار غير محدود . إنه ذلك المجتمع الذي يتعامل مع المعلومات بأسلوب مستمر ، متطور وفعال. ولا شك أن هذا المجتمعات هي التي تبقى وتزدهر وتحقق نتائج إيجابية لمواطنيها ذلك أنها تبقيهم على اتصال مستمر بكل ما هو جديد في العالم بما يحويه من ثورات علمية واجتماعية وثقافية وسياسية . ونتيجة لازدياد الحديث عن المعلومات أصبح يطلق على مجتمعنا المعاصر مجتمع المعلومات وعصرنا الحاضر بعصر المعلوماتية .[4]
مدلول لفظ المعلوماتية :
ومما يتضمنه مدلول لفظ المعلوماتية هنا :[5]
التكنولوجيا : الأسلوب المنهجي المنتظم الذي نتبعه عند استخدام تراث المعارف المختلفة (بعد ترتيبها وتنظيمها في نظام خاص) بهدف الوصول إلى الحلول المناسبة لبعض المهام العلمية .
التكنولوجيا الجديدة : الكمبيوتر وما يتصل به من معدات اتصال وبرامجيات تمكن الكمبيوتر من التخاطب (في إطار شبكي) مع أجهزة أخرى .
تكنولوجيا المعلومات : هي استخدام الآلات التكنولوجية الحديثة ومنها الكمبيوتر في جمع البيانات ومعالجتها .
وهكذا يمكننا تعريف المعلوماتية بأنها: “ذلك الإطار الذي يحوي تكنولوجيا المعلومات ، وعلوم الكمبيوتر ، ونظم المعلومات وشبكات الاتصال وتطبيقاتها في مختلف مجالات العمل الإنساني المنظم .
كما يمكننا القول أن المعلوماتية هي منظومة تحوي أربعة أبعاد رئيسية هي :
(1) العتاد الصلب Hardware .
(2) (البرمجيات (العتاد اللين Software.
(3) الموارد المعرفية Knowledge Ware.
(4) الموارد البشرية Human ware.
عناصر مجتمع المعلومات :
* التجارة الإلكترونية * التعليم الإلكتروني
* الحكومة الإلكترونية * الصحة الإلكترونية
سمات مجتمع المعلومات :[6] (راجي عنايــت1985)
* التحوّل من المركزية إلى اللامركزية.
* التحول من النمطية و الجماهيرية إلى التنوّع و التمايز .
* التحول من العمل العضلي إلى العمل العقلي أو المعرفي .
* التحول من القومية و الدولية إلى العالمية .
* التحول من التعليم القائم على التلقين، إلى التعليم الذي يدعم لدى الدارس القدرة على التفكير و الابتكار و تعليم الذات .
* التحول من ديموقراطية التمثيل النيابي، إلى ديموقراطية المشاركة، و الديموقراطية التوقّعية.
* التحول من المصنع كمركز و رمز إلى المرافق المعلوماتية .
هذه هي بعض سمات مجتمع المعلومات، أما التجارة الإلكترونية،و التعليم الإلكتروني ، و الحكومة الإلكترونية، فهي جانب متواضع من النتائج الكبيرة التي يقود إليها الأخذ بمجتمع المعلومات.
المعلومات والتنمية :
مفهوم التنمية :
يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أُطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يُسمى بـ “عملية التنمية”، ويشير المفهوم لهذا التحول بعد الاستقلال -في الستينيات من هذا القرن- في آسيا وإفريقيا بصورة جلية. وتبرز أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل التخطيط والإنتاج والتقدم .
وقد برز مفهوم التنمية بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يُستعمل هذا المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز “آدم سميث” في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان استُخدما للدلالة على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا Economic Progress أو التقدم الاقتصادي Material Progress التقدم المادي
وحتى عندما ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع Modernization عشر، كانت الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث Industrialization أو التصنيع
وقد برز مفهوم التنمية بداية في علم الاقتصاد حيث استُخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛ بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال. ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوربية تجاه الديمقراطية. وتعرف التنمية السياسية: “بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية”، ويقصد بمستوى الدولة الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوربية تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
ولاحقًا، تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية. فأصبح هناك التنمية الثقافية التي تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظمات الأهلية. بالإضافة لذلك استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته وتحسين أوضاعه في المجتمع.
