معارض الكتاب العربية : “حراج” كبير للبضائع الأجنبية و حرج أكبر للثقافة العربية!
يعد معرض الكتاب book fair في أي أمة بمثابة المؤشر المساعد في قياس الحالة الثقافية و الادبية التي تعيشها و تمر بها، وهو أيضا انعكاس واضح لازدهار و رواج حركات و عمليات التأليف و النشر و التوزيع التي تتم في الامة. يكاد يكون لكل دولة معرضها الخاص بالكتاب لعرض إنتاجها من الكتب التي تمثل جميع المجالات الحياتية، بجانب إتاحة الفرصة لعرض إنتاج الدول الأخرى أيضا من كتب تترجم فلسفتها و بيئتها و حركتها العلمية و الثقافية، مما يساعد في معرفة الدول و الشعوب ببعضها البعض عن طريق ما تتضمنه هذه الكتب، سواء تلك الكتب الصادرة منهم أو تلك الصادرة عنهم. يُنظر دائما إلى معارض الكتب على أنها ذلك الملتقي المعرفي و الثقافي و الأدبي الكبير الذي يجمع من كل حدب و صوب العلماء و المفكرين و المبدعين و الأدباء و الباحثين، و حتى العوام من الناس، في مكان واحد تذوب فيه الفوارق العلمية و حتى الشكلية بينهم، و هو بذلك أيضا فرصة حقيقية لتلاقي القاصي و الداني، و الجمع بينهما في مشهدا ثقافيا تتلاشي فيه الحواجز بينهما و يجمعهما الفكر لمناقشة كتاب ما، أو قضية ما، أو حتى هم ما، مما يثري بذلك المعرفة بينهما، و من ثم ولادة صداقة و تعاون تحت سماء المعرض.
على صعيد أخر، يعد معرض الكتاب مقياسا هاما يتبعه المهتمون و المعنيون بإنتاج و نشر و توزيع الكتاب، كالناشرين و غيرهم، للوقوف على اهتمام كل من الدولة و الشعب بالكتاب، الأمر الذي يساعدهم على التفكير بالخوض أو المشاركة فيه من عدمه. فالأمة التي تقرأ وتهتم بالقراءة، نجدها تهتم بكل ما من شأنه المساعدة في ذلك، كالاهتمام بصناعة القراءة، على سبيل المثال، و ما تتطلبه هذه الصناعة من أدوات و عمليات و خدمات عرض و تسويق و ما شابه ذلك، و لا شك أن ذلك يساعد أفرادها في الانخراط في “مجتمع أقرأ لتتعلم”!
على كل حال، لا تقتصر المعارض – كما قد يُفهم من أسمها – على عرض الكتب فقط، بل تتعدي هذا المفهوم الضيق – هكذا يجب أن يكون – لتشمل كل الوسائل المتاحة و الممكنة من تنويه و إعلان و خدمات وما شابه ذلك، و لا تُقام المعارض فقط لعرض الكتاب، بل غالبا ما يصاحبها فعاليات و أنشطة و ندوات ثقافية و مهرجانات فنية متعددة مناسبة لبيئة الكتاب و خادمة له من حيث التعريف به و أهميته و تقديره.
أثناء بعثتي الدراسية في الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على درجتي الماجستير و الدكتوراه، و كذلك أثناء عملي كأستاذ مساعد في قسم علوم المكتبات بكلية التربية الأساسية بدولة الكويت، و كذلك أثناء زيارتي إلى بعض الدول العربية، خاصة دول الخليج العربية، فضلا عن زيارتي المتكررة إلى الوطن (جمهورية مصر العربية)، كانت هناك فرص – و إن كانت قليلة – لزيارة معارض الكتاب بتلك الدول. كان لكل زيارة ظروفها الخاصة، خاصة من ناحية التوقيت، و إن كان الغرض و الهدف منها واحدا. قبل البدء، أود الإشارة إلى إنني لا أقوم هنا بعقد مقارنة بين ما رأيته من معارض للكتاب بتلك الدول، ليس لضيق الوقت أو لقلة المساحة المخصصة للكتابة أو حتى لضعف القدرة علي المقارنة، و إنما لأسباب ليست بخافية علي الجميع، تتمثل في فلسفة و ثقافة و ظروف كل دولة في عرض ما لديها من كتب، و كذلك في عرض ما يرد إليها من كتب خاصة بالدول الأخرى. كذلك، علينا أن نعرف، أن هناك عنصران أساسيان للمقارنة بين شيئين أثنين، أو حتى أكثر، إلا و هما التشابه و الاختلاف، و لا تتحقق أي مقارنة حقيقة بدونهما أو أحدهما علي الإطلاق، فإن عرضنا لعنصر التشابه بين معارض الكتاب الموجودة بالولايات المتحدة الأمريكية و مثيلاتها بالدول العربية، على سبيل المثال، لوجدنا قليل من التشابه و كثير من الاختلاف. يرجع المختصون و المعنيون بأمر معارض الكتب الأجنبية بوجه عام و العربية بوجه خاص قلة هذا التشابه و كثرة هذا الاختلاف إلى ما يُعرف بـ “ثقافة” و “صناعة” عرض الكتاب، اللتان تؤثران بقوة في عملية الإقبال عليها، و من ثم في عملية اقتنائها، خاصة لو أننا عرفنا أن بعض الدول تعتمد اعتمادا كبير على هذه المعارض لتسويق و بيع الكتب بها، كجمهورية مصر العربية، على سبيل المثال، إذ أن 70% من حجم مبيعات الكتب فيها يتم عبر معرض عاصمتها للكتاب، معرض القاهرة الدولي للكتاب (جريس، 2008)، هذا إن لم يكن 80%، كما يؤكد في ذلك الدكتور ناصر الأنصاري رئيس المعرض (جريدة الأهرام، 2008). مازال هناك الكثير من العمل أمام معارض الكتاب العربية للقيام به نحو التعامل مع عرض أوعية المعلومات المختلفة، و لاسيما سيدها، الكتاب، حتى تصل إلى أن تُأخذ كنموذجا يُحتذي به في التمثيل و الاستشهاد “الجيد”!
معارض الكتب … وقفة عند المُسمي و التبعية !
تختلف – بصفة عامة – مُسميات معارض الكتاب من معرض لأخر، خاصة تلك التي تُعقد تحت تغطية دولية. لذلك، ليس من المستغرب أن تدرج كثير من هذه المعارض لفظة “دولي” في المًسمي الخاص بها، كـ”معرض القاهرة الدولي للكتاب” و “معرض فيينا الدولي للكتاب” على سبيل المثال . كذلك، تُسمي كثير من هذه المعارض بأسماء البلدان التي تُعقد بها، كـ”معرض أمريكا الدولي للكتاب”، أو بأسماء العواصم، كـ”معرض مسقط الدولي للكتاب” و “معرض الدوحة الدولي للكتاب”، أو بأسماء المدن ألكبري، كـ “معرض فرانكفورت الدولي للكتاب”، و إن كانت هناك بعض المعارض لا تسلك مثل هذا المسلك، و إنما سلكت مسلكا أخر، كالأخذ أولا باسم الوعاء نفسه (الكتاب) مع ذكر اسم البلد لاحقا، كـ “المعرض الثقافي الدولي للكتاب في الصين” و “معرض الكتاب العربي بسوريا”. بالرغم من الوهلة الأولى لقراءة مُسمي المعرض الأخير التي توحي باقتصار هذا المعرض على الكتب العربية فقط دون الكتب الأجنبية الأخرى، إلا أن ذلك ليس بصحيح تماما، إذ أن المعرض يمتد ليشمل و يعرض كتب أخري غير عربية، و يؤكد ذلك “معرض بيروت العربي للكتاب”، الذي يعد ثاني أكبر معرض للكتاب في العالم العربي بعد معرض القاهرة الدولي للكتاب، علي حد قول بدر الدفاعي سكرتير المجلس القومي للثقافة و الفنون و الآداب بدولة الكويت في مقابلة صحفية له مع نوارة فاتهوفا (2007). من الجدير بالذكر، أنه من الممكن أن يكون هناك للبلد الواحد أكثر من معرض واحد للكتاب، كما نري في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يوجد بها معرضين دوليين كبيرين، هما معرض “الشارقة الدولي للكتاب”، و كذلك “معرض أبو ظبي الدولي للكتاب”، و اللذان يُعقدان في شهر واحد، أكتوبر من كل عام!
غالباً ما تتبع و تخضع معارض الكتب للإشراف الكامل من قِبل الحكومة، فضلا عن رقابة رسمية تصل لحد التدخل بمصادرة كتب ذات توجه مخالف أو معارض لها. هناك جهات و وزارت حكومية معينة يُخول إليها مهمة تنظيم معارض الكتب و الاشراف عليها. من الوزارات الحكومية المخول إليها هذه المهمة في بعض الدول، وزارة الثقافة، كما هو الحال في معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب الذي تنظمه “وزارة الاتصال و الثقافة المغربية”، و معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي تنظمه “الهيئة العامة للكتاب” التابعة لوزارة الثقافة المصرية، أو وزارة الإعلام، كما هو الحال في معرض البحرين الدولي للكتاب، الذي ينظمه “المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب بالبحرين” التابع لوزارة الإعلام البحرينية. مع ذلك، يوجد عدد ليس بكبير لا يخضع – بصالعربية:ة – للإشراف الحكومي، كما هو الحال في معرض عمان الدولي للكتاب، الذي ينظمه و يشرف عليه “إتحاد الناشرين الأردنيين”، و معرض بيروت العربي للكتاب، الذي ينظمه و يديره “إتحاد الناشرين اللبنانيين”، و كذلك معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي ينظمه “إتحاد الناشرين الألمان”.
التوقيت و المُدد الزمنية لمعارض الكتاب العربية :
من حيث التوقيت، تتركز معظم معارض الكتاب العربية في الفترة من أكتوبر حتى مارس من كل عام. يكفي القول أن شهراً واحد، كشهر فبراير، يحتضن ثلاثة من أكبر هذه المعارض، معرض القاهرة و معرض الرياض ومعرض الدار البيضاء، للحد الذي يشهد أحيانا تداخلا بين هذه المعارض الثلاث، الأمر الذي يؤثر بدوره على الناشرين، بكل تأكيد، من حيث استعدادهم و جاهزيتهم للتنقل بين المعرض و الأخر، و ينعكس كذلك سلبا على تواجدهم تواجدا مشرفا أمام كل من إدارة المعرض و الجمهور. يؤكد الصحفي محمد فريد (جريدة القبس الكويتية) أن اختيار التوقيت مرتبط غالبا بالأحوال و الظروف المادية للجمهور الذي يقصد المعرض، فكلما كان الوقت في الأسبوع الأول من الشهر أو الأسبوع الأخير منه، كلما تضاعفت أعداد الزوار و زادت المبيعات، باعتبار أن الطبقة الواسعة من هذا الجمهور من الموظفين و الطلاب الذين يحصلون على رواتبهم أو مصروفهم في بداية أو نهاية الشهر (فريد، 2008).
