المكتبة الجامعية فضاء التعلم والبحث في سياق نظام LMD
يحظى قطاع التعليم العالي بالعناية والاهتمام في كل دول العالم، لما يوفره من طاقات بشرية مؤهلة لتسيير وتنشيط الاقتصاد الوطني، وكذا تطوير البحوث العلمية لتجاوز المشكلات وخدمة المجتمع وتحقيق تطوره. وإصلاح التعليم العالي من أكثر الهواجس التي تشغل الدول حتى يظل ها القطاع مواكبا للتغيرات العالمية والاتجاهات الفكرية الحديثة. وحتى تتكيف منظومة التعليم العالي في الجزائر مع هذا التوجه العالمي فقد تبنت تطبيق نظام LMD كإصلاح جديد ابتداء من السنة الجامعية 2003/2004. وباعتبار المكتبة الجامعية واحدة من مكونات بيئة التعليم العالي فهي مدعوة لأن تقوم بدورها الحقيقي في دعم التعلم والبحث، ولعب أدوارها البيداغوجية بصورة فعالة.
- التعليم العالي والتحديات المعاصرة:
يعد التعليم الجامعي من أهم الوسائل المتاحة أمام الدول النامية لتحقيق تطلعاتها في التقدم والحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. وتتحمل الجامعة هذه الرسالة مما يجعل دورها لا يقتصر على التعليم فقط، وإنما تهتم بالبحث وتطوير المعرفة فضلا عن وظيفتها الاجتماعية ودورها في تحمل مسؤولية التغيير.
وقد تطور مفهوم التعليم العالي بتطور سياساته وتجاربه، وقد ظلت الجامعات في جميع مراحل تطورها قمة التعليم وقمة البحث العلمي في مجتمعاتها. فهي مؤسسات ذات أثر فاعل وحيوي في المجتمع كونها “الركيزة الأساسية للتعليم العالي، حيث تساهم في بناء الإنسان معرفيا وثقافيا وخلقيا ومهاراتيا على النحو الذي يساعد على تنمية الموارد البشرية في كافة التخصصات التي تحتاجها خطط التنمية المستدامة.”[i]
وتكمن أهمية الجامعة من حيث كونها فكرة ومؤسسة بالنسبة للمجتمع، تتيح الفرصة للتيارات الفكرية والآراء المتباينة للالتقاء والاحتكاك، مما ينجم عنه نمو الطاقات الإبداعية والقدرات الخلاقة، ومن ثم حدوث التغير والتطور. و”الجامعة كمؤسسة إنما تهدف في حقيقة الأمر إلى تهيئة الظروف للتفاعل بين الطلاب والأساتذة من خلال الدراسة والبحث وصولا إلى تحقيق أهداف المجتمع، وقيادة التغيير فيه.”[ii]
- أهداف التعليم العالي:
إن مهمة التعليم العالي متشعبة الاتجاهات والأدوار وبعيدة الأثر في المجتمع، وبشكل عام يمكن تلخيص الأهداف التي تسعى الجامعة إلى تحقيقها في:
- حماية التراث الإنساني والحفاظ على نتاج الفكر البشري؛
- تأهيل وإعداد كفاءات بشرية قادرة على تحمل مسؤوليات الحياة العملية؛
- الاهتمام بالبحث العلمي وكشف أسرار الطبيعة وتنمية المعرفة البشرية بكل أشكالها؛
- الاهتمام بالنشر، حيث لا تقتصر مهمة الجامعة على إعداد الباحثين وإجراء البحوث، وإنما تمتد لتشمل تقديم النتائج عن طريق وسائل النشر؛
- القيادة الفكرية وخدمة أهداف التنمية الاجتماعية؛
- تفسير وتبسيط نتائج البحوث العلمية؛
- النظر في مشكلات المجتمع المحيط ومحاولة فهمها وتحليلها، ثم البحث عن حلول مناسبة لها؛[iii]
ومن الطبيعي أن تتأثر أهداف الجامعة بالمتغيرات والعوامل والظروف السائدة في المجتمع والعالم ككل، وعليه فأهدافها لابد أن تتغير وتتطور بتنوع المطالب التي تفرضها العوامل الخارجية على الجامعة.
ولكن هذه الأهداف مهما تنوعت وتعددت، يمكن إجمالها تحت هدفين أساسيين، تسعى إليهما كل الجامعات على اختلاف بنياتها ومناهجها وبيئاتها، وهما:
- التعليم: أي تخريج متخصصين أكفاء يستطيعون الإسهام في تنمية المجتمع وتطويره.
- البحث العلمي: بتطوير مستويات المعرفة والعلوم، وإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهها المجتمع.
وقد أصبح التعليم العالي يواجه أكثر من أي وقت مضى الكثير من المستجدات والتغيرات، التي لم يعايشها من قبل، مما جعل هذا النظام في الكثير من الأحيان مشلولا أو غير قادر على التكيف، وبعث ضرورة تكثيف الجهود لمواجهتها ولاحتوائها. ومن أبرز هذه التحديات:
- ارتفاع الطلب الاجتماعي: شهدت أغلبية دول العالم تزايد سكاني كثيف ناتج عن ارتفاع معدل الخصوبة وتحسن الظروف الاجتماعية والرعاية الصحية. إضافة إلى تطبيق نظم ديمقراطية التعليم وتشجيع تعليم الإناث أدى إلى ارتفاع كبير في نسبة المقبلين على التعليم العالي.
- التقدم العلمي والتكنولوجي السريع: يعيش العالم ظروف التحول إلى مجتمع المعلومات حيث أصبح تنامي أساليب المعرفة العلمية بمتواليات هندسية يصعب التحكم فيها أو التنبؤ بمعدلاتها، ولعل أهم مميزاتها: تضاعف المعرفة، تعدد مجالاتها، ترابط فروعها وتكاملها وزيادة آثارها. مما أدى إلى اعتماد أغلبية دول العالم على الجامعات كحاضنات للإبداع العلمي والتكنولوجي من أجل التطوير الاقتصادي والمنافسة الدولية والحفاظ على المكانة العلمية والاقتصادية العالمية.
- التحولات الجذرية في مفاهيم التنمية: لقد أصبحت التنمية مبنية على قطاع جديد يسيطر على فئات عريضة من الأدمغة والأيادي العاملة ألا وهو قطاع المعلومات وأصبح الاقتصاد مبنيا على المعرفة حيث تغيرت النظرة إلى رأس المال والمواد الأولية، لأن من يملك المعلومة المناسبة في الوقت المناسب يمتلك القوة الحقيقية. وأصبح تقسيم وترتيب دول العالم في ضوء ما تملكه من معلومات فبرز نوعان من المجتمعات: مجتمعات غنية بالمعلومات، وأخرى تفتقر لها، حيث صارت المعلومات قوة، والمعلوماتية محرك فاعل للمعرفة، تتسابق دول العالم على تطويرها.
- تصاعد حدة انتقادات الرأي العام للجامعة: يتجه الرأي العام في العديد من الدول إلى عدم الرضا عن وضعية التعليم العالي وظروفه ومستواه ونوعية مخرجاته. وبرزت العديد من التوجهات التي تلح على ضرورة اندماج التعليم العالي في الحياة اليومية للمجتمع ومحاولة حل المشاكل التي يواجهها في طريق نموه.
إن مختلف هذه المتغيرات تفرض نفسها على التعليم، مما يستلزم تغيير البرامج وصياغة أهداف جديدة بخطط جديدة. وبدخول القرن الحادي والعشرين وما يفرضه من تحديات على شتى الأصعدة، فالتركيز يزداد على التعليم العالي، وما يمكنه أن يقدم من مساهمات رائدة وفاعلة في تنمية وتوظيف المعارف والتقنيات وفي تشكيل مسار التنمية والتحديث في الدولة، على مختلف المستويات. إن تطوير التعليم بتغيير المناهج التعليمية والمقاربات المعتمدة وتحسينها باستمرار ليس ترفا يمكن الاستغناء، وإنما هو ضرورة تفرض نفسها في ظل ظروف العصر وحجم المشكلات وارتفاع مستوى الطموح لدى الدول والأفراد، ونظرا لكون المناهج والأساليب الراهنة لا تستجيب لذلك.
2.1. تطور التعليم العالي في الجزائر:
تعود بداية التعليم العالي في الجزائر فعليا، إلى ما بعد الاستقلال، وقد تأثر خلال تطوره بمختلف السياسات والخطط التي عرفتها الجزائر خلال مسيرتها وتحولاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويمكن تقسيم المراحل التي عرفها تطور التعليم العالي في الجزائر إلى أربعة مراحل:
1.2. المرحلــة الأولى (1962-1969):
تمتد هذه المرحلة من الاستقلال إلى تأسيس أول وزارة متخصصة في التعليم العالي والبحث العلمي وقد تميزت هذه الفترة بإنشاء جامعات المدن الجزائرية الرئيسة، فبعد أن كانت هناك جامعة واحدة بالجزائر العاصمة، افتتحت جامعة وهران سنة 1966، تلتها جامعة قسنطينة سنة 1967، ثم جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين بالجزائر وجامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف بوهران وجامعة عنابة.
أما النظام البيداغوجي الذي كان متبعا فهو ما كان موروثا عن فرنسا، حيث كانت الجامعة مقسمة إلى كليات وهي: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية، كلية الطب، كلية العلوم الدقيقة. كما كانت الكليات بدورها مقسمة إلى عدد من الأقسام، تدرس تخصصات مختلفة، وكان النظام البيداغوجي مطابقا للنظام الفرنسي، حيث كانت مراحله كما يلي:
– مرحلة الليسانس: وتدوم ثلاث سنوات في غالبية التخصصات، تنتهي بالحصول على شهادة ليسانس في التخصص المدروس.
– شهادة الدراسات المعمقة: وتدوم سنة يتم التركيز فيها على منهجية البحث ، إلى جانب أطروحة مبسطة لتطبيق ما جاء بالدراسة النظرية.
– شهادة دكتوراه الدرجة الثالثة: وتدوم سنتان على الأقل من البحث لإنجاز أطروحة علمية.
– شهادة دكتوراه دولة: قد تصل مدة تحضيرها إلى خمس سنوات من البحث النظري أو التطبيقي، حسب تخصصات الباحثين واهتماماتهم.