مجتمع المعلومات والتنمية الإنسانية :
ما هو مجتمع المعلومات المنشود؟
هو مجتمع جامع ومنصف قوامه الإنسان يتاح فيه لكل فرد حرية إنشاء المعلومات والمعرفة والنفاذ إليها والاستفادة منها وتقاسمها ونشرها لتمكين الأفراد والمجتمعات والشعوب من تحسين نوعية الحياة وتحقيق ذواتهم الكاملة، وهي مجتمعات تؤسس على مبادئ العدالة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية وعلى المشاركة الكاملة للشعوب،.مجتمعات معلومات وإتصالات تكون فيها التنمية محاطة بإطار من حقوق الإنسان الأساسية وموجهة نحو تحقيق توزيع للموارد أكثر إنصافا بما يؤدي إلى إستئصال الفقر بطريقة غير إستغلالية وصالحة لتنمية المجتمع بيئيا. إن سد الفجوة الرقمية ليس إلا خطوة على الطريق نحو تحقيق تنمية للجميع.
ذلك هو التعريف الذي صاغته مكونات المجتمع المدني العالمية لمجتمع المعلومات وتبرز جليّة الصبغة المثالية لهذا المجتمع والرغبة في التأسيس لمثل كونية جديدة تسخر تكنولوجيا المعلومات للوصول إلى حالة مثالية لم تتحقق عبر تاريخ الإنسانية.
التنمية المستديمة:
تتمثل التنمية المستديمة في الظروف المعيشية الثقافية والاجتماعية والإقتصادية والسياسية والبيئية لعيش الأفراد والمجموعات و لا يمكن الحديث عن عدالة إجتماعية في ظلّ تواصل حالات التخلف والفقر والظلم الجيوسياسي والتاريخي القائم على أسس إقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وفي ظلّ قيام التوترات والنزاعات الإقليمية وعدم الإستقرار والأمن الداخليين وهو ما ينتج عدم المساواة في توزيع تكنولوجيا الإتصال مما يحد من النفاذ إلى المعلومة بمختلف أنواعها وأشكالها وهو ما يصطلح على تسميته بالفجوة الرقمية التي هي في الحقيقة إسقاط للفجوات الإجتماعية على الإستعمالات الجديدة لتقنية الإتصال لذلك فإن طريق سد الفجوة الرقمية طريق طويل يمر حتما بالتنمية العادلة الشاملة والمتوازنة.
وثيقة تشكيل مجتمعات المعلومات لخدمة الحاجات البشرية: [7]
ورد في وثيقة تونس لتشكيل مجتمعات المعلومات لخدمة الحاجات البشرية ما يلي :
أولا: مكافحة الفقر :
ورد في إعلان المجتمع المدني أن القضاء على الفقر يجب أن يكون أولى أولويات القمة فبدون التصدي للفوارق الاجتماعية القائمة لا يمكن تحقيق تنمية مستديمة تشمل تكنولوجيات المعلومات والإتصال الجديدة.إذ تمثل الفوارق الإجتماعية خطر على البنية المجتمعية وعلى التطور الإقتصادي مهما كانت المجهودات المبذولة فيجب تصنيف برامج مكافحة الفقر والتهميش ضمن الأولويات الوطنية وتجنيد مختلف أجهزة الدولة لوضع البرامج وإقتراح التشريعات للتقليص من الفقر عبر تعميم التنمية وتوزيع الإستثمار على الجهات وإبراز برامج التنمية المندمجة والبرامج الخصوصية لتحسين مستوى الحياة وأعطاء حرية التخطيط والبرمجة إلى الجهات بما يمكن من الإطلاع على الخصوصيات الإقتصادية والتركيبة الإجتماعية لكل جهة فيتم توجيه الإستثمار العمومي إلى الجهات التي تشهد ضعف الإستثمار الخاص بما يساهم في التقليص من التفاوت الجهوي ويعطي حركية إقتصادية في المناطق الداخلية .
كل هذا له أثر في تحقيق نوع من العدالة الإجتماعية ويسهل كذلك إعداد المجتمع لتقبل شكل جديد من أشكال التعاطي مع المعلومة بما وفره من ظروف عيش محسنة تساهم في تسهيل النفاذ نسبيا إلى تقنيات الإتصال الجديدة.