من هنا، يؤكد الدكتور يوسف بن عبد الله العليان على ضرورة التنسيق في مواعيد معارض الكتاب المقامة في الدول العربية، إذ يبدأ، على سبيل المثال، معرض الرياض الدولي للكتاب قبل أن ينتهي معرض مسقط الدولي للكتاب، و ينطلق معرض أبو ظبي الدولي للكتاب قبل أن ينتهي معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يتبعه معرض عدن الدولي مباشرة. لا شك أن هذا التداخل في المواعيد مع غياب التنسيق اللازم، يؤثر سلبا على دور النشر و على المهتمين بالكتاب، و حتى علي المتابعة و التغطية الإعلامية، كما يؤثر بدوره على الكتاب نفسه، ذلك أننا في حاجة إلى تواصل دائم مع الكتاب عبر شهور السنة، و أن لا تتركز كثير من المعارض في شهر واحد و تبقي الأشهر الأخرى خاوية من إقامة أي معرض بها (2008). كانت لهذه المشكلة تحرك عُقد بمدينة الرياض السعودية في العشرون من فبراير من العام 2006، الذي جاء في شكل ملتقي، سُمي بـ “الاتجاهات الحديثة في تنظيم معارض الكتاب الدولية”. جاء الملتقي، الذي حمل عنوان “اتفاق على تطوير معارض الكتاب العربية و إلغاء الرقابة.. و اختلاف حول التوقيت”، ليناقش، كما هو واضح من عنوانه، أسلوب عمل و تطوير معارض الكتاب العربية من حيث الشكل و المضمون، و أيضا تقليص دور الرقابة على مطبوعات و معروضات المعارض، بجانب العمل على تجنب ظاهرة “التداخل” التي تشهدها هذه المعارض في توقيتاتها، وذلك لمساعدة الجميع، أفراد و ناشرين، في الاستفادة القصوى من كل معرض يُقام على حده (الهرسان، 2006).
من حيث المدة الزمنية و عدد أيام العرض و كذلك المساحة، تتراوح مدد العرض بمعارض الكتاب العربية من ستة أيام إلى سبعة عشر يوما، أقلها ما نشهده في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب (6 أيام)، و أطولها ما نشهده في معرض بيروت العربي للكتاب (17 يوما)، و تتراوح ذلك من حيث المساحة من 100م2 إلى ما يقرب من 76000م2، أصغرها معرض القاهرة الدولي لكتب الأطفال (100م2)، و أكبرها معرض القاهرة الدولي للكتاب (76430م2). التالي، بيان مفصل لمعارض الكتاب العربية من حيث المدد الزمنية – بالتقريب – و مكانها و كذلك مساحتها (مرتبا وفق عدد أيام كل معرض، الأقل فالأكثر) (وزارة التعليم العالي السعودية، 2007):
أسم المعرض |
المكان |
عدد الايام (تقريبا) |
الزمان
(ليست فترات ثابتة وإنما تدور حول هذا الوقت) |
المساحة
|
معرض أبو ظبي الدولي للكتاب | أبو ظبي | 6 أيام | النصف الأخير من مارس | 15000م2 |
معرض القاهرة الدولي لكتب الاطفال | القاهرة | 7 أيام | النصف الأخير من نوفمبر | 100م2 |
معرض الرياض الدولي للكتاب | الرياض | 10 أيام | النصف الأخير من فبراير | 10000م2 |
معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب | الدار البيضاء | 10 أيام | النصف الأخير من فبراير | 18000م2 |
معرض تونس الدولي للكتاب | تونس | 10 أيام | النصف الأخير من أبريل | 16000م2 |
معرض عمان الدولي للكتاب | عمان | 10 أيام | النصف الأول من أكتوبر
(كل سنتين) |
8500م2 |
معرض صنعاء الدولي للكتاب | صنعاء | 10 أيام | النصف الأخير من أكتوبر | 9500م2 |
معرض الكتاب العربي بسوريا | دمشق | 10 أيام | النصف الأخير من أكتوبر | 7500م2 |
معرض البحرين الدولي للكتاب | المنامة | 10 أيام | النصف الأخير من مارس
(كل سنتين) |
8000م2 |
معرض مسقط الدولي للكتاب | مسقط | 11 يوما | النصف الأخير من فبراير | 5000م2 |
المعرض الدولي للكتاب بالجزائر | الجزائر | 11 يوما | نهاية أكتوبر لأوائل ديسمبر | 10000م2 |
معرض الدوحة الدولي للكتاب | الدوحة | 11 يوما | نهاية ديسمبر لأوائل يناير | 10000م2 |
معرض الكويت الدولي للكتاب | الكويت | 11 يوما | النصف الأخير من نوفمبر | 14000م2 |
معرض الشارقة الدولي للكتاب | الشارقة | 11 يوما | النصف الأول من ديسمبر | 16000م2 |
معرض القاهرة الدولي للكتاب | القاهرة | 14 يوما | نهاية يناير لأوائل فبراير | 76430م2 |
معرض بيروت العربي للكتاب | بيروت | 17 يوما | النصف الأول من ديسمبر | 10000م2 |
مما لاشك فيه، تؤثر المساحات المكانية التي يشغلها أي معرض كتاب في كم المعروض من الكتب و المواد الاخرى المرتبطة به. فعلى سبيل المثال، وصلت مساحة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في دورته الواحدة و الستون، التي عُقدت في العاشر من أكتوبر العام 2007 إلى 171790م2، و هو بذلك يعد أكبر معرض في العالم من حيث المساحة، الأمر الذي ساعد على اشتراك عدد كبير من الدول فيه، وصل في العام نفسه إلى “مائة و عشرة دولة”، و كذلك عدد الناشرين (7448)، و بالتالي أنعكس ذلك إيجابا على عدد الكتب التي عُرضت، و التي وصلت لـ 391000، التي كان منها 121000 كتاب عُرض لأول مرة (شبكة النبأ المعلوماتية، 2007).
يتردد كثيرا أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يعد ثاني أكبر و عددالكتاب على مستوي العالم من حيث المساحة بعد معرض فرانكفورت، إلا أن هذا الأمر في حاجة إلى تصحيح، فإذا كان معرض القاهرة الدولي للكتاب يعد الثاني من بعد معرض فرانكفورت من حيث المساحة (77000 م2 تقريبا)، فأين يقع معرض طهران الدولي للكتاب الذي تبلُغ مساحته 95000م2، و الذي أشترك في دورته العشرون، التي عُقدت في الأول من مايو للثاني عشر منه، العام 2008. وفقا لإحصائيات المعرض، كان عدد الدول المشتركة “66” دولة و عدد دور النشر “2569” دار نشر. في العام نفسه (2008)، عُقدت الدورة الأربعون لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، و لكن بمشاركة “28” دولة فقط، يمثلون “743” ناشر، على مساحة قُدرت وقتها بـ “66000 م2”! (جريدة الأهرام، 2008).
معارض الكتاب العربية: حراج كبير للبضائع الأجنبية و حرج أكبر للثقافة العربية !
يقف رواد معارض الكتاب العربية، خاصة هؤلاء النابهون و المدركون لما يرونه و يدور حولهم، أمام سؤالا كبيرا دائما يرددونه لأنفسهم عن ما إذا كانت معارض الكتاب العربية في حقيقتها سوقا أم معرضا للكتاب؟ يؤكد المهندس إبراهيم المعلم، رئيس إتحاد الناشرين العرب و نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين و صاحب دار الشروق للنشر في مقابلة له مع الصحفية جهاد فاضل (جريدة الراية القطرية)، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب، يعد سوقا أقرب منه إلى معرضا للكتاب، فالسوق هي ذلك المكان المخصص لبيع السلع و المنتجات – قديمة كانت أو حديثة – أما المعرض، فهو ذلك المكان المخصص فقط لعرض الكتب، على أن يتم الاتفاق بين العارض و الراغب في الشراء على الطريقة التي تتم بها عملية البيع، نقدا أو بأي وسيلة أخري مقبولة. كذلك، سوق الكتب عبارة عن مكتبات وُجدت لبيع الكتب، و في هذه السوق تجد كتبا يزيد عمرها عن عشرات السنين، في حين أن المعرض يُفترض إلا يعرض إلا كتبا حديثة أو نماذج من الكتب الحديثة (فاضل، 2010).
تتجاور في معارض الكتاب العربية – بطريقة ملفتة للنظر جدا – المطبوعات من الكتب مع مواد و منتجات و بضائع أخري ليست لها أي صلة بهذه المطبوعات، من قريب أو من بعيد، بل و تتنافس هذه المواد و هذه البضائع مع الكتاب لجذب أكبر عدد من الجمهور، مستعملة بذلك مكبرات صوت ضخمة و شرائط كاسيت منفرة لإضفاء جو من الضوضاء، الذي أعتاد عليها بعض من هذا الجمهور، و أصبح مرتبطا بها عند اشتراكه في أي مناسبة! من هذه المواد، المأكولات المختلفة بأنواعها المتعددة ذات الروائح الشديدة، و كذلك المشروبات المعدنية و الغازية، و أيضا المسليات و الحلويات!!! أذكر إنني لم أتعامل مع أحدى المطاعم المتخصصة و الشهيرة في الأكلة المصرية الشهيرة “الكشري” إلا على أرض معرض القاهرة الدولي للكتاب، و الحال كذلك مع كثير من زائريه، خاصة الوافدين عليه من أماكن بعيدة، كما لو أننا قد ذهبنا فقط لتلبية نداء المعدة من أكل الكشري، بدلا من تلبية نداء العقل و الوجدان من قراءة كتاب ما أو حضور ندوه بشأنه! من المواد أيضا انتشار كبير لبضائع دول جنوب شرق أسيا، كالأجهزة الحاسوبية الصغيرة و القواميس الالكترونية و المفكرات الالكترونية، بجانب البوسترات و الإعلانات الضخمة و المختلفة و كذلك أسطوانات الأغاني و الأفلام، و أيضا العطور و البخور في مشهد يؤكد أن معارضنا العربية للكتاب أصبحت سوقا للبضائع الأجنبية أكثر منها معارض للكتاب، فضلا عن مزاحمة كثير من الموظفين المتطفلين، كموظفي البنوك، على سبيل المثال، و محاولاتهم و استمالتهم لرواد المعرض لفتح حساب أو لعرض الخدمات التي يقدمها بنوكهم لهم، هذا بالإضافة إلى الانتشار غير الحضاري لعربات الإسعاف – التي لا نعلم هويتها، عامة كانت أو خاصة، تجارية كانت أو خيرية – تنادي أيضا عبر مكبرات الصوت الضخمة للتبرع بالدم في مشهد غير حضاري لا نجده في معارض الدول المتحضرة، مرة مقابل كوب من العصير و مرة أخري مقابل مبلغا زهيدا من المال بطريقة تنم و تكشف عن الاتجار بدم المتبرع! مما لا شك فيه، يتنافي كل هذا مع قدسية المعرض و قدسية المادة التي أُنشأ من أجلها و سُمي بها، إلا و هي الكتاب!
للأسف الشديد، لقد باتت معارضنا العربية للكتاب في حالة لا يُرثى لها على كافة الأصعدة، فضلا عن غياب الكثير من ملامحها و أهدافها التي قامت من أجلها. لقد أصبحت ما يشبه بـ “الحراج” الكبير، الذي وسع كل شيء، بدءا من الكتاب نفسه – الذي ضاعت ملامحه بين صخب الأشياء الأخرى – مرورا بالمطاعم و مأكولاتها ومشروباتها شديدة الرائحة و المحلات و منتجاتها المتعددة و عروضها و البنوك والمستشفيات و موظفيها المتطفلين و الباعة الجائلين و منادو السلع، و انتهاءً بالمتسولين المتطفلين في مشهد يؤكد – بحق – كم باتت معارضنا العربية للكتاب “سويقة” تُقام و تنفض سنويا و الخاسر الأكبر فيها هو الكتاب، الأمر الذي وضع الثقافة العربية في حرج شديد أمام الثقافات العالمية الأخرى، و رجع بهيبتها و بمكانتها إلى الخلف بعد أن كانت أحدي أقدم و أهم و أكبر و أعرق الثقافات التي شهدها الماضي “البعيد”!