وقد كانت هذه المرحلة تهدف إلى توسيع التعليم العالي، والتعريب الجزئي، والجزأرة مع المحافظة على نظم الدراسة الموروثة.
2.2. المرحلة الثانية (1970-1997):
تبدأ هذه المرحلة باستحداث وزارة متخصصة بالتعليم العالي والبحث العلمي، تلاها مباشرة إصلاح التعليم العالي سنة 1971، وتمثل هذا الإصلاح في تقسيم الكليات إلى معاهد مستقلة تضم الأقسام المتجانسة، واعتماد نظام السداسيات محل الشهادات السنوية[iv].
كما أجريت التعديلات التالية على مراحل الدراسة الجامعية:
– مرحلة الليسانس: ويطلق عليها أيضا تسمية مرحلة التدرج، وتدوم أربع سنوات، أما الوحدات الدراسية فهي المقاييس السداسية؛
– مرحلة الماجستير: وتسمى أيضا مرحلة ما بعد التدرج الأولى، وتدوم سنتين على الأقل. وتنقسم إلى فترتين الفترة الأولى مجموعة من المقاييس النظرية بما فيها التعمق في منهجية البحث، أما الفترة الثانية فتستغل في إعداد بحث يقدم في صورة أطروحة للمناقشة؛
– مرحلة دكتوراه علوم: ويطلق عليها تسمية مرحلة ما بعد التدرج الثاني وتدوم حوالي خمس سنوات من البحث العلمي؛
كما أضيفت في البرامج الجامعية الأشغال الموجهة والتطبيقات الميدانية. كما عرفت ها المرحلة فتح مجموعة من المراكز الجامعية في عدة ولايات لمواجهة الطلب المتزايد على التعليم العالي.
وعرفت هذه المرحلة وضع الخريطة الجامعية سنة 1984، بهدف تخطيط التعليم العالي إلى أفاق سنة 2000، في ضوء احتياجات الاقتصاد بقطاعاته المختلفة. حيث أنها عمدت إلى تحديد الاحتياجات من أجل تلبيتها، وتحقيق التوازن من حيث توزيع الطلبة على التخصصات التي تحتاجها السوق الوطنية للعمل كالتخصصات التقنية، والتقليل من التوجيه إلى بعض التخصصات كالحقوق والطب، كما تم بموجب الخريطة الجامعية تحويل معاهد الطب إلى معاهد وطنية مستقلة.
3.2. المرحلة الثالثة (1998-2003):
تبدأ هـذه المرحلة عام 1998، وتميزت بالتوسع التشريعي والهيكلـي والإصـلاح الجزئي. وأهم الإجراءات التي عرفتها هذه المرحلة ما يلي:
– وضع القانون التوجيهي للتعليم العالي في سبتمبر 1998؛
– قرار بإعادة تنظيم الجامعة في شكل كليات؛
– إنشاء ستة جذوع مشتركة للحاصلين على شهادة البكالوريا الجدد؛
– إنشاء ستة مراكز جامعية في كل من: ورقلة، الاغواط، أم البواقي، سكيكدة، جيجل وسعيدة؛
– إنشاء جامعة بومرداس وتحويل المراكز الجامعية لكل من بسكرة، بجاية ومستغانم إلى جامعات.
وبحلول عام 1999 أصبح قطاع التعليم العالي يحصي 17 جامعة 13 مركزا جامعيا و6 مدارس عليا للأساتذة 141 معهدا وطنيا للتعليم العالي12 معهدا ومدرسة متخصصة. كما ظهرت بعد ذلك جامعات ومراكز جامعية أخرى وملاحق لجامعات، مما ساهم في تدعيم هياكل قطاع التعليم العالي وتجسيد ديمقراطيته.
4.2. المرحلة الرابعة (2004-2013):
لقد تم في السنوات الأخيرة تنفيذ العديد من المشروعات والبرامج الهادفة إلى تطوير التعليم العالي وأساليب التكوين. حيث ” لم يعد خافيا توجه أنظمة التعليم العالي في العالم نحو تنظيم نمطي يتخذ شكل هيكلية تعليمية من ثلاثة أطوار هي: الليسانس الماستر والدكتوراه، الشيء الذي يمنح مقروئية أفضل لهذه الأطوار وللشهادات المتوجه لها، على الصعيدين الوطني والدولي”[v]. ويتشكل كل طور من وحدات تعليمية موزعة على سداسيات.
الليسانس: يشتمل على ستة سداسيات، كما يتضمن مرحلتين تتمثل أولاهما في تكوين قاعدي متعدد التخصصات، والمرحلة الثانية تكوين متخصص.
الماستر: يشتمل على أربعة سداسيات، يحضر هذا التكوين لمهمتين مهنية وبحثية.
الدكتوراه: يضمن هذا الطور تكوينا تبلغ مدته ستة سداسيات، ويتوج هذا الطور من التكوين بشهادة دكتوراه بعد مناقشة أطروحة.
- نظامLMD استجابة للتوجهات العالمية في التعليم العالي:
يهدف التطوير إلى تمكين النظام التعليمي من الاستجابة إلى متطلبات الحياة الجديدة، واستيعاب التطورات العلمية، والتكيف مع المستجدات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية، ومواجهة التحديات التي تقف عائقا أمام تطور الفرد والمجتمع وتذليل الصعوبات والتفاعل الإيجابي مع المتغيرات.
وقد عرفت منظومـة التعليم العالي في الجزائر تطورا كميا لافتا، وما تطور الشبكة الجامعية (60 مؤسسة جامعية موزعة على 41 ولاية) وتزايد تعداد الأساتذة (ما يزيد عن 29000 أستاذ) وتعدادات الطلبة (ما يقارب 902300 طالب من بينهم 43500 مسجل في الماجستير والدكتوراه)، وتخرج أكثر من مليون إطار منذ الاستقلال، إلا مؤشرات دالة على هذا التطور. وقد أدت هذه الظروف إلى جعل الجامعة الجزائرية في منأى عن التحولات العميقة التي تشهدها الجزائر على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية وكذا السياسية والثقافية.
1.3. مساعـي تطبيق نظـام لـ.م.د:
في ظل الاختلالات المتعددة التي سجلت في منظومة التعليم العالي، فإن الإصلاح يرمي علاوة على تأكيد طابع المرفق العمومي للتعليم العالي، وتكريس ديمقراطية الالتحاق بالجامعة إلى التكفل بالمتطلبات الجديدة الآتية:
- ضمان تكوين نوعي من خلال الاستجابة للطلب الاجتماعي المشروع على التعليم العالي؛
- تحقيق تناغم حقيقي مع المحيط السوسيوقتصادي عبر تطوير كل التفاعلات ما بين الجامعة وعالم الشغل؛
- تطوير آليات التكيف المستمر مع تطورات المهن؛
- تدعيم المهمة الثقافية للجامعة من خلال ترقية القيم العالمية لاسيما منها تلك المتعلقة بالتسامح واحترام الغير في إطار قواعد أخلاقيات المهنة الجامعية وأدابها؛
- التفتح أكثر على التطورات العالمية خاصة تلك المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا؛
- تشجيع التبادل والتعاون الدوليين وتنويعهما؛
- إرساء أسس الحكامة الراشدة المبنية على المشاركة والتشاور؛
- إشراك الجامعة في التنمية المستدامة للبلاد؛
- تمكين الجامعة الجزائرية من أن تصبح من جديد قطبا للإشعاع الثقافي والعلمي على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية.[vi]
إن نظام التعليم العالي، أصبح من الضرورة إصلاحه على نحو يجعله قادرا على إعداد الطلبة إعدادا ملائما يؤدي بهم إلى اكتساب المعرفة الوظيفية والمهارات الفكرية والعملية، والاتجاهات الإيجابية نحو العمل والمواطنة. مما يجعلهم مبادرين للعمل ومهتمين بـه، وقادرين على الإسهام الإيجابي في بناء المجتمع وتنميته. ومزودين بالقدرة على التفكير المنظم والمهارات الفكرية والعملية التي تمكنهم من التكيف مع متطلبات عصرهم، وتكفل لهم الولوج الفاعل في القرن الحــادي والعشريـن.
2.3. خصائص النظام الجزائري المطلوب:
إن تطبيق نظام لـ.م.د يندرج في قلب التحول والتطور الذي يعرفه نظام التعليم العالي الجزائري، الذي يجب أن يكون[vii]:
- كفــؤ، يجمع بين الجودة والتنافسية؛
- عـادل، يضمن مساواة الحظوظ؛
- قــادر على الانضمام في إطار تعاون مثمر شمال-جنوب وأيضا جنوب-جنوب؛
- مسيـر وفق أنماط تضمن الفعالية بنظرة مستقبلية، وفعالية مبنية على الأشكال الحديثة للحكم؛
- قــادر على توجيه البحث العلمي والتكنولوجي نحو أكثر إبداعية وابتكارية لتوليد المعرفة، وقادر على توفير منتجات جديدة ذات قيمة مضافة ومنه تطوير العلاقة جامعة –مؤسسة؛
- مبـدع لديناميكية تكوين المكونين والباحثين المؤهلين على مستوى عال، لتلبية الاحتياجات الكبيرة لتأطير عمليات التكوين والبحث خاصة في مراحل الماستر ومدارس الدكتوراه؛
- مزود بنظام تقييم داخلي وخارجي ضروري من أجل ضمان جودة التكوينات السارية.
ويضاف إلى كل هذه المتطلبات الجديدة البعد الدولي للتعليم العالي، والذي يبرز من خلال:
- التفتح والتنافسية اللتان أصبحتا ميزتان لأنظمة التعليم العالي، حيث تستأثر الأنظمة الأكثر نجاعة باستقطاب أفضل الكفاءات والاستفادة من خدماتها.
- نشوء فضاءات جامعية إقليمية ودولية تسهل حركية الطلبة والأساتذة والباحثين من مختلف الأقطار ومن ثم تشجيع التبادلات العلمية والتكنولوجية والثقافية على مستوى التعليم والبحث. فمن خلال انخراط الجامعة الجزائرية في هذه الفضاءات تتمكن من إرساء مصداقيتها على الصعيد الدولي، وأن تحقق أفضل استفادة من هذه التبادلات.