ثانياً : العدالة بين الجنسين :
شددت الوثيقة على ضرورة إقحام المرأة في مجالات إختيار التكنولوجيات وتطويعها وإستعمالها وتملكها بشكل تتساوى فيه مع الرجل وتمت الدعوة إلى إصدار النصوص والتشريعات الوطنية التي تتماشى مع الإعلانات الدولية في الغرض.
ثالثاً: أهمية الشباب :
يتفق واضعو وثيقة “تشكيل مجتمعات المعلومات لخدمة الحاجات البشرية” على أن الشباب يمثل “القوة العاملة للمستقبل” فهو المطور للتكنولوجيا وهو المبدع في الذكاء والإبتكار وهو كذلك أهم مستعملي تقنيات الإتصال لذلك فإنه على الأمم والحكومات أن توليه أهمية قصوى فتسخر كل الإمكانيات المتاحة لتحسين ظروفه الدراسية وحياته العلمية وإدماجه في الدورات الإقتصادية عبر تشجيع الشبان على مواكبة العلوم والمعارف وتمكينهم من عوامل التطوير والمساهمة وتثمين تجاربهم وترسيخ عقلية الإبتكار والإختراع لديهم وتشجيعهم على بعث المؤسسات الخاصة والدخول في عالم المقاولات والأعمال بإنشاء المشاريع ذات الأحجام المختلفة مستفيدين من تنوع المهن والإختصاصات التي توفرها التكنولوجيات الحديثة.
ولئن كان هاجس الدول المتطورة هو ضمان تكوين الشباب بما يجعله يحافظ على نسق التطور وعلى مكاسب التقدم التي تعيشها مجتمعاته فإن الشباب في الدول النامية قد يمثل عبئا إجتماعيا وسياسيا ثقيلا إذا لم توضع له المخططات والسياسات التعليمية والتنموية اللازمة لحسن تكوينه وإستيعابه ضمن الدورة الإقتصادية وتجنيبه مشاكل الإقصاء والتهميش. وفي قراءة للواقع فإن الوضع الدولي الحالي يزيد من تعقيد ظروف الشباب داخل هذه البلدان.
رابعاً : النفاذ إلي المعلومات ووسائل الاتصال :
لقد تطور مفهوم النفاذ إلى المعلومات ووسائل الإتصال ليتخذ شكل المنفعة العمومية وأحد أشكال الانتفاع من الديمقراطية وقد نادت وثيقة “تشكيل مجتمع المعلومات لخدمة الحاجات البشرية” بالتصدي للامساواة في النفاذ إلى المعلومات ووسائل الإتصال وإن كان وجه اللامساواة بارزا عبر الفجوة الرقمية بين الشمال والجنوب وكذلك التباين المستمر بين البلدان المتقدمة والبلدان الأقل تقدما فإن هذه الفجوة موجودة داخل نفس المجتمعات عبر التفاوت في توزع التكنولوجيا على الجهات أو الفئات.
خامساً : محو الامية الاساسية :
مثّل موضوع محو الأمية الأساسية أحد نقاط إهتمام مكونات المجتمع المدني العالمية عبر دعوة إلى مقاومة الأميّة بالنفاذ الشامل إلى التعليم الذي يبني القدرات والمهارات ويهيئ لإستخدام التكنولوجيا ويساهم في مشاركة نشيطة لشرائح أوسع من المواطنين في تصريف شؤونهم وتعتبر الأمية أحد أهم أسباب تخلف الشعوب وتوسع الفجوة الرقمية لأنها تغلق الباب أمام أي نفاذ إلى التكنولوجيا وإلى الحداثة بصفة عامّة. وتتفاوت نسب الأمية داخل البلدان النامية وترتفع في بعضها بشكل مفزع.