في مقابلة له مع الصحفية إستبرق أحمد (جريدة القبس الكويتية) بشأن معارض الكتاب العربية بصفة عامة و معرض الكويت الدولي للكتاب، يؤكد الناقد و الصحفي علاء الجابر أن ما ينقص معارضنا العربية أن تغير جلودها من تلك الحانات و “الدكاكين” – على حد استخدامه – التي تبيع أوراقا مضمومة بأغلفة زاهية إلى أجنحة للنقاش والمتعة و الحوار، ينقصها كذلك أن تتحول إلى احتفالية حقيقية تحتفي بها الدولة كلها على اختلاف طوائفها و توجهاتها، لا أن تنزوي في قاعات بائسة نائية لا يعلم و لا ينعم بها إلا قلة من الناس، ينقصها كذلك الالتحام الحقيقي مع الناس و جذبهم و استقطابهم بكل الطرق و الوسائل الممكنة إلى القراءة و الإطلاع و خلق علاقة فعلية مع الكتاب (أحمد، 2009). و بشهادة شاهد من أهلها، يؤوبوق:اتب الاردني موسي الحوامدة (2008) بأن معرض عمان العربي للكتاب ما هو إلا مكانا لعرض الكتب على الرفوف فقط، و ما أجنحته المختلفة و المنتشرة إلا أكشاك و حانات للبيع فقط ليس أكثر!
معارض الكتاب العربية: سوق وبوق :
“قرب أتفرج أنا مش بهرج… أي حاجة بجنيه و نص”!
“قرب قرب ويلا واحد.. أي كتاب بجنيه واحد … قرب يا أستاذ قرب يا دكتور”!
في مقابلة لها مع الصحفي جمال القصاص (جريدة الشرق الأوسط السعودية)، تشبه الكاتبة سارة ربيع معرض القاهرة الدولي للكتاب، خاصة في دورته الثانية و الأربعون لعام 2010، بسوق الجمعة الشعبي الشهير في القاهرة، حيث تزاحم المعرض السلع التجارية والمنتشرة في المعرض بشكل مبالغ فيه، وذلك على حساب عرض الكتب والمجلدات، فنشاهد أكشاكا صغيرة تباع فيها المأكولات والمشروبات بشكل مخيف، وتتنوع ما بين المشويات الطازجة والدجاج المقلي و البيتزا، وفي بعضها تجد ركنا مخصصا للمأكولات الشامية إرضاء للناشرين العرب القادمين من بلاد الشام كسوريا و لبنان. أما عن سور الأزبكية، فترى سارة ربيع، أنه تحول إلى سويقة عشوائية بالفعل، فالنداءات على الكتب تخترق الاذن وبنغمات متفاوتة من قبيل: «قرب قرب ويلا يلا أي كتاب بجنيه واحد، قرب يا أستاذ قرب يا دكتور». مؤيدا لها، يؤكد الدكتور يوسف العليان (2008) – متهكما – بأن الكتب التراثية و كذلك المجلات و الصحف القديمة المنتشرة بكثرة في هذا السور “سور الأزبكية”، إنما تُباع بالكيلو في مشهد يوحى بتدني التعامل مع الكتاب، خاصة القديم الذي يحمل في نفوس الكثير منا مكانة كبيرة، فضلا عن ما يحمله من حميمية عظيمة!
يحزن المرء – للأسف الشديد – عندما يري معارضنا العربية للكتاب و قد باتت مسرحا و مرتعا للتسكع و التنزه، الأمر الذي باعد بينها و بين ما وُضع لها من أهداف ثقافية جليلة. يري الكاتب السعودي الدكتور جميل مغربي إن فكرة إقامة المعارض فكرة استهلاكية، تستغل نزعة حب التسكّع والنزهة والإغراء على الشراء، الموجودة لدي الكثير من الشعوب العربية، لمجرد اقتناء مجموعة من الكتب، وقذفها على أحد رفوف المكتبة دون فائدة علمية، بل ربما بذلك نحجب الفائدة عن عالِم أو باحث يسعى إلى الحصول عليها. ولذلك تقتصر فكرة المعارض على دول العالم الثالث، أو الدول النامية. عكس ما يتوهمه كثير من الناس، فإن فكرة معارض الكتاب التي تتفاخر الدول العربية بإنجازها، تبدو – كما يتصور مغربي – فكرة متخلّفة وبدائية في زمن إذابة الحواجز وتحطيم الحدود، والغزو المعرفي إلى غرفة مكتبك عبر زر الكمبيوتر. إن فكرة معارض الكتاب تعيدنا إلى عصر التدوين على الاحجار والجلود، ونقلها من موضع إلى موضع، لأنها ببساطة الطريقة الوحيدة التي لا يتوفر سواها لنقل المعلومة (مغربي، 2010).
تنظيم معارض الكتاب العربية: عندما يغيب الفكر و التخطيط و تعتلي العشوائية القمة !
يعد تنظيم المعارض – أي كانت طبيعتها وبيئتها و حجمها و الهدف منها – حرفة و مهنة لم تألفها الدول العربية على النحو الذي نراه في دول أجنبية أخري، و نري هذا جيدا وبوضوح عندما تستعين الدول العربية – بصورة تكاد تكون دائمة – بخبرات الدول المتقدمة في إقامة و تنظيم المعارض، و كذلك الاحتفاليات الثقافية و العسكرية و الرياضية ألكبري. أن ما يُطلق عليه “ثقافة العرض” بصفة عامة و “ثقافة المعرض” بصفة خاصة، ما هي إلا صناعة كاملة يُطلق عليها ما يُعرف أيضا بـ “صناعة العرض”، تلك الصناعة المؤلفة من آليات عمل منظمة و مرتبة على نحو يضمن لها تحقيق الهدف الموضوع و المرجو تحقيقه. فلا تقتصر المعارض المتخصصة، كمعرض الكتاب هنا على سبيل المثال، على التفكير في عرض الكتاب فقط بهدف بيعه أو تصفحه، و إنما التفكير أيضا في كل ما من شأنه أن ييسر الوصول لهذا الكتاب من طُرق و مواصلات، فضلا عن التفكير في إتاحة الخدمات الأساسية المساعدة و المكملة في عملية الوصول، كتوفير ساحات لانتظار سيارات الجمهور، و السماح لذوي الاحتياجات الخاصة بالدخول بسياراتهم المجهزة في حال عدم توفير – دائما لا تعرف المعارض العربية ما يُعرف بـ “ثقافة خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة” – سيارات تحرك مجهزة لهم، كذلك إبراز معالم و مباني المعرض و أجنحته و سراياته المختلفة للجمهور بوضع العلامات الإرشادية الدليلية الواضحة و متعددة اللغات، و ذلك لضمان الوصول إلى الكتاب المحدد و القاعة المحددة، و من ثم الاقتناء الآمن له، أو حتى التصفح الجيد له.على كل حال، تنم الطريقة التي يتم بها عرض الكتاب عن فكر و خبرة صاحبها في جذب و استقطاب القارئ، فتساعد هذه الطريقة بما لا شك فيه إلى فهم جيد لمحتوي الكتاب فضلا عن تقديره. في مقابلة له مع الصحفي أحمد حميدة (جريدة القبس الكويتية)، يؤكد الروائي فؤاد قنديل أن أكثر السلبيات الملحوظة و الملموسة بشدة في معرض القاهرة الدولي للكتاب على جميع مدار دوراته – على حد قوله – التي وصلت لأثنين و أربعون دورة حتى الآن، هي غياب العلامات الإرشادية اللازمة بأماكن دور النشر، فضلا عن تواجد أمني مكثف و مبالغ فيه، قد شوه بعرباته و مدرعاته ومتاريسه الحديدية (!؟) الغرض الثقافي الذي من شأنه أُقيم هذا المعرض “الدولي” الكبير (حميدة، 2010)! بالرغم من أن المعرض حدث ثقافي بحت و رواده مثقفون يبحثون عن الجديد في عالم الفكر و النشر، إلا أنه قد أرتبط بشدة بمشهد سيارات الأمن المركزي التي تحاصر مداخله و مخارجه المتعددة، مع انتشار كبير لهؤلاء المخبرون السريون و انتشار أكبر لأجهزة الاتصال اللاسلكي التي يتباهي بها الضباط و يعملون على إظهارها بطريقة تكشف عن رغبتهم في إعلان أن “الأمن مستتب” في مشهد، قلما نراه في معارض الكتاب الأجنبية، يوحي كم بات المعرض ثكنة عسكرية محصنة، هذا بجانب مشهد التفتيش “الذاتي” المهين للجمهور، الذي ضايق الكثير منه، مما أوقع بعضه في مشادة كلامية مع المفتشين بضرورة احترامهم لذاتية وخصوصية رواد المعرض و زائريه، تقديرا على الأقل لهدفهم الثقافي النبيل الذي من أجله قد قدموا لزيارة المعرض! تحت عنوان “في معرض الكتاب .. الأمن قبل الكتاب و فوق المثقفين”، تؤكد الصحفية سارة سند (جريدة اليوم السابع المصرية) بأنه لم يكن بخُلد عكاشة [وزير الثقافة المصري الذي عهد أليه الرئيس المصري جمال عبد الناصر مهمة قيام معرض القاهرة الدولي للكتاب، العام 1969] أن يكون هذا المعرض الثقافي في الأساس، مكانا تتحكم في فتحه و إغلاقه مباحث أمن الدولة، تارة بين مصادرة الكتب، و تارة أخري بين الندوات الثقافية و السياسية (سند، 2009). كما سبق، نرى كما لو أن الكتاب صار العدو الحقيقي للأمن، فجهز له العدة لمحاصرته و لتخويف و ترهيب مرتديه و زائريه!
في زيارته لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، لخص الكاتب محمد سيد بركة (موقع “مفكرة الإسلام” الالكتروني) سوء تنظيم المعرض تحت عنوان “تخبط و عشوائية و رحلة عذاب”، فيقول: “مهازل معرض الكتاب هذا العام [2007] مستمرة.. يتزايد الزحام .. و تعم الفوضى أرجاء المكان.. الجمهور تائه .. الكل يسأل ولا أحد يجيب .. غياب تام للوحات الارشادية .. العارضون مستاءون من التنظيم، فالأماكن المخصصة لهم ضيقة و الأرفف متهالكة و الإضاءة سيئة” (بركة، 2007). في مسألة التنظيم أيضا، تؤكد الطحاوي (2008) أن حدثا بحجم معرض الكتاب يُمكن أن يُوظف بطريقة أو بأخرى لتحسين صورة القراءة لدي الأفراد، و التأكيد على أهميتها، لكن في ظل وجود التنظيم السيئ، و كذلك الندوات التي يغلب عليها الحس الحكومي و مهادنة تيارات معينة، فقد المعرض الكثير من بريقه و رونقه، و تشاطرها أيضا المترجمة مروي صبري في مقابلة لها مع الصحفي جمال القصاص، بأن معرض القاهرة الدولي للكتاب كم كان سيئا على مستوي التنظيم، فهو – على حد تعبيرها – كـ “المولد” الذي يتيه فيه المرء في ظل عدم وجود أي دليل إرشادي لدور النشر المشاركة و كذلك للقاعات التي تشارك فيها، فضلا عن دليل لأماكن عقد الندوات الثقافية (القصاص، 2010). لا يقف الأمر عند تنظيم المعرض ذلك التنظيم العادي، إذ يؤكد المهندس إبراهيم المعلم رئيس إتحاد الناشرين العرب و نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين و صاحب دار الشروق للنشر، كم أن معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يعد الثاني بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب كما ذكرنا، سوقا كبيرة و مهمة للكتاب، لكن يُعاب عليه تنظيمه، الذي يتسم باللاعصرية، و كذلك خلوه من الجاذبية، بجانب افتقاده لأي نوع من مظاهر التطور، و قد يكون هذا ما دفعه للمطالبة بدراسة تحويله إلى شركة مساهمة غير محملة بأعباء و قيود البيروقراطية، فلا يوجد – على حد علمه – بالعالم كله ما يُعرف بـ “الهيئة العامة للكتاب”، فمعرض فرانكفورت، كما يؤكد، شركة مساهمة لا تستهدف الربح، و لكن العائد المادي من المعرض يُستخدم جزء منه لتطويره، و الجزء الأخر في تشجيع الدول الصغيرة للمشاركة في المعرض (الشروق، 2010).