3.3. مكانة الطالب في نظام لـ.م.د:
يسعى إصلاح التعليم العالي على الصعيد البيداغوجي في إرساء تنظيم تعليمي، من غاياته تمكين الطالب من:
- اكتساب المعارف وتعميقها وتنويعها في مجالات أساسية تتوافق مع المحيط الاجتماعي المهني. مع توسيع فرص التكوين من خلال إدماج وحدات تعليمية استكشافية وأخرى للثقافة العامة باعتبارها العناصر المكونة لمقاربة متداخلة التخصصات تتيح بصفتها تلك معابر في مختلف المراحل المشكلة للمسالك التكوينية؛
- اكتساب مناهج عمل تنمي الحس النقدي وملكات التحليل والتركيب والقدرة على التكيف؛
- أن يكون الفاعل الأساسي في مسار تكوينه من خلال بيداغوجية نشطة مدعومة بفريق بيداغوجي طوال مساره الدراسي؛
- الاستفادة من توجيه ناجع وملائم يوفق بين رغباته واستعداداته قصد تحضيره الجيد، إما للحياة العملية عبر تعظيم فرص اندماجه المهني، أو لمتابعة الدراسة الجامعية.
- المكتبة الجامعية مفهوم متطور:
المكتبة الجامعية مؤسسة فرعية في الجامعة “مهمتها خدمة التعليم العالي والبحث العلمي، وهدفها مساندة المناهج والمقررات الدراسية وغرس وتنمية القدرة على الحصول على المعلومات، وهو ما يسمى بالتعلم الذاتي. ومن ثم يجب أن تتوافر فيها مجموعة من أوعية المعلومات المقروءة والمسموعة والمرئية، تختار بأسلوب علمي وتنظم بطريقة فنية سليمة، ويقوم عليها مجموعة من ذوي التخصص المؤهلين تأهيلا عاليا. حتى تتمكن من تقديم خدماتها لروادها من الطلاب والباحثين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة بكفاءة واقتدار.”[viii] فهي ذخيرة فكرية هامة جدا داخل محيط الجامعة.
تسعى المكتبات الجامعية لمواكبة ثورة المعلومات وولوج عالم التقنية من خلال الأوعية الرقمية والنشر الالكتروني وتأمين الدخول الحر للمعلومات لمستفيديها وكذا التكوين عن بعد. كما أنها استفادت من التقنيات الحديثة ضمن أعمالها الفنية، مثل الاقتناء، الفهرسة، ضبط الدوريات، الإعارة والتخلص من الأعمال الروتينية. ليتفرغ المكتبيون إلى أعمال البحث البيبليوغرافي على الخط، والبث الانتقائي للمعلومات والإحاطة الجارية والاتصال بقواعد وبنوك المعلومات.
وأصبحت المواقع الالكترونية للعديد من المكتبات الجامعية تغني أحيانا عن الانتقال إلى مقرها، وذلك لكون الخدمات رقمية تفاعلية على الخط، وتطور في هذا الاتجاه صيغ جديدة للمكتبة منها المكتبة الرقمية والافتراضية.
1.4. أهمية المكتبة الجامعية:
تنبع أهمية المكتبة الجامعية من أهمية المؤسسة التي تخدمها فإذا كانت الجامعة تسعى لتحقيق[ix]:
- تكوين الإطارات الضرورية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلد؛
- تلقين الطلبة مناهج البحث وترقية التكوين بالبحث وفي سبيل البحث؛
- المساهمة في إنتاج ونشر معمم للعلم والمعرف وتحصيلها وتطويرها؛
- المشاركة في التكوين المتواصل.
فعلى اختلاف الأجهزة والهيئات التي تشكل بنية الجامعة، تحتل المكتبة الجامعية الدور الأول من حيث ارتباطها بأهداف الجامعة ووظائفها، وكذا بالبرامج العلمية والبحثية التي تسطرها الجامعة. فهي ترصد كل أشكال الإبداع والفكر البشري لتنظمه وتسخره في خدمة الطلبة والأساتذة والباحثين مع ضمان كافة التسهيلات والظروف للإفادة المثلى من هذه المصادر.
وتستمد المكتبة أهدافها من الجامعة ذاتها، فرسالة المكتبة هي نفسها رسالة الجامعة، وعليه فهي تسعى لـتحقيق ما يلي:
- تساعد في نقل المعرفة والتراث الفكري العالمي إلى المجتمع الجامعي؛
- تنمي عادة القراءة وإتاحة فرص التعليم الذاتي؛
- تلبية وتسيير وسائل ومتطلبات البحث العلمي؛
- توفير البيبليوغرافيات والمصادر المرجعية المختلفة للمستفيدين؛
- خدمة مجتمع المستفيدين ومساعدتهم، ليس فقط تثقيفهم بل بإعطائهم للمعلومات الدائمة ونشاطات التكوين المستمر، في كل المجالات والتحصيل العلمي والمعرفي[x]؛
- نقل المعرفة من جيل إلى جيل ومن مكان لآخر وذلك بالاطلاع على محتويات المكتبة لأن مجرد الحفاظ على المعرفة في بطون الكتب أو حفظ الكتب نفسها من التلف أو الضياع لا ينفع الإنسان وإنما نشر هذه المعرفة واستخدامها في تعليم الجيل الجديد ليتولى دوره القيادي في المجتمع هوالهدف الأساسي[xi].
وقد عرفها العرب المسلمون منذ أزمنة بعيدة، فمن المكتبات الجامعية الشهيرة مكتبة “بيت الحكمة” ببغداد، أنشاها الخليفة هارون الرشيد، وأسس فيها مركزا للترجمة، ولم يكن ليميز في تعيين المترجمين من مختلف العقائد والأجناس والأديان[xii]. وقد بلغت هذه المكتبة ذروة مجدها في عصر المأمون ، حيث كانت أشبه بجامعة فيها كتب، يجتمع فيها رجال يتعلمون ويعلمون ويتناقشون ويطالعون وينسخون، كما كان المترجمون يترجمون ما يجمعه الرشيد والمأمون في فتوحاتهم بأنقرة وعمورية وقبرص. ويحدث ابن النديم “أن المأمون كانت بينه وبين ملك الروم مراسلات، وقد انتصر عليه المأمون في بعض المعارك، فجعل من شروط الصلح أن يسمح ملك الروم بترجمة ما في خزائنه من كتب بواسطة العلماء الذين يرسلهم المأمون، ففعل. وهذا أعظم ما يروى في التاريخ عن حاكم منتصر لا يرى ثمنا للنصر أغلى من كتب العلم ينقلها إلى أبناء أمته وبلاده”[xiii].
وتعطي ظروف المجتمع الحديثة التي تتميز بالتسابق السريع نحو التطوير والاكتشافات العلمية للمعلومات وللمكتبات قيمة أكبر من أي وقت مضى. “فمن المفروض أن ينظر للمكتبة الجامعية بالضبط كما ينظر إلى مصادر الطاقة بالنسبة لأي عمل إنتاجي في المصانع مثلا، فإذا لم تتوافر مصادر المعرفة الأساسية فكيف يمكن أن نتصور عمل الأستاذ أو الطالب بدونها. خاصة وإن الارتفاع المستمر في تكاليف وطباعة الكتب الآن تجعل من العسير على الأستاذ نفسه، فضلا عن الطالب أن يوفر لنفسه الكتب المطلوبة، وخاصة الأجنبي منها؟! ومن هنا يبرز بعد جديد يؤكد أهمية المكتبة وخاصة في الأقاليم، حيث يكثر الطلاب من ذوي المستوى المنخفض في المعيشة.”[xiv]
2.4. المكتبة الجامعية معيار لتقييم الجامعة:
المكتبة الجامعية ضرورية للمجتمع الجامعي لما تقدمه من دعم للبرامج وتوسيع مجال الاهتمام والاطلاع وتطوير المكتسبات العلمية والمهارات الفكرية للباحثين، وذلك لكونها “مؤسسة ثقافية علمية تعمل على خدمة مجتمع من الطلبة والأساتذة والباحثين، وذلك بتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها في دراساتهم وأعمالهم من الكتب والدوريات والمطبوعات الأخرى إضافة إلى المواد السمعية والبصرية وتسهيل استخدامهم لها.”[xv]
ونظرا لأهمية المكتبة الجامعية والدور الذي تؤديه فقد حازت على الاهتمام المطلوب والنظرة المحترمة، وأصبحت واحدا من مؤشرات الحكم على الجامعة ومستوى التكوين والتأهيل فيها “كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية فإن المكتبات هي أحد المقومات الهامة في تقييم الجامعة والاعتراف بها[xvi]” ومن أمثلة ذلك معايير الاعتماد التي عرضها كريس إيكل بعنوان “American University Accreditation : an over view” في مؤتمر التعليم الأهلي باليمن، حيث ورد المعيار السابع حول المكتبة ومصادر المعلومات، وينص على مايلي:
” تتيح المؤسسة التعليمية المكتبة ومجموعات مصادر المعلومات والخدمات للطلبة والتسهيلات الكافية نوعا، ومستوى، وتنوعا، وكما، وحداثة لدعم وإثراء العروض الأكاديمية للمؤسسة. كما تضمن أن الطلبة يستعملون هذه المصادر كجزء مكمل لتعليمهم. وهذا يشمل وسائل المكتبة، الانترنت، مراكز الحواسيب، مخابر اللغات، متاحف، وكل مصدر آخر للمعلومات. وعلى المؤسسة أن تقيم دوريا وبانتظام مدى ملائمة واستعمال مكتبتها ومصادر معلوماتها لتحسن وتطور من فاعليتها.[xvii]” . كما صنفت كذلك ضمن معايير الاعتماد الخاصة بالعديد من الهيئات الدولية المختصة في التقييم والاعتراف بالشهادات. “ففي إحدى الحلقات الإقليمية لتطوير المكتبة الجامعية بأمريكا اللاتينية التي نظمتها اليونسكو، أكد المشاركون على دور المكتبة الجامعية، حيث:
- أن مستوى رقي أو تقدم الدولة يعتمد بدرجة كبيرة على مستوى التعليم العالي فيها.
- ومستوى التعليم يعتمد بدرجة كبيرة على ما تضطلع به الجامعات.