خامساً : حقوق الإنسان كركيزة أساسية لمجتمع المعلومات :
لقد شددت الوثيقة على ضرورة أن يقام مجتمع المعلومات على أساس حقوق الإنسان التي تشمل الحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية بما في ذلك حقوق التنمية والحقوق اللغوية وأن تعمل الحكومات والمؤسسات الدولية على مراعاة الترابط التام لتكامل هذه الحقوق وأن تبادر بتركيزها وتطبيق الإتفاقيات بشأنها وحمايتها وتم التأكيد على الحقوق التالية بإعتبارها أساسية ضمن المسيرة نحو مجتمع المعلومات :
حرية التعبير •
الحق في الخصوصية •
حق المشاركة في الشؤون العامة •
حقوق العاملين •
حقوق الشعوب الأصلية •
حقوق المرأة •
حقوق الطفل •
حقوق ذوي العاهات والمعاقين •
تناغم القواعد التنظيمية مع المعايير الدولية •
وهكذا فإن أغلب وأهم حقوق الإنسان التي يعمل الجميع على تحقيقها هي حقوق ترتبط أساسا بالتنمية البشرية وبتحسين مستوى الحياة لمختلف الفئات والشرائح الإجتماعية لأنه لا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان في مجتمعات تعاني التخلف والحرمان والجهل والأميّة، إن تحقيق التنمية البشرية بنسب هامة ومرتفعة يساهم في خلق حاجيات جديدة لدى الإنسان لعلّ أهمها الحقوق السياسية والفكرية.
المعلومات ودورها في تنمية البحث العلمي :
تأهيل الخبرات البشرية
تتمثل أهم واجبات التعليم العالي في تطوير التقنية وتقديم المهارات و تجديدها وإعادة تدريب المحترفين و ذلك للتغلب على نسيانهم السريع لمعرفتهم العلمية، خصوصا أمام التقدم المتسارع في التقنية و مخرجاتها. و ينبغي أن يرافق هذا المنحى العلمي إعادة النظر في الأسلوب المتبع في التعليم بالجامعات، بحيث تتحول تلك الجامعات من جعل فلسفة البحث العلمي والتقنية جزءا من التعليم إلى جعل التعليم رافداً أساسياً للبحث العلمي و ترسيخ التقنية. و بعبارة أخرى، لا تنتهي علاقة الخريجين بالتعليم بمجرد تخرجهم من المدارس أو الجامعات أو المعاهد، بل يظل الجميع في حالة تعليم و بحث مستمرين.
و قد كشف تقرير للبنك الدولي بعنوان “المعرفة طريق التنمية” [8](2003)عن أوضاع المعرفة و فجوتها بين الشمال والجنوب في نهاية القرن العشرين، و بيّن هذا التقرير أن 5.2 مليون عالما في المعمورة يتوزعون بشكل غير متوازن وغير عادل بين بلدان الشمال والجنوب على النحو التالي : أوروبا 20.2%، أمريكا الشمالية 17.8%، آسيا 32.4%، أوقانيا 23.6%، أميركا اللاتينية والكاريبي 3.1%، الدول العربية 1.5% و أفريقيا 0.7%.
و فضلا عن مؤشرات البحث و التطوير السابقة، هناك مؤشر هام يتمثل في حجم الإنتاج العلمي من البحوث. فإنتاج المعرفة يشكل المرحلة الأرقى لاكتساب المعرفة في أي مجتمع و المدخل الأوسع للانخراط في مجتمع المعرفة العالمي. و يمكن بشكل عام قياس هذا الإنتاج من خلال المنشورات العلمية و براءات الاختراع و الابتكارات. و حسب تقرير التنمية الإنسانية لسنة 2003، فإن مؤشر المنشورات العلمية الذي يقاس بعدد البحوث المنشورة في دوريات عالمية محكّمة لكل مليون فرد، و الذي بلغ، في سنة 95، 26 في مجمل البلدان العربية و 42 في البرازيل و 840 في فرنسا 1252 في هولندا و 1878 في سويسرا. أما المؤشرات المتعلقة بعدد براءات الاختراع المسجلة في بعض البلدان خلال الفترة المتراوحة بين سنتي 1980 و 2000، فهي تؤكد التفاوت الواضح في ممارسة نشاط البحث و التطوير و تثمين نتائجه. ففي حين لم يتعدى هذا العدد حوالي 500 في مجمع الدول العربية، 90% منها في مجالات الكيمياء و الزراعة و الهندسة، بلغ 7652 في إسرائيل و 16328 في كوريا معظمها في الحقول المتقدمة مثل تكنولوجيا المعلومات و الاتصال و البيولوجيا الجزئية.[9]
تمويل البحث العلمي
تخصص الدول المتقدمة مبالغ مالية هامة و متزايدة من أجل البحث العلمي لأنها تعتبر ذلك استثمارا هادفا يمكن من جني أرباح أكيدة. بينما لا تشكل مخصصات البحث العلمي في الدول النامية و خاصة منها الدول العربية إلا نسبة ضئيلة من ناتجها القومي الإجمالي. فحسب إحصائيات منظمة اليونسكو لسنة 2004، خصصت الدول العربية مجتمعة للبحث العلمي ما يناهز 1,7 مليار دولار أي ما نسبته 0.3 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، بينما خصصت دول أمريكا اللاتينية والكاريبي 21,3 مليار دولار أي ما نسبته 0.6 في المائة من الناتج القومي الإجمالي. و خصصت دول جنوب شرق آسيا 48.2 مليار دولار أي ما نسبته 2.7 في المائة.