دليل أخر على عدم التنظيم الجيد الذي تشهده معارضنا العربية للكتاب، ما قامت به إدارة معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الثانية عشر، الذي عُقد في فبراير من العام 2007 بالاعتذار لأحدي و ثلاثون دار نشر – بعد أن تم قبولها بالفعل – و ذلك بعد أن تبين لإدارة المعرض عدم مقدرته على استيعاب هذه الدور، و هذا إنما يدل بوضوح على القصور الكبير الذي شهده تخطيط و تنظيم هذا المعرض، بالرغم من أن تنظيم إدارة المعرض يأتي من قِبل ثلاث جهات حكومية كبرى (وزارة الإعلام، وزارة التراث والثقافة، جامعة السلطان قابوس)، الأمر الذي يحمِّله مسؤولية أكبر، الأمر الذي يعني أيضا أن مستواه لم يكن بحجم و ثقل تلك الجهات الثلاثة الكبرى!
لا يقتصر فشل المعارض العربية للكتاب على التنظيم المادي فقط، بل أمتد ليشمل التنظيم الإداري أيضا، فليس أدل من ذلك على الاعتذار الذي قدمه الكاتب الفرنسي الكبير جان ماري لوكليزيو، و الحائز على جائزة نوبل في الآداب، بشأن الحضور و المشاركة في الدورة الحادية و الأربعون لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، العام 2009، بسبب تأخر دعوة الحضور له، التي لم تصله إلا قبل بدء المعرض بأيام قليلة، الأمر الذي أجبره عن الاعتذار و ذلك لارتباط أجندته بكثير من الاجتماعات و السفريات التي لم يستطع إلغائها أو حتى التفكير في إرجائها نتيجة دعوة مفاجئة أتت له! (عبد الرحمن، 2010).
من صور التنظيم السيئ التي تشهده معارضنا العربية للكتاب، حدوث كثير من التخبط و الارتباك، فكثيرا ما تقوم إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب، على سبيل المثال، بتمديد فترة المعرض أيام أخري بعد انتهاء الفترة المحددة له، و خير مثال علي هذا ما قامت به الإدارة بتمديد فترة المعرض في دورته الـ 42 التي عُقدت في السابع و العشرون من شهر يناير 2010 خمسة أيام أخري (نظرا لإخفاق المعرض في تحقيق نسبة معقولة من المستقبلين وبالتالي أيضا في نسبة المبيعات و ذلك لغيابهم لظروف البرد و الامتحانات و مباريات كأس الأمم الأفريقية، التي غالبا تُعقد في هذه الفترة كل سنتين!)، فبدلا من انتهائه في السابع من فبراير من العام نفسه كما كان محدد له سلفا، انتهى المعرض في الثاني عشر من فبراير 2010، و هذا مما لا شك فيه يعبر عن مدي القصور البالغ و الواضح في التصور المستقبلي لإدارة المعرض، فضلا عن مدي العجز الشديد الماثل في رؤيتها في التعامل مع المستجدات، خاصة و أن كثير من الناشرين، خصوصا العرب، لم يستفيدوا من فترة التمديد هذه، لأنهم – ببساطة شديدة – كانوا قد أغلقوا أجنحتهم الخاصة بهم في المعرض في الموعد الرسمي لانتهائه، و ذلك لارتباطهم بمواعيد سابقة خاصة بمعارض أيضا تلي المعرض “معرض القاهرة”، كمعرض الرياض الدولي للكتاب و معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب. في الحقيقة، من الصعب أن يُنظم معرض كبير في حجم معرض القاهرة الدولي للكتاب في ذروة فصل الشتاء، حيث البرد القارص و الشديد، فضلا عن هطول الأمطار التي يعاني منها كل من الناشرين و الباعة، خاصة هؤلاء الباعة الذين يعرضون معروضاتهم من الكتب في العراء، كما نري ذلك بوضوح في الجزء الخاص من المعرض بسور الأزبكية، و كذلك الجمهور أثناء تنقله بين أروقة المعرض المتسمة بالبعد بين بعضها البعض، فضلا كذلك عن توقيت المعرض، الذي يأتي في الأسبوع الأول من امتحانات الطلاب (الجمهور الغالب للمعرض) بالمدارس و الجامعات، فضلا أيضا عن توقيته أثناء مباريات كأس أمم أفريقيا، التي كم تجبر كثير من المصريين و العرب و الأفارقة أيضا على ملازمة بيوتهم و الاستمتاع بها، بجانب تجنبهم لبرودة الطقس الشديدة. فبلا شك، تؤثر مثل هذه العوامل تأثيرا كبيرا في حجم زيارة المعرض و الإقبال عليه، و من ثم في حركة البيع و الاقتناء، و هذا ظهر بوضوح في دورة المعرض الثانية و الأربعون التي شهدت، كما يؤكد حلمي النمنم نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب المسئولة عن المعرض، بأن رواد المعرض في هذه الدورة وصل لمليون و ثمانمائة ألف زائر بعد أن شهد في أحدي دورته السابقة خمسة ملايين زائر.
لقد أدت كل هذه العوامل إلى إصابة معرض القاهرة الدولي للكتاب بالشيخوخة المبكرة، التي أصابت كل ركن من أركانه، الأمر الذي يستدعي ضرورة التفكير في إيجاد و تقديم رؤية جديدة، و إلا فسيستمر المعرض في الانحدار من عام إلى آخر، ففي ظل غياب فلسفة جديدة و واضحة له، سيستمر المعرض في فقدان أكبر للجماهير له على مدار الدورات القادمة، مما يؤثر على مكانته الدولية التي ما زال يتمسك بها (جريس، 2008)!
في حوار للكاتب و المفكر الإسلامي محمد بن حامد الاحمري مع مجلة العصر، يؤكد أنه قد زار معرض القاهرة الدولي للكتاب لأول مرة في دورته الأربعون التي عُقدت في العام 2008، و كم سر من الكم المعروض من الكتب، و لكنه في نفس الوقت أكد أن قذارة المعرض كانت مرعبة حقا، و لا تتناسب بالمرة مع الحدث و الموضوع، فإذا كانت أهم احتفالية ثقافية عربية تتم في قذارة و “زبالة” – كما أدلي بالنص – تحيط بكل مكان، فأين الثقافة و أين المثقفون، هذا بجانب أن الإضاءة في بعض القاعات كانت ضعيفة، مما أثر بدوره على عناوين الكتب و بالتالي في الوصول إليها، فضلا عن تصفحها جيدا (مجلة العصر، 2008).
أي نوع من الكتب تضمه معارضنا العربية للكتاب ؟
الملاحظ و المراقب منا لما يُعرض من مطبوعات بمعارض الكتاب العربية، يجد أن معظم هذه المطبوعات تركز بشدة على موضوعات معينة قلما وُجد لها مثيلا في المعارض الاجنبية الاخرى. يأتي على رأس هذه المطبوعات الكتاب الديني الذي يشهد طغيانا منقطع النظير و يتصدر المبيعات بنسبة ملحوظة، سواء كان ذلك في شكل ورقي أو إلكتروني، و هذا مرده لإحساس دور النشر بأن هذه الكتب صالحة لكل زمان و مكان، خاصة كتب الركائز منها. من جانب أخر، معظم رواد معارض الكتاب العربية هي من الشباب الذين يمثلون جزءا كبير من الشعب، و الذي يمثل جزءا كبيرا منهم أيضا التيار الاسلامي. بجانب ذلك، نجد انتشارا كبيرا جدا لكتب قلما وُجدت في معارض الكتاب الأجنبية الأخرى، ككتب الطبخ و المأكولات والولائم و التجميل، و كذلك كتب الأغاني و الألغاز و النكات و كتب رنات التلفون المحمول، في دلالة واضحة أيضا، على استجابة الناشرين للموضوعات التي تسيطر على السوق و توجه ذوقه، كموضوع التلفون المحمول و أكسسواراته و كل ما يتعلق به! لقد صار “تنوعالعربية. في المعروض من المطبوعات صفة تتحلي بها المعارض الاجنبية للكتاب، و تفتقر إليها – للأسف الشديد – معارضنا العربية!
معارض الكتاب العربية … مشاكل و تحديات :
هناك بعض المشاكل و التحديات ألكبري التي تواجه معارضنا العربية للكتاب، و التي من شأنها التأثير على فرص انتشارها و الاقبال عليها، إن لم يكن الايمان بها! التالي مجموعة من أهم هذه المشاكل و هذه التحديات:
- الامية :
في أبسط و أوسع معانيها، لا تقتصر الأمية على تلك الأمية الأبجدية، بل هناك الأمية القرائية والثقافية و التكنولوجية، التي تعني إلماما بالأبجدية، و لكن في نفس الوقت تعني جهلا و فشلا و قصورا في القراءة و التعلم و التثقف و الاستيعاب و المسايرة التكنولوجية و فهم معطيات العصر الجديدة. على كل حال، تعد الأمية بكافة أشكالها من أخطر المشاكل التي تحد من تقدم العالم العربي و تؤخر من نهضته، إذ تحذر المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم (الالكسو) التي تتخذ من تونس مقرا لها، في تقرير لها في العام 2008، بأن الأمية في العالم العربي تعد من أعلى نسب الأمية في العالم، إذ تناهز ثلث عدد السكان (100 مليون نسمة)، أو 29.7% من جملتهم (حللي، 2008).