- ونجاح الجامعات مرتبط بصلاحية وكفاءة مكتباتها.[xviii] “
- تعليم منهجية البحث عن المعلومات:
1.5. لماذا منهجية البحث عن المعلومات؟
لا يمكن القيام ببحث علمي مع إقصاء منهج البحث الوثائقي. فمهما كانت المرحلة التي وصل إليها الباحث سواء قبل اختيار الموضوع أو عند ضبط الإشكالية والتساؤلات أو صياغة الفرضيات أو عند عرض ما توصلت إليه أبحاث ميدانية سابقة، أو عقد مقارنات، إلى غاية تحليل المعطيات واستخلاص النتائج، فالباحث في حاجة مستمرة وماسة للاطلاع على ما كتب ونشر في الموضوع، أو في مواضيع أخرى ذات علاقة به. وتتعدى أهمية الأدوات الوثائقية وضرورتها هذا الجانب إلى مراحل أخرى من البحث، لاسيما منها تلك التي تمس الفهم والتوسع المعمق في الموضوع.
ويأخذ البحث عن المعلومات قيمة أساسية في كل البحوث مهما كانت طبيعتها تطبيقية أو نظرية، وفي مختلف الاختصاصات سواء كانت علوم تقنية أو علوم انسانية واجتماعية، وقد سجلت الأدبيات قول نيوتن “ما كنت لأصل إلى ما وصلت إليه لو لم أصعد على أكتاف من سبقوني”.
إن البحث عن المعلومات هو تكريس لجوهر المعرفة القائمة على التداخل والتكامل والتراكمية فلا يستطيع أي شخص أن يصل إلى بناء معرفة متكاملة بعيدا عن الإلمام بمختلف جوانب الموضوع وأبعاده. وعليه فلا يمكن إقصاء البحث عن المعلومات من أي عملية تعلم أو بحث.
2.5. تطـور منهجية البحث الوثائقي:
لقد أصبح “التكوين على البحث الوثائقي”، “التكوين على البحث عن المعلومات”، “التكوين على استعمال المعلومات”، وكذا “محو الأمية المعلوماتية” وغيرها من المفاهيم المستحدثة، عبارات تختلف في صيغتها دون أن تفترق كثيرا في مدلولاتها. فهي تكاد تشترك في مفهوم واحد يصب في اكتساب الطالب للذاتية والاستقلالية في البحث عن المعلومات، وحسن استغلالها، مستعملا بذلك المصادر المتعددة على اختلاف أشكالها سواء كانت تقليدية أو حديثة. وقد عرف منهج البحث الوثائقي تطورات عديدة ناتجة عن التغيرات التي شهدتها بيئة الوثائق ومصادر المعلومات.
- من البحث البيبليوغرافي إلى البحث الوثائقـي:
ساد في سنوات الثمانينات وما قبلها، الحديث عن تكوين المستفيدين من المكتبة، أي تزويدهم بالخبرات الضرورية عن كيفية استعمال المكتبة وأدوات البحث فيها كالفهرس البطاقي والمطبوع واستغلال مصادر المعلومات المطبوعة المتوفرة بها بشكل فعال. ومع تطور أوعية تخزين المعلومات وتنوعها كالأسطوانات، المصغرات الفيلمية والأشرطة المغناطيسية، وظهور الأجيال الأولى من الحواسيب المعتمدة على البطاقات المثقبة، لم يعد الكتاب المطبوع هو الوسيط الوحيد الذي يحمل المعرفة. وغزت تلك الوسائط عالم المكتبات في أشكال جديدة وبمبدأ تشغيل جديد يعتمد على الآلات القارئة فأصبح التكوين البيبليوغرافي تسمية لا تفي بالغرض، وتركز الاهتمام على التكوين على البحث الوثائقي كون مصطلح الوثيقة ينطبق على كل وعاء يحمل معلومات بغض النظر عن شكلها أو كيفية تسجيلها أو قراءتها.
والبحـث الوثائقي هو “مجموع نشاطات التعلم والاكتساب التي تسمح بمعرفة واستعمال المصادر الوثائقية بطريقة جيدة، من أجل تلبية الاحتياجات للمعلومات قصد الدراسة، البحث والتعلم المستمر”[xix]. وعليه فلم يعد دور المكتبي توفير المعلومات المناسبة، بقدر ما يقع عليه واجب تعليم الرواد كيفية الاستفادة من مختلف ما توفره المكتبة من خدمات ومصادر معلومات متنوعة مرتبطة بالمنهاج الدراسي بما يوفر لهم تكوينا ذاتيا يشمل مختلف جوانب المعرفة. ونظرا لعدم توفر هذا النمط من التكوين في السنوات الدراسية قبل الجامعية في العديد من الدول “فقد أصبح البحث الوثائقي يشكل الثقب الأسود بالنسبة لعدد معتبر من الطلبة الجامعيين”، حسب ما تراه أخصائية نفسية- بيداغوجية بجامعة Laval[xx] وذلك لكونهم يجدون صعوبات كثيرة أثناء إعداد واجباتهم أو بحوثهم، نظرا لعدم تمكنهم من تقنيات البحث عن المعلومات، وعدم معرفتهم بمصادر المعلومات المتعددة التي يمكنهم اللجوء إليها، وأين يجدونها وكيف يستفيدون منها.
- من البحث الوثائقي إلى البحث عن المعلومات:
لقد أصبح الحديث عن كيفية استعمال الكتاب والمكتبة يبدو تقليديا نوعا ما، في وجود المتغيرات التكنولوجية المتتالية والوسائط الحديثة لتخزين المعلومات ونقلها كالأقراص البصرية وشبكات المعلومات. ومع أوائل التسعينات تناست الكتابات الأمريكية الحديث عن البحث البيبليوغرافي، لحساب مفهوم جديد هو « Information Literacy »[xxi] أو محو الأمية المعلوماتية[xxii] ، ويعتبر هذا المفهوم محاولة جادة للتماشي مع تطور العصر، وتنوع مصادر المعلومات فلم يعد الباحث يهتم بشكل الوثيقة ونوعية الوسيط الذي سجلت عليه بقدر أهميتها في حد ذاتها.
وقد قدم التقرير النهائي حول محو الأمية المعلوماتية للجنة الرئاسية المشكلة عن جمعية المكتبات الأمريكية تعريفا حاسما “فالشخص المتحكم في استعمال المعلومات يجب أن يستطيع الإدراك متى تظهر الحاجة للمعلومة، وقادر على إيجاد المعلومة المناسبة، وتقييمها واستعمالها بشكل فعال[…] إجمالا، هم أشخاص تعلموا كيف يتعلمون، لأنهم يعرفون كيفية تنظيم المعرفة، وكيف يجدون المعلومة، وكيف يستعملونها بشكل يسمح بنقل المعرفة إلى الآخرين. هم مستعدون للتعلم طيلة حياتهم، لأنهم قادرون دائما على إيجاد المعلومات المطلوبة للمهمة أو القرار الراهن”[xxiii]. وقد ظهرت هذه الخصائص في “معايير التحكم في المعلومات في تدريس الطلبة” الصادرة عن الجمعية الأمريكية لمكتبيي المدارس «AASL» وجمعية الاتصالات والتكنولوجيا التعليمية «AECT». كما قامت جمعية مكتبات الثانويات والبحث الأمريكية«ACRL» بتسطير مجموعة من المعايير بعنوان: «Information Literacy Competency Standards for Higher Education» ، حيث حددت سبعة مهارات أساسية ينبغي للطالب الجامعي أن يتقنها، وتتمحور حول القدرة على الإحساس بالحاجة إلى المعلومات وتحديد مجالها، ومصدر الحصول عليها، والوصول إليها وفهمها وتقييمها والاستفادة منها في حدود القواعد الأخلاقية والقانونية.
إن الاهتمام الكبير بتطوير القدرات الفردية واكتساب منهجية البحث عن المعلومات ليس خاصا بالولايات المتحدة فحسب، حيث أعدت هيئة مجتمع المكتبات الثانوية، الوطنية والجامعية «SCONUL» في المملكة المتحدة نموذجا للمهارات المعلوماتية، مرتكزا على ستة دعائم تعد كمؤهلات فردية:
- القدرة على معرفة الحاجة لمعلومات معينة؛
- القدرة على معرفة الوسائل لتقليص النقص في المعلومات؛
- القدرة على معرفة استراتيجيات البحث عن أماكن المعلومات؛
- القدرة على إيجاد المعلومات والاطلاع عليها؛
- القدرة على مقارنة وتقييم المعلومات المحصل عليها من مصادر مختلفة؛
- القدرة على حوصلة المعلومات المتوفرة، والاستفادة منها في إبداع معارف جديدة[xxiv].
وحول نفس الخصائص صدرت معايير التحكم في المعلومات عن المعهد الاسترالي-النيوزلندي. وقد كانت أطروحة كريستين بروس« Seven Faces of Information Literacy in Higher Education » أكثر الأعمال المعروفة عن هذه المقاربة، حيث أنها عوضا عن وضع تعريف شامل ومعياري، عمدت إلى تحديد سبعة خصائص مميزة للتعريف بالتحكم في المعلومات، وينبغي أن تتوفر في الباحث معا وهي كما يلي:
- استعمال تكنولوجيا المعلومات للبحث عن المعلومات وكذا لنشرها؛
- اكتشاف المعلومات الموجودة في المصادر الوثائقية؛
- القيام بالإجراءات؛
- مراقبة المعلومات،
- تشكيل قاعدة معارف شخصية في مجال اهتمام جديد؛
- إنجاز يجمع بين المعارف والرؤى الشخصية للخروج بأفكار مبتكرة؛
- استعمال مشروع للمعلومات للمصلحة العامة.
كما أن هناك العديد من الإنجازات والمقترحات التي قدمها العديد من المنظرين والمفكرين في كيفية التحكم الجيد في منهجية البحث عن المعلومات على اختلاف مصادرها واستغلالها بشكل إيجابي فاعل في الحياة اليومية للفرد ومجتمعه. لكن أكثر الكتابات والمقالات تركزت على الطلبة الجامعيين كونهم فئة عريضة من المجتمع الأكاديمي، ومطلوب منهم التحكم الجيد في طرق البحث عن المعلومات واستغلالها في التعلم وإعداد البحوث المنوطة بهم، خاصة والعالم بأسره يشهد مظاهر التحول إلى مجتمع المعلومات. حيث أصبحت “القدرة على التحكم في المعلومات” معترفا بها على المستوى الدولي كانشغال أساسي، مشترك في مجال التربية والتعليم، كما في مجال المكتبات”.[xxv]
3.5. دواعي الاهتمام بالتكوين على البحث واستعمال المعلومات:
- التزايد السريع والأسي في حجم المعلومات المنتجة:
عرفت هذه العصور الأخيرة تضخما هائلا في كمية إنتاج المعلومات التي يتم التوصل إليها ونشرها، خاصة في المجالات العلمية والتكنولوجية حيث يتضاعف الإنتاج فيها كل عشر سنوات تقريبا بينما يتضاعف هذا الإنتاج كل خمسين سنة في العلوم الإنسانية. وقد أصبح الأمر أشد صعوبة بعد ظهور وتطور التقنيات الحديثة التي ساهمت في تزايد الانتاج الفكري أكثر فأكثر، وأصبح من الصعب رصد كل ما ينشر في شكل مطبوع أو رقمي. نتج عن هذا الوضع مصاعب جمة للباحث والدارس في الاطلاع على ما يحتاج إليه بالسرعة والسهولة الممكنة وأصبح الأمر أشبه بالمستحيل.