أما على مستوى البلدان، في سنة 2002، فقد خصصت السويد ما يفوق 10 مليار دولار أي ما نسبته 4.27 من ناتجها القومي الإجمالي، و خصصت فنلندا حوالي 5 مليار دولار أي ما نسبته حوالي 3.5 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي، و خصصت اليابان حوالي 107 مليار دولار أي ما نسبته حوالي 3 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي، و خصصت الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 275 مليار دولار أي ما نسبته حوالي 2.7 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي. و أما إسرائيل، فقد خصصت 6.1 مليار دولار أي ما نسبته 4.7 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي، وهو مبلغ يفوق ما تخصصه كل الدول العربية مجتمعة بنحو ثلاث مرات و نصف، ممثلة بذلك أعلى نسبة في العالم.
و على صعيد آخر، أولت دول جنوب و شرق آسيا أهمية متزايدة للبحوث والتطوير، إذ رفعت كوريا الجنوبية مثلا نسبة إنفاقها على البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي من 0.6 في المائة في عام 1980 إلى 2.92 في المائة في عام 2003. أما ماليزيا فقد أصبحت، بفضل سياستها العلمية والتقنية، الدولة الثالثة في العالم إنتاجا لرقائق أشباه الموصلات، وأكدت في خطتها المستقبلية لعام 2020 على الأهمية الخاصة للعلوم والتقنية في الجهود الوطنية للتنمية الصناعية والمنافسة على المستوى العالمي.
و يعد القطاع الحكومي الممول الرئيسي للبحث العلمي في الدول النامية، إذ يفوق في معظم الحالات 90 في المائة من مجموع التمويل المخصص للبحوث والتطوير مقارنة بنسبة 3 في المائة يخصصها القطاع الخاص و7 في المائة توفرها مصادر مختلفة. وذلك على عكس الدول المتقدمة وإسرائيل، حيث تبلغ حصة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي حوالي 74 في المائة في اليابان و 73 في المائة في كوريا الجنوبية و 72 في المائة في السويد و 70 في المائة في فنلندا و 65 في المائة في ألمانيا و الولايات المتحدة الأمريكية و حوالي 50 في المائة في إسرائيل و الدول الأخرى.
المصادر و المراجع:
(1) مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات . جنيف , 2003 م
(2) تقرير التنمية الانسانية العربية , 2003 م
(3) د. محمد فتحي عبدالهادي . المعلومات وتكنولوجيا المعلومات على أعقاب قرن. 2002 • القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب , ص203
(4) حشمت قاسم . المعلومات و الأمية المعلوماتية في مجتمعنا المعاصر• المعلومات و الأمية المعلوماتية في مجتمعنا المعاصر, الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات : كتاب سنوي• 1994. ع.1. ص•ص.27-26 1994 ص.27-26
(5) المصدر السابق نفسه
(6) راجي عنايت . 1985
(7) وثيقة تشكيل مجتمعات المعلومات لخدمة الحاجات البشرية. تونس 2001
(8) تقرير للبنك الدولي بعنوان المعرفة طريق التنمية (2003)
(9) المصدر السابق نفسه
(1) مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات . جنيف , 2003 م
(2) تقرير التنمية الانسانية العربية , 2003 م
(3) د. محمد فتحي عبدالهادي . المعلومات وتكنولوجيا المعلومات على أعقاب قرن. 2002 ص203
(4) حشمت قاسم . المعلومات و الأمية المعلوماتية في مجتمعنا المعاصر• 1994 ص.27-26
(7) وثيقة تشكيل مجتمعات المعلومات لخدمة الحاجات البشرية. تونس 2001