- ضعف صناعة النشر و غياب صناعة القارئ :
وفقا لتقارير إتحاد الناشرين الأمريكيين Association of American Publishers (AAP)، للعام 2008، وصلت أرباح الناشرين بالولايات المتحدة الأمريكية وحدها إلى 24 مليار و 255 مليون و 25 ألف دولار (AAP, 2010)، هذه إنما الأرباح التي تعني و تؤكد وجود صناعة للنشر ناجحة في هذا البلد الواحد! أما عن حجم صناعة النشر في العالم العربي مجتمعا و مداولات سوق الكتاب فيه بيعا و شراءً، فلا تتجاوز 4 ملايين دولار أمريكي سنويا، وفيما يصل عدد النسخ المطبوعة من الكتاب العربي الواحد من 1000 إلي 5000 نسخة، نجد في مقابلها 85 ألف نسخة في دول الغرب (فؤاد، 2010). يؤكد لنا الأستاذ الناشر فتحي البس مدير دار الشروق للنشر و التوزيع في حوار له مع الصحفي و الكاتب رشاد أبو شاور (جريدة صوت العروبة – جريدة عربية تصدر بالولايات المتحدة الأمريكية)، كم تعاني صناعة النشر العربية من أزمة خانقة تتفاقم باستمرار، بعد أن أصبح الكتاب في رأس سلم قائمة الشطب عند الأزمات، وفي آخر سلم المشتريات في حالة الرخاء! و يؤكد كذلك على احتياج الكتاب، كمنتج ثقافي خاص، إلى سوق واسعة، ولكن للأسف، فإن سوق الكتاب العربي مقطعة الأوصال، بين أجزاء متفاوتة في السعة والقوة الشرائية، ومستوى التعليم والثقافة، وتطبق فيها قوانين مختلفة، سواء من حيث الرقابة، أو من حيث الاستيراد والتصدير، فأحيانا يصدر الكتاب وينتظر أعواما ليدخل إلى بعض الدول بسبب صرامة الرقابة وضيق أفقها، أو بسبب عدم توفر الخدمات اللوجستية، على العكس تماما من ما نراه في تحرك المخدرات الأسلحة عبر الحدود العربية بسهولة أكثر من الكتاب! كذلك يؤكد البس على الدور الخطير الذي تلعبه مشكلة التوزيع في هذه الصناعة، إذ يؤكد أن دور توزيع المطبوعات، و كذلك المكتبات المتخصصة في بيع الكتب تعد قليلة جدا، خاصة في ظل انتقاء الموزعين وأصحاب المكتبات للكتب الأكثر مبيعا، في نظرهم، وبالتالي لا تجد الكثير من الكتب الجادة فرصة للعرض داخل البلد المنتج، أو في البلدان الأخرى. لذلك يقبل الناشرون على الاشتراك في المعارض، خاصة الأجنبية، حيث تنجو الكتب “أحيانا” من قبضة الرقابة ويتمكنون من عرض إصداراتهم، لكن للأسف، حتى المعارض أصبحت لا تحقق الهدف، حيث تلجأ إدارات المعارض إلى فرض رسوم اشتراك مرتفعة جدا، تشكل مع كلف الشحن والسفر والإقامة، عبئا ماليا كبيرا، خاصةً وأن الإقبال على هذه المعارض بدأ يتراجع بشكل ملحوظ، ويضيع المشتري الجاد بين آلاف العناوين فلا يحظى الكتاب بفرصة معاينة واسعة. للأسف الشديد، لقد ولّت تلك الأيام التي كانت الدول تستضيف الكتاب وناشريه وتتعامل مع المعرض على أنه تظاهرة ثقافية تنفق عليه لإنجاحها. حتى الدول الغنية بدأت تفكر بتغطية مصاريف موظفيها وأجهزتها من اشتراكات الناشرين. في نفس الوقت يطالب الناشر بتقديم حسومات للقراء. كل ذلك أفرز ظاهرة خطيرة وهي البيع بأسعار مرتفعة لتغطية الكلف، وكذلك إلى ظاهرة فساد خطيرة حيث يلجأ البعض إلى رشوة أعضاء اللجان المكلفة بالشراء، فيكون الشراء مكثفا من أجنحة وضعيفا في أجنحة أخرى. يترافق ذلك مع ظاهرة العزوف عن القراءة لأسباب كثيرة أهمها نظام التعليم التلقيني والقدرة الشرائية المتناقصة لدى المواطن العربي وحالة الاحباط والقهر من الظروف العامة وسقوط المشاريع الفكرية الكبرى (أبو شاور، 2008).
يؤكد الشاعر و الكاتب فتحي عبد السميع، أمين عام أدباء مصر، أنه ينبغي علينا النظر في فكرة معارض الكتب في إطار متكامل، يشكل فيه القارئ مركز الدائرة، فكل ما يرتبط بالكتب يبقي بلا قيمة من دون القارئ، فهو القلب إن سكن كل شيء ، و إن نبض نبض كل شيء، و إذا نظرنا إلى القلب، و هو القارئ هنا، لوجدناه مصابا بكل الأمراض. أن نسبة الأمية العالية في العالم العربي دليل واضح على غياب صناعة القارئ، و غياب هذه الصناعة هي بكل تأكيد نتيجة منطقية لانتشار الأمية، فالمرء لا يولد قارئا بالفطرة، بل في حاجة إلي تعليم كيفية و مهارة القراءة. في الغرب مثلا، نري كم يكون الكتاب ملازما للفرد أينما يتوجه و يتنقل، وقد ينسي الكثير أو البعض من الزاد، إلا أنه لا ينسي أبدا – هكذا يجب أن يكون – خير الزاد، الكتاب، و قد يكون هذا ما يفسر لماذا تعد صناعة الكتاب صناعة رائجة و مزدهرة للغاية في الغرب (شبلول، 2009).
في مقولة شهيرة للكاتب الفرنسي فولتير، عند إجابته عن سؤال وُجه له عمن سيقود الجنس البشري مستقبلا، أجاب: الذين يعرفون كيف يقرؤون! أن المتأمل جيدا لإجابة فولتير، يدرك أن الأمر ليس فقط في أمر نقرأ، و إنما في “كيف نقرأ” أيضا، أعني أننا نقرأ كثيرا، و لكن هل نقرأ بطريقة صحيحة، و هل لو قرأنا بهذه الطريقة، هل نعي ما نقرأ؟ هل نتحقق من ما نقرأ؟ هل نتعلم من ما نقرأ؟ هل نحقق الهدف من ما نقرأ؟ لو كانت الاجابة علي كل ما سبق، أو حتى على بعض منها، هل كان حالنا و وضعنا نحن العرب هو ما نحن عليه الآن من تأخر و تخلف؟! أظن الاجابة ليست خافية على أحد، و الذي يري غير ذلك، فهو بالتأكيد لا يري! لو قرأ العربي و أنتفع بما قرأ، لانعكس ذلك – بكل تأكيد – على حياته و عمله و دراسته. هناك بعض من الدلائل و المؤشرات التي تظهر وضع الإنسان العربي و مكانته بين أمم سعت للقراءة و أحبتها فأنتجت و ازدهرت، أما أمة “تقرأ” هربت من أن تقرأ، فتخلفت و تراجعت و عاشت – و لا تزال – على التسول العلمي و الثقافي و التكنولوجي، فضلا عن المجالات الحياتية الأخرى! في تقرير خطير للتنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة، تظهر البلاد العربية – مجتمعة – في ذيل قائمة بلاد العالم من حيث متوسط القراءة لكل فرد، فوفقا لإحصائيات وتقارير التنمية البشرية، كما تنقل لنا الكاتبة أمل فؤاد (مجلة أخر ساعة المصرية)، يساوي متوسط القراءة لكل فرد في المنطقة العربية عشر دقائق في السنة (!؟)، ومعدل القراءة لديه ربع صفحة (!؟)، مقابل 12 ألف دقيقة في السنة للفرد في الغرب! ومعدل الكتب 11 كتابا للأمريكي و7 كتب للبريطاني، كما يصل عدد ما يقرأه الاسرائيلي سنويا إلي 7 كتب أيضا!، أنه لا يزيد الوقت المخصص للقراءة الاطلاعية عند الطفل العربي، دون احتساب وقت القراءة المدرسية، علي 6 دقائق في العام!، أما حجم الكتب المخصصة له، فهو 400 كتاب في السنة مقابل 13.260 كتاب للطفل الأمريكي و3838 للطفل البريطاني و2118 للطفل الفرنسي و1485 للطفل الروسي، و المحزن حقا أن عدد الكتب المطبوعة في أسبانيا سنويا يوازي ما قام العرب بطبعه منذ عهد الخليفة المأمون العباسي حتى يومنا هذا (!؟)، و أن ما تستهلكه دار نشر فرنسية واحدة من الورق يفوق ما تستهلكه مطابع الدول العربية مجتمعة (!؟)، و أن إجمالي ما تنتجه الدول العربية لا يساوي أكثر من 1.1 بالمائة من الانتاج العالمي من الكتب، بينما نسبة سكان الوطن العربي إلي نسبة سكان العالم هي 5.5 بالمائة! (فؤاد، 2010).
في تقرير خطير أيضا صادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية العام 2008، و أوردته قناة الجزيرة، يتبين لنا العجز العربي الواضح في اللحاق بالركب العالمي في مجال الإبداع و الابتكار، الذي هو بما لاشك فيه مجالا قائما على القراءة و انعكاسا حقيقيا لها أيضا، فيرصد لنا التقرير وضعنا العربي في هذا المجال، إذ حصلت الدول العربية (350 مليون نسمة) مجتمعة على 173 براءة اختراع في عام واحد (2008)، في حين سجلت إسرائيل (6 مليون نسمة) – العدو التاريخي للعرب والمسلمين – وحدها في نفس العام أيضا، رصيدا وصل إلى 1882 براءة اختراع ( نعم، إسرائيل، التي تصرف 2500 دولار على تعليم و تأهيل الفرد، مقابل 340 دولارًا عند العرب، و التي تخصص (إسرائيل) أيضا أكثر من ستة مليارات دولار للبحث العلمي بما يوازى 4.5% من ناتجها القومي، أما الوطن العربي مجتمعاً فيخصص مليارًا ونصف المليار تقريباً أي أقل من 3.% (ثلاثة من عشر في المائة فقط) من ناتجه القومي! الأمر الذي جعلها (إسرائيل) تتبوأ مكانات رفيعة و مرموقة عالميا علي صعيد التأليف والنشر، فقد كشفت الدراسات أنها باتت الدولة الأولى في العالم في مجال النشر العلمي مقارنة بنسبة السكان، فعدد العلماء الناشرين للبحوث العلمية قد وصل إلى 711%). من الجدير بالذكر، أن اليابان كانت قد أتت في المقدمة برصيد 28774 براءة اختراع، تلتها ألمانيا برصيد 18428، ثم فرنسا (6867)، فبريطانيا (5517)، فهولندا (4349)، فالسويد (4114)، فسويسرا (3832)، فكندا (2966)، فإيطاليا (2939)، ففنلندا (2119)، فأستراليا (2028) (قناة الجزيرة الإخبارية، 2009).
حول انعدام القراءة لدي العرب، ذكر الدكتور عبد القادر حاتم وزير الإعلام المصري السابق أنه كم تأثر و تألم كثيرا للمقولة الشهيرة التي كان يرددها القائد الإسرائيلي الأشهر في تاريخ إسرائيل “موشي ديان”، الذي قال “مادام العرب لا يقرؤون، فما هناك من خطر حقيقي يهدد دولة إسرائيل”، أو كما ينقلها عنه الآخرون: العرب أمة لا تقرأ”، الأمر الذي دفع كل من وزير الإعلام (الدكتور عبد القادر حاتم) و وزير الثقافة (الدكتور ثروت عكاشة) في ذلك الوقت إلى الرد الصحيح، خاصة بعد الهزيمة التي لحقت بالجيش المصري عام 1967، ليبطلا ما كان يحلو لديان ترديده و التغني به أمام العالم، إذ عهد وزير الإعلام، من ناحية، لإنشاء مراكز ترجمة كبري تعني بترجمة الكتب الأجنبية، خاصة الإسرائيلية، تحت هدف “أعرف عدوك” (فؤاد، 2010)، و عهد وزير الثقافة، من ناحية أخري، إلى الدكتورة سهير القلماوي، أول سيدة مصرية تحصل على درجة الدكتوراه من الجامعات المصرية، و التي كانت تشغل وقتها رئيس هيئة الكتاب، إلى ضرورة إقامة معرض دولي سنوي للكتاب يُقام في العاصمة المصرية ليعبر عن قوة مصر الثقافية، و قد كان ذلك في العام 1969، و أُسندت مهمة رئاسته لها، ومنذ هذا التاريخ (1969) حتى وقتنا الحالي (2010)، لم ينقطع المعرض أو يغيب، حتى في ظل ما شهدته مصر بعد ذلك من حروب و كوارث و أحداث اقتصادية عصيبة كادت تفتك بالمعرض، و كم كان جميلا من إدارة المعرض في دورته الأربعين، عندما قرر الاحتفاء بمرور 40 عاما على قيامه، أن يحتفي بالدكتورة سهير القلماوي، كأول رئيس له بتكريمها و اتخاذها شخصية المعرض في هذه الدورة. لقد لخص الناشر فتحي البس ظاهرة عزوف المواطن العربي عن القراءة لأسباب كثيرة، أهمها نظام التعليم التلقيني والقدرة الشرائية المتناقصة لدى المواطن العربي وحالة الإحباط والقهر من الظروف العامة وسقوط المشاريع الفكرية الكبرى.