ويمكن توضيح أبعاد المشكلة من خلال الأرقام: حيث بلغ عدد الدوريات في عام 1800 إلى مائة عنوان وفي عام 1830 وصل هذا العدد إلى 500 دورية، ثم تزداد ليصل إلى 1000 دورية بحلول سنة 1850، ومن ثم إلى 10.000 دورية عام 1900، حتى بلغ العدد الإجمالي حوالي 100.000 دورية بحلول 1950[xxvi]، وقد أحصى السجل الدولي لهيئة الترقيم الدولي الموحد للسلاسل ISSN 490.305 دورية سنة 1991 ليصل سنة 1997 إلى 732021، أي بزيادة تقدر بـ50%[xxvii]. وقد بلغت إحصائيات هذا السجل 1037156 سنة 2001 لتصل في سنة 2008 إلى 1413942 ، وقد قيدت في نفس السنة 68223 منشور دوري جديد[xxviii].
- تطور تكنولوجيات الإعلام والاتصال:
لقد تغيرت أنماط التواصل بين الأفراد، وكذا أساليب تخزين المعلومات وبثها، حيث غزت الاتصالات اللاسلكية والألياف البصرية، والتقنيات الرقمية مجال حفظ ونقل المعلومات بأحجام هائلة وسرعات فائقة. مما يجعل الطالب الجامعي خاصة في موقف حرج إذا ما كان يجهل مبدأ عمل هذه التقنيات وكيفية استعمالها واستغلال خدماتها والفرص التي تتيحها بشكل فعال في حياته الدراسية واليومية.
- الفشل الجامعي:
تشهد الكثير من جامعات العالم تراجعا في المستويات الفكرية والمؤهلات العلمية لفئات عريضة من الطلبة وكذا عدم تكيفهم مع المناهج التدريسية والمساقات السائدة، وقد أثبتت الكثير من الأساليب فشلها الذريع، مما كان له الأثر السلبي على المتعلمين، وقد أدرك الكثيرون خطورة هذا الأمر على الأمة . كما أن الطلبة بحد ذاتهم يجهلون حقيقة الدور الذي يجب أن يقوموا بـه والاستقلالية التي يجب أن يتصفوا بها في التعلم والبحث، مما يجعلهم يواجهون صعوبات كبيرة في الفهم والاستذكار وإعداد البحوث العلمية. ولمواجهة ذلك فعلى الطالب أن يقوم بدوره الفـاعل ويؤدي مهنته على أكمل وجه من خلال اكتساب المهارات الضرورية للتعلم الذاتي والبحث المستمر.
قال الفيلسوف الصيني لاوسي Lao Tseu منذ 26 قرن “إن الخطأ أثناء العمل الطبي يمكن أن يؤدي بحياة إنسان، أما الخطأ في العمل العسكري، فيمكن أن يضع جيلا بكامله في خطر، ولكن الخطأ في العمل التربوي والثقافي يمكن أن يجعل في خطر ألف وألف جيل”[xxix].
- المقاربات المعتمدة في التكوين وتعليم البحث عن المعلومات:
إن التركيز على أهمية المكتبة الجامعية، ودورها الحساس في عملية التكوين العالي وبناء المهارات العلمية والفكرية للإطارات لم يعد بالأمر الذي يمكن لأحد تجاهله. وإنما التوجه الجديد هو البحث عن صيغ جديدة وأنماط مستحدثة لتحقيق تنمية علمية وفكرية للأفراد، في ظل المتغيرات التي يعرفها العصر الحديث بمسمياته المختلفة، كعصر المعلومات ومجتمع المعرفة.
وقد أثبتت العديد من الإستراتيجيات والمقاربات دورها الفعال في تطوير التعلم لدى الطالب وتحسين اكتسابه لمنهجيات البحث عن المعلومات، وفيما يلي بعض منها:
- تعليم التعلم الذاتي:
لم يعد الحديث عن التعليم يحظى بالاهتمام كالذي يحظى به مفهوم التعلم. فالتكوين على التعلم يعد من أهم المهارات التي ينبغي أن يتعلمها الطالب على الإطلاق، لكونها مفتاح حقيقي في يده لكل المعارف والعلوم. “والمكتبة الجامعية بتوفرها على مكتبيين مؤهلين في تنظيم المعرفة واسترجاعها، هم الأقدر على تزويد الطلبة بهذه المهارات سواء في استعمال الأوعية المطبوعة ابتداء بالفهارس على تنوعها وانتقالا إلى الكتب والموسوعات، وكذا الأوعية الالكترونية كقواعد وبنوك المعطيات والأقراص البصرية ومواقع الواب عبر الشبكة. وينبغي أن ترفع الجامعات قناعاتها بضرورة التكوين على البحث الوثائقي.
ويعد التكوين عن بعد والتكوين التفاعلي من أنجع الأساليب التي قدمتها التكنولوجيات الحديثة كأدوات مميزة للعمل التعليمي والتربوي، فالاعتماد على البرمجيات التفاعلية في إعداد البرامج التكوينية قد كان له أثر كبير على زيادة الفهم والاستيعاب من طرف الطلبة نظرا لاعتماد هذا الأسلوب على مخاطبة عدة حواس في الفرد في آن واحد، إضافة إلى المؤثرات المرافقة من صوت وصور ومقاطع فيديو، تجعل الطالب مهتما بالتكوين ومستمتعا به. ويمكن أن يتلقى الطالب هذا التكوين عن بعد من خلال شبكات المعلومات، أو الحضور إلى المكتبة واستعمال البرامج التكوينية المتوفرة على حواسيبها الداخلية.
وقد أصبح للكثير من المكتبات الجامعية مواقع افتراضية تسمح للطلبة المسجلين بالجامعة من الدخول إلى تلك المواقع والاستفادة من التكوين الذي تعرضه. كما أن هناك مكتبات جامعية تعرض برمجيات مفتوحة لكل من يرغب في التكوين الذاتي على البحث عن المعلومات من خلال موقعها، سواء في الفهارس الرقمية أو في شبكة الانترنت.
نموذج CERISE: موقع الكتروني يقدم التوجيه للطلبة للبحث المتخصص الفعال عن المعلومات.
وهو في متناول الجميع من خلال موقع الواب: http://www.ext.upmc.fr/urfist/cerise
وهو موجه بصفة خاصة لطلبة السنة الجامعية الأولى، حيث يجدون الإرشادات المنهجية والتوجيه العملي للطريقة التي يمكن استغلالها في مجال تعليم الآداب أو العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتكييفها بسهولة للتخصصات علمية محددة. وكثيرا ما يستخدم من قبل أساتذة الوحدات التعليمية الخاصة بمنهجية البحث الجامعي. كما أنه بمثابة أداة للتدريب الذاتي، حيث تحيل إليه العديد من مواقع المكتبات الأخرى.
وقد ساهم في إعداده الكاتبين مارتين دوهامل أستاذ محاضر في جامعة باريس4، وكلير بانيجل المحافظة العامة لمكتبات الوحدات الجهوية للتكوينUrfist باريس بالمدرسة العليا ENSSIB، ومساعديهم حيث تبادلوا خبراتهم كأساتذة جامعات ومتخصصين في مجال المكتبات والمعلومات لتحديد وشرح الخطوات المكونة لعملية البحث.
وقد وضع مشروع الدليل في عام 1998، حيث كان التكوين على البحث الوثائقي يعاني من أجل إيجاد مكان له. حيث لم يكن مستعملا هذا النمط من التكوين في الجامعات الفرنسية، ولم يكن المعلمين مستعدين له، وموظفي المكتبات غالبا عددهم قليل ولا يستطيعون تلبية كافة الاحتياجات. أما الكتب الخاصة بالموضوع فقد كانت نادرة أو تستهدف الجمهور المهني. لهذا كانت هناك رغبة في تلبية احتياجات المكونين والطلبة، من خلال روابط تشعبية مفتوحة للجميع على الشبكة.
CERISE ليس دليلا لاستخدام المكتبة أو دليل مراجع فحسب، بل هو تكوين متاح لكل باحث من أجل التحكم في استخدام الأدوات المرجعية ومصادر المعلومات كالفهارس الرقمية ومواقع الانترنت ومحركات البحث. حيث يصل الطالب إلى استخدام الأدوات التي تناسب الهدف المعرفي الذي يسعى إليه، مع توفير معايير التقييم وتوضيح التسلسل الفكري، وتماسك البنية المعلوماتية التي وصل إليها.
- مقاربة التعلم القائم على المشكلات:
إن أسلوب التدريس المعتمد على المحاضرة، يكاد لا يترك مجالا لمبادرة الطالب ولاستقلاليته في التعلم، والبحث الوثائقي والتواصل أو التحليل، ومهارات أخرى كثيرة يبقى الطالب معزولا عن اكتسابها. ولذلك فالمقاربة بالمشكلات، وخاصة التعلم بالمشكلات (Apprentissage Par Problèmes)، يمكنها أن تتجاوز هذه الفجوات في التعلم.
في الجامعات التي تعتمد هذه الطريقة في التدريس، تجد المكتبة نفسها “حاضنة” للعملية التعليمية وأول برنامج تذكره الأدبيات كان في جامعة ماك ماستر بكندا سنة 1980[xxx]. وهذا الأسلوب مستعمل عموما للتكوين في المجالات الطبية وعلوم البيطرة في أمريكا الشمالية وأوربا الغربية بحيث يكون التركيز على تعلم الطالب واستيعابه.