- الرقابة و المصادرة:
تعد مشكلة الرقابة على الكتب و مصادرتها في بعض الأحيان واحدة من أهم المشاكل و التحديات – إن لم تكن الأهم على الاطلاق – التي تواجه المطبوع العربي بوجه عام، إبتداءً من التفكير فيه مرورا بتأليفه إنتهاءً بنشره فتوزيعه و عرضه. على حد قول الصحفية إستبرق أحمد، لا تعد هناك أي أهمية لوظيفة الرقابة في الدولة، و بالتالي لا أهمية أو نفع لهؤلاء الموظفون العاملون بها، بل أنهم يستنزفون كثيرا من ميزانية الدولة خاصة في ظل هذه الثورة الخارقة في عالم الاتصالات التي تفتح الباب علي مصراعيه لكافة المعلومات المختلفة بالنفاذ إلى الأفراد، دون أي رقابة تستطيع إيقافها (أحمد، 2009). أن من المفارقات الطريفة التي شهدتها الرقابة على الكتب في الدول العربية، كما ينقل – ضاحكا – رضا عوض صاحب دار رؤية للنشر و التوزيع لأميرة الطحاوي، ما شهده كتاب خاص بالطهو، كان يوزعه عوض في أحدي المعارض العربية قبل نحو 15 عاما من وقوع مصادرة له، و عندما أستفسر عن سبب المصادرة، أندهش عوض بشدة من تفسير إدارة المعرض التي قامت بمصادرة الكتاب بأن الكتاب كان يحمل غلافا لتورتة (قالب حلوي)، و قد زُين بنجمة سداسية، مما فسر على أنه يمثل دولة إسرائيل (الطحاوي، 2008). في حقيقة الأمر، هناك علاقة بين الرقابة و المصادرة، فلو رأت الرقابة سببا ما يمنع من عرض الكتاب، يتم ذلك دون أن يلحق الكتاب بالمعرض أصلا، و إن أكتشف عرض الكتاب بعد عدم إجازته للعرض، يتم هنا مصادرته كنتيجة منطقية و طبيعية، و لكن أن تتم عملية المصادرة بعيدا عن أسباب منطقية أو حتى أساب حددتها الرقابة، فهذا يُعتبر بحق تعد شديد الخطورة علي الفكر لتحقيق مأرب و مصلحة ما لفكر أو توجه معين.
كذلك، يؤكد عوض أن المبدع نفسه يراقب عمله، ممارسا بذلك بما يُعرف بـ “الرقابة الذاتية”، و قبل أن يبدأ فيه، أو حتى أثناء العمل فيه يضع – بقصد أو بدون – مرعيات و ضوابط المجتمع الذي يعيش فيه نصب عينييه. قد نتدخل أحيانا لمعالجة أي تشوهات تلحق بالجنين في رحم أمه، أو حتى بتعديل وضعه، و لكن يتعذر الوضع – في أحيانا كثيرة – بأن تتم مثل هذه المعالجة أو هذا التعديل بعد الولادة و إخراج الجنين إلى الحياة. هذه نفس فكرة العمل الإبداعي الذي يُمكن التحرك بشأنه أثناء تأليفه، و لكن إن خرج للتداول و للعرض في المكتبات و يُصادر، فهو أمر مرفوض، خاصة أنه قد تم الترخيص له رقابيا و إجازته للتداول، و لا أظن أن هناك ناشرا عاقلا يصر على نشر عمل ما و هو يعلم أنه لن يحقق له أي عائد يُذكر، حتى و لو كان عائدا أدبيا، أو أنه يقوم بنشر عملا ما و هو يعلم أن أمره سيؤول إلى المصادرة!
في موقف أخر يؤكد خطورة الفكر الرقابي المتأصل في عقليات و نفوس الحكوميين العرب، تروي لنا الكاتبة بدرية الشطي في مقال لها بجريدة الشرق الأوسط السعودية، جاء تحت عنوان “جدار الرقابة”، تروي تذكرها الجيد لما قام به أحدي موظفي مطار الرياض الدولي منذ عشر سنوات تقريبا بكسر مجسم صغير لوجه فيلسوف إغريقي كان بحوزتها، ممعناً – كما تقول – في تأكيد سلطته الوظيفية، التي أكدت كم أنها كانت لا تنسجم أبدا مع مفهوم إهانة البشر، و كذلك تذكرها لأحدي موظفي مكتب الرقابة في المطار نفسه، الذي سألها عن تلك الكتب التي كانت بحوزتها، و عن طبيعة هذه الكتب و أسئلة أخري بعيدة تماما عن طبيعة عمله كموظف مسئول، كتلك الأسئلة المتعلقة بمرجعها القبلي على سبيل المثال، و كذلك ما إذا كانت تحمل تصريح من الجامعة، التي كانت تدرس فيها لدرجة الماجستير، أو أي جهة يُمكن الرجوع إليها، بالرغم من إنها قد نقلت إليه إنها تعمل باحثة اجتماعية، الأمر الذي يدفعها لقراءة الكثير من الكتب المتعلقة بمهنتها بجانب تحضيرها لدرجة الماجستير (البشر، 2005). الموقف نفسه – إن لم يكن أفظع – كان قد حدث معي أثناء أحدي إجازتي الصيفية لمصر قادما من الكويت، على وجه التحديد، صيف 2009، عندما كنت أحمل معي في حقيبة الحاسب المحمول هارد ديسك متحرك (سعة واحد تيرابايت)، الذي كان ملفتا للنظر، نظرا لكبر حجمه، الأمر الذي أسال لعاب أحدي موظفي مطار القاهرة الدولي المكلفين ليكونوا أول من تصطدم بهم عند دخولك مصر، مما أدي إلى إثارة “حفيظته الأمنية”، و سألني عن أهمية تحركي بمثل هذه “المستودعات المعلوماتية” الكبيرة، التي يمكن لها – كما تخيل هو خاصة بعد أن عرف مني حجم الديسك (أكثر من تريليون بايت) أن “تغرق البلاد” على حد تعبيره!!! و ما كان منه إلا الاصرار على تشغيل القرص للتأكد من أن ما بداخله من معلومات “يتسق” و “يتفق” مع النظام العام للبلد!!! مع إنني كنت قد شرحت له طبيعي عملي – المدونة أصلا في جواز سفري – لكن بلا أدني اكتراث منه و من كان معه، و كم كانت مهزلة عندما قام بالإطلاع و بعض من معه على كل ملفاتي و أعمالي و محاضراتي و مشاريعي البحثية، و حتى صوري و صور أسرتي الشخصية، و كم أحمد الله على أنني كنت لا احتفظ – وقتها – بأي شيء يُمكن أن يقودني إلى ما لا تُحمد عقباهخ، كمقاطع فيديو ذات صلة بحقوق الإنسان أو أي مقالات أو قصائد شعر أو أي أغنيات ممنوعة! ألم يعلم هؤلاء الموظفون بمطاراتنا العربية المنتشرة بكثرة هنا وهناك أننا نعيش الآن عصرا مفتوحا على مصراعيه، عالما بدون جدران أو حدود تعزله عن بعضه البعض، عالما ذابت فيه معاني العزلة و الإغلاق، فكيف يتوهمون أن “يراقبون” فكرا طائرا بألف جناح يطير و يحلق بهم هنا و هناك، و كيف لهم أن يتتبعون قلما مسافرا فوق الحواجز و المتاريس يستطيع النفاذ بسرعة أسرع من الضوء إلى أي مكان بالعالم، مخترقا ما بلغته هذه الحواجز و هذه المتاريس من قوة و حصانة!
أن الرقابة في بلادنا العربية بوجه عام، و في معارضنا العربية للكتاب بوجه خاص إنما تتم تحت عدة ذرائع، تارة أخلاقية و تارة أخري دينية و تارة أمنية و تارة أخري سياسية، هذا في الوقت الذي نري فيه كافة الدساتير العربية – بلا استثناء واحد – “تدعي” بأنها تكفل حريات الفكر و التعبير و النقد، و إن كانت تقوم بذلك حقا، و لكن في ظل ما يروق لها من طُرق في التطبيق للأنظمة التي تتبني و ترعى هذه الدساتير! إن أردت البحث في أي محرك بحث على الانترنت على كلمة “رقابة” أو “مصادرة”، ستجد ملايين النتائج، التي يبلغ نصيب العالم العربي منها 90% على الأقل، إن لم يكن أكثر! و إذا نظرنا إلى الكتب التي تصادرها أنظمتنا العربية، لوجدنا نسبة كبيرة منها تتم مصادرتها اعتمادا على عنوانها، الذي قد يتخذه أو يتبناه المؤلف، أو حتى قد يقترحه الناشر بأن يكون براقا أو ملفتا، و ذلك ضمانا لتحقيق نسبة مبيعات كبيرة، و هما لا يعرفان بأنهم بذلك قد يدفعان بالعمل إلى المصادرة نظرا لتمايزه البين حتى و لو كان ذلك في عنوانه فقط، أو حتى في صورة الغلاف الخاصة به، كما رأينا في المثل أعلاه. أكاد أتذكر موقفا خاصا بالرقابة معي، كم كان عصيبا عليّ في شدته و في وقعه و أيضا في نتائجه، و ذلك جراء تفكير صادق مني في الإيقاظ من العفن التي تشهده جامعاتنا و مؤسساتنا العربية على صعيد التدريس و وضع الاختبارات! كان ذلك أثناء انتدابي للتدريس بقسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية النوعية بجامعة جنوب الوادي بمدينة قنا المصرية (صعيد مصر)، و ذلك لتدريس مقرر “بناء و تنمية المقتنيات”، و كان ذلك في شتاء عام 2006. و نظرا لأن المادة “كلامية” و أيضا “جدلية” في طبيعتها، و كم أنها في حاجة للتدليل و الاستشهاد بمواقف و خبرات المكتبات و أمنائها في عملياتهم الخاصة تجاه بناء و تنمية مقتنيات مكتباتهم، أحضرت سؤالا مقاليا يحث الطلاب (بنين و بنات) على التفكير فيما يفعلون لو أُسندت لهم مهمة أمانة أو إدارة مكتبة ما في أحدي الأماكن النائية بمصر، و وضعت أمامهم الدورية الشهيرة التي تصُدر في لندن و تحمل عنوان”التربية الجنسية” – لإيماني الشديد بأن مثل هذه الدورية قد تقابل المكتبة أثناء عملية التزويد الخاصة بها، كمكتبات كليات التربية و الطب و الفنون، على سبيل المثال، التي تكتظ بموضوعات تشبه موضوع الدورية أعلاه، بجانب رغبتي في معرفة كيف يفكر الطلاب في مثل هذه المقتنيات. و طلبت من الطلاب اتخاذ قرارا بشأن هذه الدورية، هل تُقبل لكي تكون ضمن مقتنيات المكتبات؟ أم تُرفض و تُستبعد؟، و طلبت كذلك منهم أن يبينوا الأسباب الجوهرية لقبولهم الدورية أو حتى لرفضهم لها! و لضمان واقعية السؤال و الامتثال له كحالة حقيقية أمام الطلاب و يُراد البت فيها، أرفقت مع السؤال – مستعينا بموقع الدورية الرسمي على الانترنت – صورة للغلاف، التي تكتسي به الدورية، والذي كان متاحا أيضا على موقعها على الانترنت، و كانت الصورة في شكل سريالي، يعبر عن مزيج شكلي و لوني، ليس أكثر، كطبيعة أي غلاف تكتسي به أي دورية! و لأن الطلاب جميعا كانوا متوقعين و مدركين لنوعية هذه الأسئلة مني، لحديثنا المستفيض عن مثل هذه القضايا في التزويد بالمقتنيات في المكتبات المصرية على وجه الخصوص، تعاملوا مع الإجابة بشيء من الحب و الانسجام، خاصة و أن كل الطلاب كان قد أدركوا أنهم في نضال لإثبات و جهة نظرهم حيال قبول أو رفض هذه الدورية. و لكن يشاء القدر أن يمر عميد الكلية بنفسه، لا أعرف بالصدفة أم أنه أتي للإطلاع على ورقة الاختبار، التي رُوج لها في جميع أنحاء الكلية بأنني “قد وضعت امتحانا في “الجنس” لطلاب الكلية المحافظين”, و أنني لم أكتف بذلك، بل قمت بوضع صور “إباحية” لـ “أعضاء جنسية صريحة” لتقليب و إثارة الطلاب – هذا ما كان يُقال بالضبط –. و ما كان من العميد “العالم” و “المعلم” و “الفاهم” و “المتفهم” إلا أن قام باستدعاء “الأمن”، و لا أعرف في الحقيقة من أستدعي من؟! بالرغم كونه عميدا لكلية تكتظ بكثير من اللوحات السريالية و الأعمال الفنية (كلية التربية النوعية)، لم يقف سيادته بالمرة عند فهم الشكل الموجود بجانب السؤال، و لا حتى قام بتوجيه سؤالا لنفسه: أ يُعقل أن يقوم مدرس مقرر – أي كانت قواه العقلية – بوضع صور جنسية صريحة – كما حب و أحبوا أن يروا ذلك – و أين، في اختبار رسمي موجه للطلاب في قاعة اختبارات كبري مراقبة من قِبل مدرسين و موظفين آخرين بالكلية!!! على كل حال، أنتهي وقت الاختبار، و بدلا أن يطلبني العميد “للحوار” معه حول الموضوع لو احتكمنا في ذلك للعقل و لمبادئ و أصول الاختلاف في وجهات النظر، تجنبني ذلك بالمرة و قام باستدعاء الطلاب و “نهرهم” بشدة – بلا أي نوع من أي حوار يحفظ حق طالبنا العربي – لأنهم لم يطلبوا إلغاء الامتحان، إلا أن سيادته قد تفاجأ برد قوي – لم يتوقعه – من قِبل الطلاب بأن السؤال كان من صميم المنهج و أنني كنت قد دربتهم على مثل هذه الأسئلة و على مثل هذه المواقف، إلا أن سيادته لم يروق له ما سمعه من الطلاب، فكان يريد أن يسمع شيئا على هواه، و قام بالتحفظ على ورق الاختبارات، و كما قيل، أن الأمن (!؟) قد أجبره على تأديبي، و حتى يتم ذلك، كان لزاما عليه مخاطبة رئيس الجامعة رسميا بصورة من “اختبار الجنس” الخاص بي (!!!؟)، و بالفعل تم، و الذي على أثره تم “تحقيق” رسمي في “أهدافي” و نواياي” من وضع مثل هذا الاختبار، و كانت الجامعة بكافة كلياتها بل و كثير من الجامعات المصرية الأخرى في وضع “ترقب” عن ماذا سوف تكون عليه النتيجة حيال هذا “الأثم” الكبير الذي قام به هذا “الخارج” الأكبر عن “خط المجتمع”!! و تم التحقيق، و كانت النتيجة “معروفة و معلنة مسبقا”، إذ كان المحقق يشغل منصب المستشار القانوني لرئيس الجامعة، و الذي لم يتفهم بالمرة لهدفي الحقيقي من الاختبار، الذي كان يكمن في “إيقاظ” الطالب من سباته العميق و أن يتناول الأمور بتفكير صحيح و أن يعرض الإجابة على الأسئلة بصدق و واقعية و شفافية. كان الأجدر بالمحقق أن يشكل لجنة متخصصة من أصحاب التخصص، و ما أكثرهم في مصر، للوقوف على الأمر و مناقشة و تفهم المقرر و الأسئلة التي من الممكن أن تترجمه، إلا أن هذا لم يحدث بالمرة، و تمت إدانتي بعقوبة “اللوم” …!!! لماذا؟ لأني قد فكرت في تغيير نمطية متخلفة متبعة في طرح الأسئلة … لماذا؟ لأنني أردت الخروج بالطالب والطالبة من ذلك النفق الضيق في فهم الأمور و التعامل معها… لماذا؟ لأنني أحببت أن لا أكون “تقليديا” في التفكير و التدريس و الأنشطة الطلابية! للأسف الشديد، لقد امتدت أيدي الرقابة و المصادرة لتنال من كل شيء في عالمنا العربي، ليس فقط في مجال المطبوعات و التفكير و التعليم و حتى في وضع أسئلة الاختبارات، بل في مجالات أخري كثيرة! أي مجتمع هذا الذي يُصادر فيه فكر أفراده نتيجة لإقدامهم في “تحريك” و “تغيير” الساكن من الأمور السيئة و المتخلفة التي تنعم بها و تعيشها بلادنا العربية و كلنا – للأسف الشديد – نعي ذلك و لا نحرك ساكنا.. و لماذا نحرك و نحن نعلم أن هناك “لوما” منتظرا، إن لم يكن أكثر من ذلك!!! نسيت أن أذكر أن الاختبار قد وُزعت أوراق أجابته على مدرس أخر، الذي “أُجبر” على التخلص من هذا الاختبار حتى و لو بمنح الطلاب أعلي الدرجات، و بالفعل تم، و حصل كثير من الطلاب على درجات عالية بطريقة عشوائية لا تعبر عن الحق أبدا، أو عن تعب هؤلاء الطلاب في مذاكرة المنهج، وإنما تترجم ذلك “التراخي الشديد” و المهادنة الأشد من قِبل هذا المدرس، الذي هادن الموقف للفوز بشيء ما في الضمير باعتباره ممثلا لمدرسة الرقابة و تلميذا نجيبا في فصل المصادرة بها!!!
على كل حال، مهما بلغت قوة الرقابة و صرامة و بطش المصادرة، إلا أن هذا لا يمنع أبدا وصول الفكر و المطبوع في النهاية إلى الفرد ليقرأ و يتعلم، خاصة في ظل ما ينعم به هذا العصر من تكنولوجيا كبيرة و عظيمة عملت على إذابة جليد الجهل و فكت هذا الانغلاق الضيق الذي وُضع ليخدم أصحابه فقط. في بعض الأحيان، كم يكون الرقيب على الفكر أو المصادر لرأي، المضمون:خير داعم في إشهار الإصدارات و الأعمال الفكرية و إدخال أصحابها دائرة الضوء من أوسع الأبواب، خاصة في ظل فضول القراء لمعرفة أسباب تدخل الرقابة علي الأعمال و منعها أو حتى مصادرتها، عملا بالقول المشهور “الممنوع مرغوب، و هذا ما قد حدث معي بالفعل”!
معارض الكتاب العربية: دعوة زائر لإصلاح ما تبقي من الشكل و المضمون :
بعد زياراتي لبعض معارض الكتاب الأجنبية و العربية، أتقدم بمجموعة من الأفكار والاقتراحات، مطالبا كل من يعمل في معارضنا العربية للكتاب، سواء على الصعيد الإداري أو التنظيمي أو ما شابه ذلك، بالتفكير و النظر فيها بشيء من الجدية، بهدف إصلاح ما تبقي لنا، على الأقل في ملامح الشكل و المضمون:
- ضرورة تطوير “البنية الثقافية” للبلد الذي يُقام فيه المعرض، و ذلك من حيث إنشاء المكتبات أو تدعيم الموجود منها بالفعل، و كذلك تعزيز دور النشر، فلا يُعقل أن يُعقد معرضا دوليا للكتاب في بلد يفتقر لوجود المنشآت الثقافية المناسبة، كالمكتبات و دور النشر، و التي يجب أن تتناسب مع حدث جليل مثله، مع إقامة الندوات و تعزيز و تنشيط حركات التأليف و الترجمة من و إلي اللغة العربية، و العمل على التعريف بالأخر و فهمه و تقديره و تقدير الاختلاف معه “ثقافة الاختلاف”!
- تحديد الهدف الرئيس للمعرض و العمل على تحقيقه بدلا من أن يصبح هدفا للنزهة و التسكع و لقاء هذا بذاك لاحتساء مشروب أو للمشاركة في أحدي الوجبات، حتى لا يطيح ذلك عن الهدف الاساس الذي أقيم من أجله المعرض.
- إعادة النظر بعمق في المواقع الحالية لمعارض الكتاب العربية لكي تكون أكثر ملائمة، بجانب تخصيص الموقع لعرض الكتاب فقط و ما يحيط بذلك، على أن لا يمتد لأي مادة أخري، فلا يُعقل أن يكون المكان المخصص لعرض الكتاب هو نفسه ذلك المكان المخصص أيضا لعرض الأثاث مرة و عرض الأجهزة مرة أخري، و هذا ما نشهده بوضوح في أرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرة، التي خُصصت لتأوي معرض القاهرة الدولي للكتاب و لتأوي أيضا مواد و منتجات أخري، كالسلع و الأجهزة و ما شابه ذلك، الأمر الذي خلق بدوره في ذهن الجمهور أن الكتاب صار كأي سلعة عادية تُباع و تُشتري و تجري عليها عمليات العرض و الطلب، و كذلك الفصال، و قد يكون هذا أحد الأسباب التي دفعت بالهيئة العامة للكتاب المسئولة عن إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب بالتفكير – تحت ضغط كل من الناشرين و أيضا الجمهور – في تغيير مكان المعرض الحالي من أرض المعارض الحالية إلى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر أيضا، أو إلى ساحة دار الأوبرا بين صندوق التنمية و مركز الترجمة، إلا أن هذا النقل تعتريه مشكلة كبيرة تتمثل في التكلفة الكبيرة التي تصل إلى أربعة مليارات جنيه مصري (734 مليون دولار تقريبا)، على حد تقدير الدكتور حلمي النمنم، نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب (المسئولة الأولى و المباشرة عن تنظيم و إدارة المعرض) أثناء محاورته الصحفية مع الصحفية فتحية الدخاخني (جريدة المصري اليوم المصرية) يؤكد الصحفي يسري حسان (جريدة المساء المصرية) الانتقال معرض القاهرة الدولي للكتاب لوجهته الجديدة بمثابة فرصة ليكون المعرض أكثر هدوءا و تنظيما بعيدا عن هذه “السويقة” – على حد تعبيره – التي تقام كل عام و تنفض دون أن يحدث شيء (الدخاخني، 2010)! من الجدير بالذكر، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب ظل يُعقد منذ دورته الأولى، التي عُقدت في العام 1969 حتى دورته الخامسة عشر التي عُقدت في العام 1983 بأرض المعارض الدولية بالجزيرة، ولكن نظرا للإقبال الشديد الذي لاقاه، سواء على صعيد الدول المشاركة و الناشرين أو علي صعيد الجمهور الزائر، و كذلك نظرا للفعاليات و الأنشطة التي شهدها و ضاقت بها تلك الأرض المخصصة له بأرض المعارض بالجزيرة (2000 م2)، أتجه التفكير إلى زيادة رقعة الأرض لاستيعاب أكبر للناشرين و للجمهور، فكان الحل في النقل لمكان أخر، و كان المكان المقترح أرض المعارض بمدينة نصر (66000 م2)، و كان ذلك ابتداء من دورته السادسة عشر، التي عُقدت في العام 1984 (جريدة الأهرام، 2008).
- تخفيف الرقابة – أي كان نوعها – مع العمل على تقليص دورها – إن لم يكن إلغائها – و العمل على تشجيع التفكير و الحوار بدلا من ذلك.