وملخص أسلوب “التعلم المرتكز على المشكلات”، أن تطرح مشكلة معينة لحلها خلال أسبوع على فوج مكون من عشرة طلبة مرافقين بمشرف، يجتمع الفوج ساعتين بمعدل مرتين في الأسبوع بحيث يقومون بإعداد عروض وأعمال موجهة وقراءات في المكتبة طيلة الأسبوع، بعدما يكونون قد استفادوا من تكوين على استعمال مصادر المكتبة كأول حصة.
ويهدف تطبيق هذا الأسلوب في التعليم، إلى تحقيق ما يلي[xxxi]:
- تشجيع الاستقلالية في التعلم؛
- تطوير استراتيجيات فعالة للبحث الوثائقي؛
- تحسين القدرة على حل المشكلات المعقدة المتصلة بالواقع؛
- تعلم العمل الجماعي بفعالية؛
- تطوير مهارات التواصل؛
- تحسين نقل وتكامل المعارف؛
- تزويد الطالب بمهارات التفكير وحل المشكلات
- تسهيل اكتساب المعارف وحفظها والاستعمال الجيد لها؛
- الزيادة من الاهتمام الباطني بالمجال المدرس، وكذا تحفيز الطلبة على التعلم.
إن التحكم في عمليات البحث والتحليل والتركيب يتطلب النظرية والتطبيق. ففي تعليم مركز فقط على المحاضرات، هذه العمليات يقوم بها الأستاذ، بينما في مختلف أساليب المقاربة بالمشكلات، ينطلق الطالب من البداية بالتدرب على تحديد المشكلة بنفسه، بالبحث عن المعلومات وحوصلتها، والتعريف بالظواهر محل الدراسة، والإحاطة بأسئلة الدراسة وإيجاد الفرضيات لتفسيرها عقلانيا والبحث بنفسه عن المعلومات الضرورية.
إن هذه المقاربة أقرب ما تكون لما يقوم به الباحث العلمي، فهي تصر على الاستكشاف والتحليل. فمن خلال هذا الأسلوب يقيم الطالب المنهج العلمي للبحث، فهو يقوم بتحديد المشكلة والفرضيات، وجمع البيانات وتحليلها واستخلاص النتائـج. كما يمكن أن يتبع مسار الملاحظة الفرضية، التجربة، النتائج والتفسيرات والخلاصة لما يكون في إطار موضوع تجريبي.
- مقاربة التعلم القائم على التحقيق:
تقول المقولة الانجليزية الشهيرة “Tell me and I forget, show me and I may remember, involve me and I’ll understand.” مما يعني أن الاندماج في موضوع معين والبحث فيه والاستقصاء عن مختلف جزئياته له أثر كبير في تكوين الثقافة العلمية للفرد.
تقوم هذه المقاربة على استثارة معينة مصدرها التساؤل أو الشك، ليبدأ الطالب مسيرة البحث عن ما يغطي ذلك النقص المعرفي والتحقق من المعلومات من خلال تجريب مختلف الوسائل والأدوات المتاحة في المكتبة، واستنتاج كيفية التعامل معها والبدائل المتوفرة للوصول إلى الهدف الذي يسعى إليه.
لأنه لا يمكن أن يتقن الطالب البحث عن المعلومات ما لم يكن في حالة بحث حقيقية وواقعية بحيث يتأهب ويستعد للكشف عن الغموض الذي يعتري الموضوع، ومحاولة كشف العلاقات التي تربط بين عناصره. إن الأهم في تعليم منهجية البحث عن المعلومات ليس المعطيات والتوجيهات التي تقدم للطلبة بقدر ما هو مهم تعلم كيفية تطبيقها واستعمالها لسد الاحتياجات اليومية سواء كانت ذات صبغة علمية أو غير ذلك.
إن أنجع المناهج التعليمية في استثارة اهتمام الطلبة وكسب رغبتهم في التعلم، استبدال أسلوب التلقين والحفظ الآلي بتدريب الطلبة على البحث عن المعلومات الضرورية، وإعمال فكرهم، وإبداع أساليب جديدة في اكتساب المعارف وفهمها، من خلال البحث داخل المكتبة والاطلاع على مختلف مصادر المعلومات التي تعالج الموضوع المطروح في الدرس. ومساهمة كل الطلبة في مناقشته وطرح التصورات والمستجدات التي وصلوا لها. فهذا الأسلوب يعد “ثورة على طريقة التعليم التقليدي، إن تردد الطلبة على المكتبة واطلاعهم على المراجع المختلفة من شأنه أن يزيد من معلوماتهم”[xxxii]. ويقـوي قدراتهم على الملاحظة والتحليل والنقد، وكلها من القدرات التي تنشط الإبداع لديهم واكتشاف الجديد.
« Il ne peut y avoir un enseignement efficace qu’à la condition que l’élève puisse exprimer ses ignorances, ses incomprehentions, ses representations mentales fausses, ses préjugés en toute securite.[xxxiii] »
- مقاربة التعلم القائم على المصادر:
يقوم هذا الاتجاه على تجميع وتركيز الموارد المعلوماتية، التكنولوجية والحاسوبية (كالكتب الدوريات، المنشورات وبرامج التعليم عن بعد) في مكان واحد من أجل تأطير الطالب. وفي أمريكا الشمالية تسمى تلك الورشات بملتقيات طرق المعلومات والتعلم[xxxiv] وهي موجودة في المكتبات الجامعية ويعد هذا التنظيم تركيز لدور المكتبة والمكتبيين على احتياجات المتعلم، وتوفر له كل الوسائل التي يحتاجها (مصادر بيداغوجية).
وهذا لا يعتبر ثورة تقنية وإنما تطور كبير في العقليات، حيث يسمح لمختلف العاملين بالجامعة من العمل معا، وبالتالي فوفقا لمقاربة التعلم القائم على المصادر المعلوماتية:
- يسمح للطلبة بالاطلاع على كل مصادر المكتبة؛
- يوضع في متناولهم معدات مكتبية وفضاءات للعمل من أجل: إعداد وتحرير وحفظ وطبع أعمالهم وكذا إعداد عروضهم الشفوية باستعمال بنوك الصور والماسحات الضوئية.
- يسمح بالوصول إلى كل الأدوات التعليمية التي ينتجها الأساتذة، أو غيرهم في محيط الجامعة كالأقراص البصرية، صفحات الواب والمحاضرات الكترونية…الخ
- يسمح بالتصوير طبق الأصل وطباعة الوثائق لأغراض البحث والدراسة.
- توفير ورشات للتكوين الوثائقي، كما يسمح للطلبة المكونين بتكوين الطلبة الجدد.
- يسمح طلب واسترجاع الوثائق من خلال مختلف خدمات الإعارة وتوصيل الوثائق بين المكتبات.
- يقدم المساعدة المنتظمة والمشخصة لدعم الطلبة في عملية تعلمهم.
نموذج: مصلحة التكوين على المعلومة العلمية والتقنية FORMIST:
هي مصلحة تكوينية تم إنشاؤها سنة 1999 على مستوى المدرسة الوطنية العليا لعلوم المعلومات والمكتبات « ENSSIB » لتجميع وتقييم المصادر البيداغوجية للتكوين على المعلومات، والتي كانت نادرة في ذلك الوقت، وموقعه على الواب هو . http://www.enssib.fr/formist
تطور FORMIST: لقد أحدث التطور السريع للمصادر الرقمية، وعيا عاما بضرورة التكوين على التحكم في المعلومات، ومحو الأمية المعلوماتية « Information Literacy »، حيث تقوم هذه المصلحة بدور المرجعية، من خلال الإعلان عن التقارير أو الوثائق المودعة بها من خلال موقع SIBEL والمكتبة رقمية. كما أن FORMIST تمثل المرجعية للموارد التعليمية في موقع InfolitGlobal وذلك من خلال تزويدهم بالبيانات البيبليوغرافية والنصوص الكاملة للبرامج والرزنامات التكوينية وإعطاء المزيد من الأضواء على الإنتاجات الفرنسية.
توفر مختلف المستجدات التعليمية والمعلومات في مجال التكوين على البحث عن المعلومات العلمية والتقنية على صفحة الموارد “Ressource” من خلال الموقع:
وتطور دورFORMIST كناشر، والذي بدأته بالنشر السنوي لدليل: REPERE الذي يوزع على الطلبة وهو دليل شامل لمنهجية البحث الوثائقي وطرقه وأساليبه ومصادر المعلومات وكيفية التعامل معها. كما أنها تعمل حاليا على إضافة الكتب المطبوعة من خلال منشورات enssib. وتواصل القيام بـRencontres FORMIST، وهي لقاءات للتكوين على المعلومات تجرى في منتصف شهر جوان سنويا.
ولـFORMIST تغطية وطنية، حيث يوجد في المستويات المحلية للتكوين على المعلومات:
- المصالح المشتركة للتوثيق(SCD): توجد بكل جامعة، حيث تنفذ برامج تدريبية في المقررات الدراسية الجامعية؛
- وحدات جهوية للتكوين على المعلومات العلمية والتقنية (URFIST) وتقوم بإعداد المواد والمصادر البيداغوجية.
- مقاربة التعلم الجماعي والمشترك:
التعلم التعاوني هو وسيلة للتعليم والتعلم، حيث يقوم على تشكيل فرق أو مجموعات من الطلبة بإشراف من المكتبي أو الأستاذ لاستكشاف مسألة هامة أو إنشاء مشاريع دراسية. حيث يمكن أن تتشكل مجموعة من الطلبة لمناقشة محاضرة، أو إعداد بحث. كما يمكن أن تتشكل مجموعات طلبة من مدارس مختلفة تعمل معا عبر شبكة الإنترنت في مهمة مشتركة .
من أجل تهيئة بيئة التعلم الجماعي، هناك ثلاثة أشياء ينبغي توفرها: أولا، يتعين على الطلاب الشعور بالأمان ضمن المجموعة، وبالتحدي في نفس الوقت. الثانية، أن تكون الجماعات صغيرة حتى يستطيع الجميع المساهمة فيها. الثالثة، يكون الطلبة على فهم ودراية بالمهمة التي ينبغي أداؤها داخل المجموعة.