- إسناد إدارة المعرض إلى شركة متخصصة في هذا النوع من الادارة. أشاطر تماما ما نقله الروائي و الكاتب علاء الأسواني لسارة سند الصحفية (جريدة اليوم السابع المصرية)، بأنه يجب أن يتولى إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب شركة خاصة متخصصة في أمور معارض الكتاب، مشيرا إلى أنه يجب أن يتجرد المعرض من القيد الحكومي، و ما يمثله هذا القيد من إعاقة واضحة للحركة الثقافية التي يجب أن يشهدها المعرض، فعلى سبيل المثال يجب تجريد المعرض من “العسكرة” التي تتم بها إدارته، خاصة في ظل نظام و قانون الطوارئ المفروض منذ 1981 (سند، 2009).
- ضرورة التنسيق التام في مواعيد عقد معارض الكتب المقامة في البلاد العربية، و العمل على منع أي وقوع أو تداخل بينها، حتى يمكن الاستفادة القصوى من كل معرض على حده، سواء من قِبل الناشر أو الزائر.
- الحاجة لمعرض عربي دائم للكتاب في كل عاصمة عربية بالتنسيق بين الدول العربية و بعضها البعض.
- إقامة معارض فرعية للمعارض ألكبري التي تُعقد بالعواصم العربية أو مدنها ألكبري، أو حتى محلية لكل مدينة، و ذلك تشجيعا لانتشار الثقافة بها، و أيضا تجنبا لمشاكل الازدحام التي يشهدها المعرض الرئيس أو المركزي الذي يُعقد بالعاصمة غالبا.
- إنشاء جريدة لكل معرض للتعريف به و بتفاصيل دورته، كأماكن و قاعات العرض المختلفة، و كذلك عقد ندواته و أنشطته، و كذلك أسعار و خصومات الناشرين، مع تقديم خدمات ثابتة في كل عدد يومي تصدره الجريدة من قِبل إدارة المعرض، كأرقام التلفونات الهامة بالناشرين و عناوينهم، و أسعار العملات المختلفة، و معرفة أحوال الطقس، و ذلك لمساعدة الجمهور الزائر، خاصة هؤلاء غير المقيمين بصورة دائمة في بلد المعرض.
- دعوة أصحاب الكتب المعروضة للحديث مع الجمهور، سواء في شكل ندوة مباشرة و مخصصة لهذا الغرض أو في رواق و قاعة دار النشر صاحبة إصدار الكتاب، إذ يساعد ذلك – بما لا يدع مجالا للشك – كل من القارئ و صاحب العمل و الناشر أيضا، فمن ناحية صاحب العمل و الناشر، تتحقق نسبة عالية من المبيعات بتوقيع صاحب العمل عليها، على سبيل المثال، فضلا عن الترويج للعمل بصورة أسرع، و من ناحية الجمهور، يساعد ذلك في إقباله بطريقة أسرع علي العمل المؤلف، و كذلك الاهتمام بحفظ النسخة التي يوقعها من المؤلف شخصيا. كذلك ، لا شك في أنه كلما زاد الأقبال على المعروض من المطبوعات، كلما شجع ذلك العارضين و الناشرين على تخفيض الأسعار و تقديم بعض العروض المناسبة، كشحن الكتب على سبيل المثال بلا مقابل أو شراء كتابين و الثالث بلا مقابل، أو أي شيء من هذا القبيل!
- دعوة المبدعين و المتخصصين بأمر و عملية القراءة للحديث عن القراءة و أهميتها و محفزاتها و الكيفية السليمة التي تتم بها.
- تشجيع الطلاب على زيارة المعرض و حثهم على الاستفادة منه. أذكر إنني كثيرا ما أوجه الطلاب الذين أقوم بالتدريس لهم (قسم علوم المكتبات المعلومات بكلية التربية الأساسية بدولة الكويت) لزيارة المعرض و تصفح مقتنياته المختلفة و اختيار بعض منها و عمل كشافا لأحدها أو حتى مستخلصا، و ذلك مقابل درجات محددة تُحسب من أعمال و أنشطة المقرر العملية، أو حتى تُحسب كمكافأة للطالب و تشجيعا له على زيارة المعرض و بالتالي ارتباطه به.
- المراجع:القراءة التي كانت موجودة بمدارسنا قديما – إن كانت مُفعلة في الأصل – إلى سابق عهدها، مع تقديرها تقديرا كافيا و تعيين المؤهلين لتدريسها و إلقائها، و ذلك لغرس هذه الثقافة الهامة في نفوس الطلاب منذ الصغر.
المراجع :
تُعرف كلمة “حراج”، المتداولة بكثرة في دول الخليج العربية، خاصة دولة الكويت و المملكة العربية السعودية و دولة قطر، بالسوق الكبير لجميع البضائع، و لاسيما تلك البضائع المستعملة Flea Market. تعني كذلك مزاد علني Auction للمزايدة بين المنتجات بالمناداة عن طريق استخدام مكبرات الصوت الضخمة. يوجد منه أسواق صغري لكل منتج مستقل أو لبعض المنتجات المتشابهة، كحراج السيارات، و حراج الملابس، و حراج الأثاث و حراج الأجهزة … الخ.
- (2010). Industry Statics 2008. AAP Reports Book Sales Estimated at 24.3 Billion in 2008. Retrieved February 16, 2010 from http://www.publishers.org/main/IndustryStats/indStats_02.htm
- Fattahova, N. (2007). Kuwait Book Fair next week. Retrieved May 16, 2008 from http://www.Kuwaittimes.net/read_news.php?newsid=NDkyNTY0ODg3
- أبو شأور، رشاد. (2008). فضاءات عربية. أسترجع 5 مارس، من http://www.arabvoice.com/modules.php?op=modload&name=News&file=article&sid=14956
- أحمد، إستبرق. (2009). معرض الكتاب .. احتفال يتيم بعالم يبتعد. أسترجع 24 فبراير، 2010 من http://alqabas.com.kw/ArticlePrint.aspx?id=548719&mode=print
- إلانصاري، ناصر. (2008). معرض الكتاب .. هدية مصر لمثقفي العالم!. أسترجع 10 أكتوبر، 2008 من htpp://www.elaph.com/ElaphWeb?Culture/2008/1/297343/htm
- بركة، محمد سيد. (2007). معرض القاهرة للكتاب .. سلبيات تعوق تطوره. أسترجع 14 فبراير، 2010 من http://www.islammemo.cc/print.aspx?id=31154
- البشر، بدرية. (2005). جدار الرقابة. أسترجع 24 فبراير، 2010 من http://www.aawasat.com/print.asp?did=338289&issueno=9878
- جريدة إلاهرام المصرية. (2008). معرض الكتاب .. هدية مصر لمثقفي العالم! أسترجع 10 يونيه، 2008 من http://www.elaph.com/ElaphWeb/Culture/2008/1/297343.htm
- جريدة الشروق المصرية. (2010). إبراهيم المعلم في برنامج (حالة حوار): معرض القاهرة للكتاب سوق غير عصرية تخلو من الجإذبية. أسترجع 14 فبراير، 2010 من http://www.shorouknews.com/print.aspx?id=175258
- جريس، سمير. (2008). شيخوخة ثقافية تحكمها الكتب الدينية. أسترجع 10 أكتوبر، 2008 من http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c367/_nr-437/i.html?PHPSESSID=5
- حللي، عبد الرحمن. (2008). واقع إلامية في العالم العربي و مسؤولية عواصم الثقافة العربية. أسترجع 24 فبراير، 2010 من http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?id=449&cat=16
- حسان، يسري. (1 فبراير، 2010). و المجاملات تفسد أنشطة المعرض .. كالعادة. القائمون عليها لا علاقة لهم بالثقافة .. و إلاسماء تتكرر كل عام. جريدة المساء، ص 7.
- حمود، نايف. (2006). معرض الكتاب. أسترجع 26 يونيه، 2008 من http://www.sh3byat.com/vb//archive/index.php/t-13397.html
- حميدة، أحمد فوزي. (2010). معرض القاهرة للكتاب: امن وثقافة و تقصير. أسترجع 24 فبراير، 2010 من http://www.alqabas.com/kw/ArticlePrint.aspx?id=57568&mode=print
- الحوامدة، موسي. (2008). كمن يكتب شيئا: عن معرض عمان للكتاب في دورته الجديدة. أسترجع 23 فبراير، 2010 من http://www.doroob.com/?p=28455
- الدخاخني، فتحية. (2010). حلمي النمنم نائب رئيس هيئة الكتاب: المعرض سوق لجمع الكتب فقط .. و الدورة الحالية ستشهد نقلة في النظافة و النظام. أسترجع 14 فبراير، 2010 من http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=241947
- سند، سارة. (2009). في معرض الكتاب .. إلامن قبل الكتاب و فوق المثقفين. أسترجع 17 فبرايرـ 2010 من http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=67351
- شبكة النبأ المعلوماتية. (2007). معرض فرانكفورت الدولي للكتاب إلاكبر من نوعه في العالم. أسترجع 14 فبراير، 2010 من http://www.annabaa.org/nbanews/66/418.htm
- شبلول، أحمد فضل. (2009). فتحي عبد السميع: ينبغي النظر إلى فكرة معارض الكتب في إطار متكامل يشكل القارئ فيه مركز الدائرة. أسترجع 17 فبراير، 2010 من http://www.
- الطحأوي، أميرة. (2008). معرض القاهرة للكتاب بين المنع و الممانعة. العربية. أسترجع 10 يونيه، 2008 من http://arabic.rnw.nl/culture/culturbranch/07020801
- عبد الرحمن، لنا. (2010). ثقافة الهمبورجر.. هل سيتغلب عليها معرض القاهرة للكتاب؟ أسترجع 24 فبراير، 2010 من http://www.n-dawa.com/articles.php?cat=10&id=233
- العليان، يوسف. (2008). معرض الكتاب … ثمة ما يبهج. أسترجع 16 يونية، 2008 من http://www.alriyadh.com/2008/03/18/articles326947.print
- فاضل، جهاد. (2010). معرض القاهرة للكتاب .. إلى متي يفتقد للتطوير؟!
- فريد، محمد. (2008). معارض الكتاب في العالم العربي .. ما لها و ما عليها. أسترجع 24 فبراير ، 2010 من http://www.khaleejcal.com/arabic/portal/content/view/975/96
- فؤاد، أمل. (2010). هل تدأوينا معارض الكتاب و مؤتمرات الثقافة؟ – كيف نتجأوز التخلف إلى النهضة. أسترجع 16 فبراير، 2010 من http://akhbarelyom.org.eg/akhersaaNews.aspx?x=9934
- القصاص، جمال. (2010). معرض القاهرة للكتاب يقأوم أعراض الشيخوخة. أسترجع 14 فبراير، 2010 من http://www.aawsat.com/print.asp?did=556679&issueno=11398
- قناة الجزيرة إلاخبارية. (2009). العرب في ذيل قائمة براءات إلاختراع لعام 2008. أسترجع 3 أبريل، 2009 من http://www.aljazeera.net/news/archive/archive?ArchiveId=1173824
- مجلة العصر. (2008). المفكر إلاحمري منتقدا معرض القاهرة: أكثر الكتب المنشورة لا تصنع رأيا عاما و لا مجتمعا مثقفا. أسترجع 14 فبراير، 2010 من http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&ContentId=9839
- مغربي، جميل محمود. (2010). معارض الكتاب و العصر الحجري. أسترجع 17 فبراير، 2010 من http://www.al-madina/print/213324
- الهرسان، مشعل. (2006). اتفاق على تطوير معارض الكتاب العربية و إلغاء الرقابة.. و اختلاف حول التوقيت. أسترجع 17 فبراير، 2010 من http://www.aawasat.com/print.asp?did=349299&issueno=9947
- وزارة التعليم العالي السعودية. (2007). دليل المعارض الدولية للكتاب(2007). أسترجع 30 مايو، 2009 من mohe.gov.sa/exhibition/Guide2007.doc