وتحظى مقاربة التعلم التعاوني بمجموعة من الخصائص هي:
- مشاركة المتعلمين بشكل نشيط ؛
- تبادل الأدوار، حيث يصبح المعلمون متعلمين في بعض الأحيان، والمتعلمين يعلمون أحيانا؛
- إيلاء الاحترام لكل عضو؛
- إثارة المشاريع والأسئلة لاهتمام وتحدي الطلاب؛
- الاهتمام بالتنوع وتشجيعه، مع إعطاء قيمة لكل المشاركات؛
- تعلم الطلاب مهارات حل النزاعات عند نشوئها؛
- يستفيد الأعضاء من الخبرات والمعارف السابقة؛
- تحديد الأهداف بوضوح، وتتخذ كدليل للعمل؛
- استعمال أدوات البحث، مثل إتاحة الوصول إلى الإنترنت؛
- استثمار قدرات الطلبة في تعلمهم.[xxxv]
- تشجيع العمل المشترك وروح التعاون بين الأفراد؛
- بروز الخصائص الفردية ومميزات كل شخص؛
- وجود حوار وتفاعل وتغذية راجعة مباشة ونشيطة.
إن الطلبة داخل المكتبة يتبادلون الآراء والأفكار فيما بينهم ويعرضون مختلف وجهات النظر التي يصلون إليها، والنظريات التي تحدثت عن الموضوع، مما يجعلهم ملمين بكل جوانب الدرس المطلوب وقادرين على فهم عناصره وتذكرها في أي وقت كان، لأنها اجتهادهم الخاص. وليس تعاويذ قرأت عليهم في يوم من الأيام دون أن يفهموا طلاسمها أو يفكوا رموزها فظلت عائقا للفهم والحفظ، مطالبين بإعادتها يوم الامتحان كأمانة ردت إلى أهلها. إن إلقاء المحاضرة بعيدا عن إدماج الطالب في جو المكتبة ظل ردحا طويلا من الزمن هما يؤرق الطلبة الجامعيين وهم على أتم الاستعداد للمساهمة بشكل فعلي في تكوين أنفسهم ضمن بيئة مناسبة.
إن هذه المقاربات كفيلة بتخريج أجيال كفؤة ومؤهلة من الطلبة في مجال تخصصاتهم وتفرض على المكتبيين والقائمين على المكتبات الجامعية في الدول النامية هندسة حديثة ومساحات إضافية للعمل الجماعي، تسمح بالتقاء الطلبة والأساتذة والباحثين والمكتبيين للتعلم المشترك والمتبادل باستغلال مختلف الإمكانيات الحديثة، حيث يشاركون في فعاليات وملتقيات ومحاضرات تجري مباشرة في دول أخرى من العالم.
- عوامل نجاح التكوين على البحث في المكتبة الجامعية:
- التوســع الزمنــي:
من أهم التوجهات البيداغوجية التي يجب أن تنحاها المكتبات الجامعية هو التخلي عن النظام الزمني الإداري المعمول به، وقد اتبعت هذا الأسلوب العديد من المكتبات الجامعية في فرنسا ألمانيا بريطانيا وحتى المملكة العربية السعودية. حيث تظل المكتبات الجامعية مفتوحة إلى غاية ساعة متأخرة من الليل إضافة إلى الاستقبال أيام نهاية الأسبوع. لأن وظيفة المكتبة هي خدمة احتياجات البحث عند الجمهور في أوقات فراغهم وحاجتهم إلى المعلومات وليس في وقت ارتباطهم في أشغالهم الدراسية أو المهنية.
- التصميم الهندسي اللائق والفضاءات المريحة:
من أهم توجهات المكتبات الحديثة في استقطاب القراء والباحثين مراعاة تصاميم حديثة تجمع بين الجمالية والوظيفية في نفس الوقت. إضافة إلى ذلك توفير مساحات تتلائم مع احتياجات كل فرد في العمل الفردي المعزول أو العمل الجماعي، مع مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة كالمعوقين والمكفوفين وتسهيل طرق دخولهم إلى المكتبة، وإكسابهم الذاتية في البحث والاطلاع على الوثائق التي تناسبهم.
- موظفون متخصصون:
ينبغي أن تتوفر المكتبة على طاقم متنوع من الموظفين المؤهلين في تخصصات متعددة حتى توفر للمستفيدين منها ولروادها مختلف الخدمات المتاحة في جو من النوعية والكفاءة. فالمكتبة الحديثة في حاجة إلى متخصصين في علوم المكتبات والمعلومات، والإعلام الآلي والإدارة والتسويق، وعلم النفس، وكل تخصص من شأنه أن يخدم وظائفها وأهدافها.
- استخدام التقنيات الحديثة والتجهيزات المناسبة:
تساعد التكنولوجيات الحديثة في دعم التكوين، من خلال:
- البرمجيات البيداغوجية التي تصمم بشكل تفاعلي لتدعم المهارات الفكرية والعمليات الذهنية للطالب؛
- شبكات مكتبات جامعية للاطلاع على الوثائق ومتابعة التكوين؛
- تأثيث عصري ومريح،
- التكوين على البحث في المكتبة الجامعية الجزائرية:
على الرغم من الجهود الكثيرة والأموال الكبيرة التي تنفقها الدولة الجزائرية لدعم مسيرة المكتبات الجامعية وتطوير منشآتها وأرصدتها وموظفيها، فهي تظل بعيدة عن التيارات التربوية والتعليمية العالمية. حيث تقدم خدمة الإعارة الخارجية والداخلية كأكثر الخدمات انتشارا، دون الاهتمام بتكوين المستفيدين منها على كيفية التعامل مع مصادرها والبحث عن المعلومات من خلال فهارسها وأقسامها. ومن أسباب إهمال المكتبات الجامعية للتكوين على البحث، مايلي:
- عدم وجود هيئة واضحة المسؤوليات والواجبات تشرف على المكتبات الجامعية على مستوى الوزارة، وتحدد لها واجباتها ووظائفها.
- عدم ضبط سياسة وأهداف معينة تسير وفقها المكتبة الجامعية.
- عدم كفاءة العاملين بالمكتبات الجامعية، كون أغلبيتهم غير مكونين لأداء الوظائف المكتبية.
- إنشاء المكتبات دون دراسة علمية دقيقة للاحتياجات الحقيقية، وكذا دون مراعاة المعايير والشروط الضرورية الخاصة بالمكتبة من حيث التصميم، المساحة، الفضاءات الداخلية الموقع.
- عدم تمتع مدير المكتبة بصلاحيات كافية تسمح له بالتحكم في الموظفين وحسن تسييرهم.
- عقلية التجاهل للمكتبة الجامعية التي تطغى على الكثير من المسؤولين والأساتذة وحتى الطلبة بمؤسسات التعليم العالي.
- ضعف روح المبادرة والاجتهاد لدى الكثير من العاملين بالمكتبات الجامعية.
- برمجة مشاريع الرقمنة والتشابك في غياب ضبط سليم ومعياري للأرصدة وللعمليات الفنية .
- عدم الاحتفاظ بالسجلات الإدارية والإحصاءات في المكتبة مما يجعل العمل عشوائي.
وعلى الرغم من تعدد المسؤولية فيما يخص أزمة المكتبات الجامعية إلا أن الكل ملزم على التفكير الواعي والمساهمة في تشجيع تطوير هذه الخلايا الفكرية المهمة لدعم الإبداع والابتكار في المجتمع، “لأن أحسن الإصلاحات، تنعكس ضد نفسها، إذا لم تجتمع الشروط الفعلية لنجاحها”[xxxvi]، والمكتبة الجامعية عامل أساسي وواحد من شروط إنجاح نظام LMD.
- تجربة جامعة بدون مكتبة:
عند الحديث عن المكتبة الجامعية ومختلف الأدوار التي يمكنها أن تؤديها، والمشاكل التي تعانيها يتبادر إلى ذهن الكثيرين أن هذا عصر انترنت وشبكات معلومات رقمية ومتعددة الوسائط، ولا حاجة لوجود المكتبات. وربما ذهل الجميع عند استعمال الانترنت للمرة الأولى، لما تعرضه من نتائج كثيرة، ومعلومات هائلة ومتنوعة حول موضوع البحث المطلوب.
لقد عمدت جامعة مونتري الحكومية ( ولاية في كاليفورنيا الأمريكية ) التي افتتحت حديثا, إلى تجاهل تخصيص مبنى للمكتبة. لكنهم في السنتين الأخيرتين وجدوا أنفسهم يشترون كتبا بعشرات الآلاف من الدولارات لأنهم لم يجدوا ما يحتاجونه على الانترنت. كذلك قامت جامعة ولاية كاليفورنيا التقنية الحكومية ( التي تعد معقل أفضل مهندسي الحواسيب في العالم ) بدراسة تبني مكتبة افتراضية متكاملة وذلك لمدة سنتين. ثم اقترحوا إعداد مكتبة تقليدية بتكلفة 42 مليون دولارا مع مكونات عالية التقنية[xxxvii]. الأمر الذي يشير إلى أنه لم يحن الوقت بعد للتخلي عن المكتبة بأرصدتها الورقية لحساب المكتبة الافتراضية تستغني وتغني المستفيدين منها عن مصادر المعلومات التقنية.
إن الإعجاب بالتقنيات الحديثة والوسائط المتعددة التي تعرضها شبكة الانترنت يجعل الكل يراها كمصدر معلومات مثالي، لكن استمرار استعمالها لمدة طويلة يجعل المستعمل يكتشف الكثير من سلبياتها:
- يمكن تمثيل الانترنت بالمكتبة الضخمة غير المنظمة وغير المفهرسة. وبصرف النظر عن محرك البحث الذي تستخدمه أو حتى مجموعة المحركات مجتمعة, فإنه لا يمكن بحث المحتوى الكامل للانترنت. وهذه حقيقة برغم أن العديد من المحركات تدعي أن في إمكانها ذلك، لكنها تفشل في القيام ببحث موجودات كامل الشبكة. فكثيرا ما شبهت شبكة انترنت بالجبل الجليدي الذي ما خفي منها أكبر بأضعاف مما يظهر، ومما هو خفي عبر الشبكة المواقع المهمة والتي تتطلب كلمات مرور خاصة للولوج إليها ولا تستطيع المحركات استرجاعها.
- الكتب القيمة والدوريات العلمية المهمة لا يمكن أن إيجادها على الشبكة مجانا, بل بأسعار كبيرة جدا، كما أن الأفراد والمؤسسات التي تدفع تستطيع الوصول فقط للاطلاع وليس التملك لمصادر المعلومات.
- ضرورة الصيانة المستمرة للأجهزة والبرمجيات التي كثيرا ما تتعرض للعطب نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، أو نهاية مدة صلاحية البرنامج أو دخول فيروس معين للجهاز الأمر الذي يتطلب مصاريف إضافية وعمال مختصين، إضافة للأسعار المرتفعة للأجهزة المتعددة المستعملة والبرمجيات.
- آلام الظهر والرأس والعينين، والإرهاق الشديد نتيجة التركيز على شاشة الحاسوب والتعرض للإشعاعات التي تصدرها الأجهزة.
- ندرة التجانس بين الأجهزة والبرمجيات في مناطق متعددة من العالم، ونقص الجودة في البيانات والوثائق المتداولة عبر الشبكة نظرا لتعرضها للتغيرات لاختلاف نوعيات الأجهزة المستعملة في إعدادها وقراءتها.
- غياب المصداقية والمنهجية العلمية: انفتاح الانترنت أمام الجميع يجعلها مجالا يدلي فيه كل إنسان بما لديه من آراء وأفكار ونظريات وتوجهات مهما كانت تافهة وغير جدية ولا معنى لها.
ينبغي أن يقتنع الطلبة أن الرهان الحقيقي للثقافة، التوثيق والبحث عن المعلومات هو حقيقة أبعد من إطلاع بسيط على نتائج قام بها محرك بحث![xxxviii]، وعليه فمن الضروري التريث والاهتمام بالبحث الوثائقي المعتمد على الأرصدة الوثائقية المحكمة، مع الاطلاع الواعي والناقد لما ينشر عبر صفحات الواب.
خاتمـــة:
لم تعد الجامعة فضاءا ينظم ويتحقق فيه اكتساب المعرفة ونقلها وإنتاجها وتطويرها ونشرها فحسب، بل باتت تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى كعامل فاعل وحاسم في التنمية وتحقيق التنافسية. ونظام LMD يتكفل بهذا البعد المزدوج من خلال إدخال ممارسات بيداغوجية جديدة ومقاربات ابتكارية في بناء برامج التعليم مستوحاة مباشرة من احتياجات المجتمع وكذا من خلال تطوير قدرات البحث وتطبيقاته. ويقتضي هذا النظام كذلك إعادة تحديد المهام البحثية الموكلة للجامعة في علاقتها مع القطاع الاجتماعي والاقتصادي، وكذا إعادة ضبط أشكال مشاركتها في حل المشاكل المرتبطة بالنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي. فهو نظام يدعم ويرافق كل سياسة ترمي إلى ترقية الابتكار وتوسيع قدرات امتلاك التكنولوجيا في إطار شراكة ديناميكية تجمع بين الجامعات ومخابر البحث والمؤسسات العمومية والخاصة وحتى الهبات المالية والمستثمرين المحتملين[xxxix]. كما تظل المكتبات الجامعية في كل النظم وخاصة LMD شريكة نجاح الطالب، فهي “الواجهة وحلقة الوصل للمعلومات المناسبة والمكيفة مع جمهور ومجتمع الجامعة والمنطق يقضي بتوفير المتطلبات حتى تقدم عرضا لخدمات مناسبة لكل جمهور”[xl]. وعليه فالاهتمام بالمكتبة الجامعية وتوفير الشروط الضرورية لتطويرها، وجعلها مرفقا فاعلا في عملية التعليم العالي والبحث العلمي، يعد عنصرا جوهريا ومهما جدا تحقيقه، حتى نضمن جودتهما ومردوديته
[i] . الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد ( جمهورية مصر العربية). دليل تقويم واعتماد الجامعات. [على الخط]
< http://www.naqaae.org/main/pdf/uni/manuals/universities_accreditation_manual.pdf> 02/05/2009
[ii] . معوض، صلاح الدين إبراهيم. المناخ المؤسسي السائد في إدارة التعليم الجامعي: دراسة ميدانية لجامعة المنصورة. التعليم الجامعي في الوطن العربي: الكتاب السنوي في التربية وعلم النفس. القاهرة: دار الفكر العربي، 1987. ص. 329.
[iii] . الترتوري، محمد عوض، تويجان، أغادير عرفات. إدارة الجودة الشاملة في مؤسسات التعليم العالي والمكتبات ومراكز المعلومات. عمان: دار المسيرة، 2006. ص.76
[iv]. غيات، بوفلجة. التربية والتعليم بالجزائر. وهران: دار الغرب للنشر والتوزيع،2006. ص. 77.
[v] . Ministère de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche Scientifique. Le Système LMD : entre implémentation et projection. Actes du Colloque International, Alger 30 et 31 Mai 2007.
[vi]. وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية). إصلاح التعليم العالي.
[vii] . Djekoun, Abdelhamid. Reforme LMD en Aalgerie : Etat des lieux et perspectives. Le Système LMD : entre implémentation et projection. Actes du Colloque International, Alger 30 et 31 Mai 2007. p. 32
[viii]. دياب، حامد الشافعي. إدارة المكتبات الجامعية: أسسها النظرية وتطبيقاتها العملية. القاهرة: دار غريب،[د.س. ].ص. 69.
. وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية). المرسوم رقم 03-279. ص.5.[ix]
[x]. عزالدين، السعيد. الاجراءات المكتبية.بغداد: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،1980.ص.45.
[xi]. المرجع نفسه.ص.44.
[xii]. حسن، سعيد أحمد. المكتبة الجامعية. بيروت: دار الجيل، 1996. ص.15.
[xiii]. السباعي، مصطفى. من روائح حضارتنا. الجزائر: دار الصديقية، 1980. ص.225
[xiv]. حسن، زينب حسن. دراسة تحليلية لتجربة الجامعات الإقليمية في مصر . التعليم الجامعي في الوطن العربي: الكتاب السنوي في التربية وعلم النفس. القاهرة: دار الفكر العربي، 1987. ص.178.
[xv]. الحداد، فيصل عبد الله حسن. خدمات المكتبات الجامعية السعودية. الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 2003. ص.80.
[xvi]. بدر، أحمد، عبد الهادي، محمد فتحي. المكتبات الجامعية: تنظيمها، إدارتها، خدماتها ودورها في تطوير التعليم الجامعي والبحث العلمي. القاهرة: دار غريب، 2001. ص. 25.
[xvii]. الحداد، فيصل عبد الله حسن. المرجع السابق. ص. 178.
[xviii]. الحداد، فيصل عبد الله حسن. المرجع السابق.ص.ص. 78-79.
[xix] Dion , Henriette , Gaudreau, Louis, Godin, Maud. La maîtrise de l’information : un défi à partager. Documentation et Bibliotheques, avril-juin 1996, p. 81-85
[xx] . Dion , Henriette , Gaudreau, Louis, Godin, Maud. Op.cit.
[xxi] . Devroy, Jean-Pierre, et al . La place de la bibliothèque dans la formation documentaire. [en-ligne] .<http://dipot.ulb.ac.be:8080/dspace/bitstream/2013/16277/1/jpd-0122.pdf>
[xxii] . تعود صفة المعلوماتية في النص على مصادر المعلومات، وليس على النظم الحاسوبية.
[xxiii]. Hinchliffe, Lisa Janicke.Nouveaux développements en maîtrise de l’information.BBF. 2005, t. 50, no 6.p. 56
[xxiv] . Ibid.p.57
[xxv] . ENSSIB. Présentation du service FORMIST. [en- ligne] http://www.enssib.fr/formist/presentation
[xxvi] . يونس,عزيز . تقنية المعلومات. بنغازي، جامعة قازيونس، 1994 .ص.65.
[xxvii] Pochet, Bernard, Thirion, Paul . Formation documentaire et projets pédagogiques . BBF. T. 44 n° 1.1999.p.p. 16-17.
[xxviii] . International Standard Serial Number. International Center. TOTAL NUMBER OF RECORDS IN THE ISSN REGISTER. [en- ligne] <http://www.issn.org/files/issn/statistiques/total_numberofrecords.pdf>
[xxix] . بوعشة، محمد. أزمة التعليم العالي في الجزائر والعالم العربي: بين الضياع والأمل في المستقبل. بيروت: دار الجيل،2000. ص. 123.
[xxx] .Bernard, Pochet. Former a l’information..Et ailleurs ?.Actes du séminaire national :De l’information à la connaissance. Poitiers : Publications de la Dgesco,71-76. www.edudoc.be/Pochet2007.pdf
[xxxi] . Boukhelif, Aoued, Tifour, Djamila. Problem-Base Learning (approche par problèmes (APP): de l’accumulation des connaissances vers leur intégration et transfert par résolution de problèmes. [en- ligne] <isdm.univ-tln.fr/PDF/isdm25/BoukelifTifour_TICE2006.pdf> 12/10/2009
. شحاتة، حسن. التعليم الجامعي والتقويم الجامعي: بين النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب، 2001. ص. 47.[xxxii]
[xxxiii] . Stordeur, Joseph. Enseigner et/ou apprendre. Bruxelles : Ed. De Boecker,2006. P. 21.
[xxxiv] . Pochet, Bernard. Former a l’information..Et ailleurs ?.Actes du séminaire national :De l’information à la connaissance. Poitiers : Publications de la Dgesco,71-76. [en- ligne] <www.edudoc.be/Pochet2007.pdf>
[xxxv]. Concept to class room : a series of workshops. [en- ligne] <http://www.thirteen.org/edonline/concept2class/coopcollab/index.html>
[xxxvi] . Dubois, Anne-Céline. LMD et formation a la recherche documentaire en bibliothèques universitaire : ruptures ou continuité. Mémoire d’étude. Diplôme de conservateur de bibliothèque. Paris, ENSSIB.
[xxxvii] .الزهري، سعد بن سعيد. هل تغني الانترنت عن المكتبة. المعلوماتية. [على الخط]
< http://informatics.gov.sa/details.php?id=36 > 15/07/2009
[xxxviii] . Dupuis, Richard. Les Bibliothèques Universitaires, partenaires de la réussite étudiante : le point de vue d’un enseignant] en ligne[ <http://www.abf.asso.fr/IMG/pdf/dupuis.pdf> 15/07/2009.
[xxxix] .Ministere de l’Enseignement Superieur et de la Recherche Scientifique. Op.Cit.p.13.
[xl] . Dupuis, Richard.Op.Cit